الراعي يحذر من إقصاء الدور الماروني في الاستحقاق الرئاسي بلبنان

البطريرك الماروني يؤكد أن انتظار التوافق سيف ذو حدين، مشددا على أن الدساتير وضعت لانتخاب رئيس للجمهورية لا لإحداث شغور.
الأحد 2022/09/25
الراعي: هل الشغور صار عندنا استحقاقا دستوريا، لا الانتخاب؟

بيروت – حذّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأحد من مساعي تعطيل الاستحقاق الرئاسي في لبنان، ومن إقصاء الدور الماروني عن السلطة.

وقال البطريرك الراعي، في كلمته خلال عظة قداس الأحد، إن "أي سعي لتعطيل الاستحقاق الرئاسي يهدف إلى إسقاط الجمهورية، وإقصاء الدور المسيحي وتحديدا الماروني عن السلطة".

وتساءل قائلا "بأي راحة ضمير، ونحن في نهاية الشهر الأول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، والمجلس النيابي لم يدع بعد إلى أي جلسة لانتخاب رئيس جديد، فيما العالم يشهد تطورات هامة وطلائع موازين قوى جديدة من شأنها أن تؤثر على المنطقة ولبنان؟".

وتلزم المادة 73 من الدستور اللبناني مجلس النواب، إذا لم يُدْعَ لانتخاب رئيس جديد، بالاجتماع حكما لهذا الغرض في اليوم العاشر قبل انتهاء ولاية الرئيس عون.

وقال "صحيح أن التوافق الداخلي على رئيس فكرة حميدة، لكن الأولوية تبقى للآلية الديمقراطية واحترام المواعيد، إذ إن انتظار التوافق سيف ذو حدين، خصوصا أن معالم هذا التوافق لم تلح بعد".

وأضاف أن "انتخاب الرئيس شرط حيوي لتبقى الجمهورية ولا تنزلق في واقع التفتت الذي ألمّ بدول محيطة"، مؤكدا أن طريق الخلاص من الأزمة السياسية الحالية بلبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية بالاقتراع لا بالاجتهاد، ومن دون التفاف على هذا الاستحقاق المصيري.

وتابع "إن الدساتير وضعت لانتخاب رئيس للجمهورية، لا لإحداث شغور رئاسي، فهل الشغور صار عندنا استحقاقا دستوريا، لا الانتخاب؟".

ومطلع سبتمبر الجاري، بدأت مهلة انتخاب رئيس جديد للبنان من جانب أعضاء مجلس النواب، وتنتهي في الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل، وذلك خلفا للرئيس الحالي ميشال عون الذي يتولى المنصب منذ عام 2016.

لكن ثمة مخاوف من حدوث فراغ رئاسي محتمل يعمق الأزمتين السياسية والاقتصادية، في ظل متغيرات وخلافات، ما يعيد إلى الأذهان فراغا رئاسيا استمر 29 شهرا وانتهى بانتخاب عون.

واعتبر البطريرك الماروني أن "لبنان يحتاج اليوم لكي ينهض حيا إلى حكومة جديدة تخرج عن معادلة الانقسام السياسي القديم بين 8 و14 مارس، وتمثل الحالة الشعبية التي برزت مع انتفاضة السابع عشر من أكتوبر، ومع التنوع البرلماني الذي أفرزته الانتخابات النيابية في مايو الماضي".

وقال إن "الظروف تتطلب حكومة وطنية سيادية جامعة تحظى بصفة تمثيلية، توفر لها القدرة على ضمان وحدة البلاد، والنهوض الاقتصادي، وإجراء الإصلاحات المطلوبة".

وأضاف البطريرك الراعي "ليس من الطبيعي على الإطلاق ألا يحصل الاستحقاق الرئاسي، وألا تنتقل السلطة من رئيس إلى رئيس، وليس طبيعيا كذلك أن يمنع كل مرة انتخاب رئيس لكي تنتقل صلاحياته كل مرة إلى مجلس الوزراء.. الاستحقاق الرئاسي واجب، لكي لا ندخل في مغامرات صارت خلف الأبواب".

وحذّر من أن عدم انتخاب رئيس سيؤدي إلى أخطار أمنية واضطرابات سياسية وشلل دستوري، واتهم قوى سياسية (لم يسمها) بممارسة هذا الأداء التدميري.

وما زال اللبنانيون يبحثون عن مرشح "إنقاذ" توافقي لمنصب رئيس البلاد، قبل نهاية المهلة الدستورية المقررة في الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل.

ولا تلوح حتى الآن أي بادرة لانفراجة أو الوصول إلى توافق بين القوى السياسية اللبنانية على رئيس جديد، ينتخبه مجلس النواب اللبناني.

وما لم يتم هذا الاتفاق على مرشح توافقي لمنصب الرئيس، فسيكون لبنان على موعد مع تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حين شهدت البلاد فراغا رئاسيا استمر لمدة عامين ونصف العام، نتيجة تعطيل حزب الله وحلفائه النصاب قبل التوصل إلى تسوية قادت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا.

وفي ظل التوازنات الهشة داخل المجلس النيابي المنبثق من الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو الماضي، يبدو من الصعب تأمين نصاب قانوني لجلسة انتخاب رئيس للبلاد دون التوصل إلى نوع من الاتفاق أو تسوية معينة بين العدد الأكبر من الكتل النيابية.

ويتطلب انتخاب الرئيس اللبناني حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب (86 من أصل 128).

ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر وانهارت معها العملة الوطنية مقابل الدولار، وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات بشكل هائل، وذلك بالتوازي مع الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.