الرئيس سعيد يوجه رسالة طمأنة للخارج: تونس ستبقى أرض التسامح بين الأديان

كبير أحبار اليهود في تونس: الرئيس طمأننا ومنحنا ضمانات.
الجمعة 2023/05/19
تونس تتسع للجميع بدون تمييز

شكل اللقاء الذي عقده الرئيس التونسي قيس سعيد بكل من مفتي تونس وكبير أحبار اليهود وكبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية، رسالة طمأنة جديدة للخارج ولقطع الطريق أمام مسعى البعض لتوظيف عملية جربة لتشويه صورة البلاد.

تونس - وجه الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه برؤساء الطوائف الإسلامية واليهودية والمسيحية في بلاده رسالة للعالم بأن بلاده ستبقى دائما بلد “التسامح بين الأديان كلها”.

جاء ذلك بعد أسبوع على الاعتداء الدامي الذي وقع في جزيرة جربة تزامنا مع مراسم حج “الغريبة”، والذي أدى إلى قوع ضحايا معظمهم من الأمنيين، فيما قتل مدنيان.

واستقبل سعيّد في قصر قرطاج كلا من مفتي تونس الشيخ هشام بن محمود وكبير أحبار اليهود في تونس حاييم بيتان وكبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية بتونس إيلاريو أنطونيازي.

وبثّت الرئاسة التونسية تسجيل فيديو لجانب من الاجتماع قال خلاله سعيّد إنّه أراد من هذا اللقاء أن “تكون الصورة موجّهة إلى العالم أجمع بأنّ هناك دولة، وهناك تسامحا بين الأديان كلّها، وهذا الأمر ليس جديدا في تونس بل هو راسخ منذ قرون”.

زهير المغزاوي: عملية جربة خلقت لبسا، وهناك من سعى إلى توظيفها
زهير المغزاوي: عملية جربة خلقت لبسا، وهناك من سعى إلى توظيفها

وخلال اللقاء أكّد سعيّد أنّ التحقيقات جارية لتحديد من يقف خلف هذا الاعتداء. ومساء الأربعاء، أفادت إذاعة “موزايك أف.أم” الخاصة بأنّ أربعة أشخاص على صلة بالمهاجم، أوقفوا وأودعوا الحبس الاحتياطي للاشتباه بضلوعهم في الاعتداء.

وكانت بعض الأصوات الغربية، بينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اعتبرت أن الهجوم يندرج في سياق معاداة السامية، وقال ماكرون في تغريدة أثارت غضب السلطة السياسية في تونس “سنكافح معاداة السامية دائما ودون كلل”، معبرا عن قلقه من العملية التي كان من بين ضحاياها مواطن يحمل الجنسية الفرنسية.

وفي اجتماعه مع القادة الروحيين الثلاثة، قال سعيّد “أرحّب بكم في هذا اللقاء وأعتبره من بين أهمّ اللقاءات التاريخية التي تبرز التسامح والتعايش الثابتين في تونس منذ قرون وقرون”.

وتابع سعيّد مخاطبا كبير أحبار اليهود “عيشوا في تونس مواطنين آمنين كسائر المواطنين، فإن لحقكم أذى فهو يؤذينا”.

وأضاف “سنؤمّن معابدكم، وهي مؤمّنة، وممارسة شعائر دينكم، ولنجتثّ معا بذور الفتنة والفرقة التي يريد أعداء وطننا العزيز إشعالها”.

لكنّ الرئيس التونسي توّجه إلى “الذين يريدون الترتيب لسفك الدماء عبر فرض ما يسمّى بالتطبيع، فليعلموا أنّه لا وجود في قاموس شعبنا في تونس لهذا المفهوم، ونحن نفرّق بين اليهودية والصهيونية”.

ودعا سعيّد المجتمع الدولي إلى العمل من أجل “وضع حدّ لمأساة الشعب الفلسطيني حتى يستردّ حقّه في أرضه ويقيم دولته وعاصمتها القدس الشريف”.

وقال أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي إن “الرئيس سعيد أراد من خلال اللقاء بعث رسالة للخارج مفادها أن تونس أرض للتسامح وليست أرضا لمعاداة اليهود، وبأن البلاد تحترم اليهودية كدين وليست كحركة صهيونية”.

زهير حمدي: تونس كانت منذ القديم حامية لحقوق الجميع
زهير حمدي: تونس كانت منذ القديم حامية لحقوق الجميع

وأضاف المغزاوي في تصريح لـ”العرب” أن “عملية جزيرة جربة خلقت لبسا في ذلك، وربما هناك أطراف معادية لمسار الخامس والعشرين من يوليو أرادت توظيف ذلك بالترويج لكون تونس معادية لليهودية، لكن أعتقد أن اللقاء جاء ليوضّح كل ذلك”.

وفي أعقاب اللقاء، قال كبير أحبار اليهود في التسجيل نفسه إنّ “اللقاء كان ممتازا”، مؤكّدا أنّ رئيس الجمهورية “تكلّم بما في قلب الجميع… لقد طمأننا بأنّنا نحن يهود تونس نعيش كسائر التونسيين وأعطانا ضمانات بأنّ ما حصل لن يتكرّر مرة أخرى إن شاء الله”.

وقال زهيّر حمدي، أمين عام التيار الشعبي، إن “اللقاء جاء على خلفية تداعيات عملية جربة الأخيرة، حيث أراد اللوبي الصهيوني حول العالم توظيف هذه العملية في الضغط على الرئيس سعيد لتحقيق مكاسب تتعلق بالتطبيع المرفوض أصلا من الرئيس، وتقديم تنازلات بشأن استقلال القرار في البلاد”.

وأكّد في تصريح لـ”العرب” أن “الرئيس سعيّد أراد أن يؤكد أن تونس أرض للتعايش السلمي دون تمييز والدولة كانت منذ القديم حامية لحقوق الجميع، فضلا عن تجاوز الخلط بين الصهيونية واليهودية”.

وكان سعيّد نفى الجمعة وجود أيّ معاداة للسامية لدى الدولة التونسية بعدما نفّذ شرطي عملية إطلاق نار دامية أمام كنيس يهودي في جزيرة جربة.

وبدا أن تصريحات سعيد موجهة أساسا إلى نظيره الفرنسي، وقال الرئيس التونسي حينها “من الغريب أننا في القرن الحادي والعشرين لا يزال البعض يتحدث على سام وحام، إلا إذا كان هؤلاء يريدون الإبقاء على بذور التفرقة والاستفادة من هذا الخطاب”.

وأكد سعيّد أن “تونس ستبقى آمنة بالرغم من المحاولات اليائسة للمسّ باستقرارها”، وأثنى “على الجهود التي بذلتها وتبذلها قواتنا المسلحة العسكرية والأمنية في إحباط كل المخططات التي تستهدف مؤسسات الدولة والسلم الأهلي”.

وقال الرئيس التونسي إن “الذين يخططون لسفك الدماء هم أنفسهم الذين يسعون إلى افتعال الأزمات بشتى السبل لتأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وللتنكيل بالشعب في قوته ومعاشه”.

ووقع الهجوم مساء الثلاثاء في الوقت الذي أكمل فيه المئات من اليهود الزيارة السنوية إلى كنيس الغريبة الأقدم في أفريقيا.

وقُتل ثلاثة من عناصر الشرطة واثنان من الزوار، أحدهما يحمل الجنسيتين التونسية والإسرائيلية والآخر فرنسي – تونسي، برصاص المهاجم قبل أن يرديه رجال الأمن.

ونددت السلطات التونسية بالهجوم “الإجرامي”، لكنها امتنعت عن وصفه بـ”الإرهاب” أو إضفاء بعد معاد للسامية عليه.

وتعتبر زيارة الغريبة من صميم تقاليد التونسيين اليهود الذين يبلغ عددهم 1500 نسمة فقط مقارنة بـ100 قبل الاستقلال في عام 1956.

ويجتذب الاحتفال في جربة عادة المئات من الزوار اليهود من أوروبا وإسرائيل، ويقام تحت إجراءات أمنية مشددة منذ أن هاجم متشددون تابعون لتنظيم القاعدة الكنيس عام 2002 بشاحنة ملغومة، مما أدى إلى مقتل 21 سائحا غربيا.

اقرأ أيضا: 

4