الرئيس الموريتاني السابق يشكل تحالفات سياسية لمواجهة سلطة الغزواني

السلطات الموريتانية تراقب بحذر تحركات ولد عبدالعزيز ولم تصدر أي مواقف على نشاطاته.
الثلاثاء 2022/11/15
ولد عبدالعزيز يطمح إلى استعادة كرسي السلطة

نواكشوط - أثارت تحركات الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز وعقده تحالفات سياسية مع حركات زنجية معارضة، استفزاز الحزب الحاكم في موريتانيا الذي وصف مثل هذه التحركات بـ”الهدامة”.

ومنذ مغادرته موريتانيا في سبتمبر الماضي بداعي العلاج في فرنسا، سجل للرئيس السابق (65 عاما) ظهور إعلامي متكرر وعقد لقاءات موسعة مع الجالية الموريتانية لاسيما في فرنسا وبلجيكا، وهو ما اعتبره مراقبون رغبة من ولد عبدالعزيز في العودة مجددا إلى المشهد، وإيصال رسالة إلى السلطة الحاكمة بفشل جهود تحييده.

وتعاطت السلطة السياسية التي يقودها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بحذر مع تحركات ولد عبدالعزيز ولم تصدر أي مواقف أو تعليقات على نشاطاته، لكن اجتماعه مع قادة من حركة “المشعل الأفريقي” التي تعرف اختصارا بـ”أفلام”، والتوصل إلى توافق معها لتشكيل منصة للتشاور تكون منطلقا لتشكيل جبهة سياسية موسعة، أثار استفزازها وعمّق قلقها، خصوصا وأن البلاد مقبلة على استحقاقات انتخابية ساخنة.

وهاجم حزب “الإنصاف” الحاكم، التقارب الجاري بين ولد عبدالعزيز و”أفلام”، وقال الحزب في بيان له إنه كان من الأولى بأحد الأطراف التفرغ “لتبرئة نفسه والدفاع عن خطيئته في حق الوطن”، في إشارة إلى ولد عبدالعزيز.

الحزب الحاكم في موريتانيا يهاجم التحالف بين الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز و حركة «أفلام»، ويصفه بالهدام

ويواجه ولد عبدالعزيز اتهامات بالفساد وتبديد المال العام، وإساءة التسيير خلال فترة حكمه للبلاد من عام 2009 إلى العام 2019، لكنه يرفض هذه الاتهامات ويعتبرها ذات خلفية سياسية، تستهدف إقصاءه.

وقال حزب “الإنصاف” في بيان له إنه “طالع منشورا لمن يسمون أنفسهم ملتزمون من أجل موريتانيا موحدة”، مشيرا إلى أن التحالف بين ولد عبدالعزيز و”أفلام” يحاول وبطريقة فجة “وعارية من المصداقية تشويه صورة ما أحرزته بلادنا من تقدم على مستويات عدة”.

وأعرب الحزب الحاكم عن تنديده بما أسماها “الرعونة” التي طبعت الإعلان ولفحواه المتهافت، مؤكدا أن موريتانيا بإرادة أبنائها، ليست في حاجة إلى “التزام” من أيّ كان.

وقال إن التقاء الطرفين يعد “برهانا على أنهما لا يفيان بأي التزام سوى المصالح الشخصية الضيقة والهدامة”. ووصف الحزب مسيرة أحد الأطراف بأنها حافلة بالإساءات المتكررة لوحدة الوطن وتماسك لحمته الاجتماعية، في إشارة إلى حركة “أفلام”.

وحركة “أفلام” حركة سياسية - حقوقية ظهرت في العام 1986، للدفاع عن الموريتانيين من أصول أفريقية في مواجهة “مجموعة البيضان”، في إشارة إلى العرب. وخاضت هذه الحركة مواجهات دامية مع السلطة القائمة، التي كان يهيمن عليها التيار القومي العروبي في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن تضطر قيادتها إلى الخروج إلى المهجر في العام 1989، وتتخذ من عدد من العواصم الأفريقية والأوروبية مركزا لنشاطاتها.

وشكل وصول ولد عبدلعزيز إلى السلطة في العام 2009، مؤشرا لانفراجة في العلاقة بين الحركة الزنجية والسلطة، وهو ما ترجم في إعلان قادتها في العام 2013 العودة إلى نواكشوط.

ويقول مراقبون إن الرئيس السابق حرص خلال فترة حكمه على احتواء الحركة، بدل خيار المواجهة، وهو الأمر الذي مهد له الآن الطريق أمام التحالف معها، وهو تحالف يأمل ولد عبدالعزيز أن تلتحق به قوى أخرى من المعارضة لخلق جبهة سياسية ضاغطة على سلطة الغزواني.

وأعلن الرئيس الموريتاني السابق وحركة “أفلام” السبت عن تشكيل منصة للتشاور والمتابعة تحت مسمى “ملتزمون من أجل موريتانيا موحدة”، عقب اجتماع عقده الطرفان في العاصمة الفرنسية باريس.

وقال الحلف الوليد، في بيان، “إننا، نحن المواطنين الموريتانيين، بثراء تنوع أجناسنا، وإيمانا منا بضرورة الحفاظ على وحدتنا الوطنية، وتطلّعا منا إلى بناء موريتانيا قوية ومزدهرة، ثرية بتنوع مكوناتها، متصالحة مع ذاتها وموحدة، وحرصا منا على خلق إطار تعاضدي للسير معا لترسيخ القيم الجامعة من مصالحة ومساواة من أجل العدالة والإنصاف، اجتمعنا، يوم السبت 12 نوفمبر 2022، في باريس، تحت إشراف الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، رفقة وفد من إخوتنا في حركة ‘أفلام’، لتكوين منصة للتشاور والمتابعة تسمّى: ملتزمون من أجل موريتانيا موحدة”.

ودعا الحلف “جميع المواطنين الموريتانيين المؤمنين بالحرية والعدالة والسلام إلى الانخراط بصدق في هذا المسار من أجل إعادة تأسيس موريتانيا وبنائها موحدة وديمقراطية، موريتانيا التي سيجد فيها كل مواطن الحقوق والطمأنينة والأمل والازدهار”.

ولد عبدالعزيز يواجه اتهامات بالفساد وتبديد المال العام، وإساءة التسيير خلال فترة حكمه للبلاد

واعتبر أن تأسيسه جاء “وقوفا ضد الانتكاسات الخطيرة والمتتالية التي شهدها النظام الديمقراطي في موريتانيا، في الآونة الأخيرة من تراجع لمستوى الحريات الفردية والجماعية ومن انتهاكات متكررة للقانون”.

وقال إن “تأسيس الحلف يأتي بسبب المضايقات والقيود المفروضة على الصحافة والإعلام الحر في ظل انتشار الفساد والمحسوبية والزبونية وسوء الإدارة وتدهور الحالة المعيشية للمواطنين وتسارع التضخم وازدياد الفقر، ونظرا إلى توغل النزعة الجهوية والقبلية والعشائرية والطائفية وتصدرها بشدة، للمشهد السياسي الوطني”.

ونقل موقع “بوين شو” الإخباري عن مصادر مقربة من الرئيس السابق في وقت سابق أنه سيجري الإعلان قريبا عن جبهة سياسية مضادة لنظام الرئيس الغزواني تسمّى تحالف قوى التغيير. وذكرت المصادر أن “الجبهة ستضم في صفوفها عددا من الموريتانيين المقيمين في الخارج، وخاصة في أوروبا وأميركا، وأن هدفها هو فرض تغيير سياسي سلمي في موريتانيا”.

وأكد الموقع أن الرئيس السابق سيعود إلى موريتانيا يوم 21 نوفمبر الجاري، بعد أسابيع قضاها بين الفحوص الطبية واللقاءات السياسية مع الجاليات الموريتانية في الخارج.

ويرى مراقبون أنه من غير المرجح أن تنظمّ قوى المعارضة الرئيسية في الداخل لهذا لتحالف، في ظل وجود مؤاخذات كبيرة على فترة حكم ولدعبدالعزيز، فضلا عن أن لديها تحفظات على حركة “أفلام” التي تنظر إليها كحركة عنصرية انفصالية.

4