الرئيس الفرنسي يواجه ضغوطا سياسية بسبب تفشي وباء كورونا

باتت مواجهة جائحة كورونا في فرنسا قضية سياسية بالأساس، حيث يحاول الخصوم السياسيون للرئيس إيمانويل ماكرون استغلال تعليقاته لإبراز عجرفته في أعين الناخبين، في وقت سجلت فيه البلاد حالات إصابة يومية قياسية بالفايروس تعد الأعلى في أوروبا.
باريس - يسعى الخصوم السياسيون للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى استغلال الظرف الصحي المأزوم تبعا لانتشار وباء كورونا بالبلاد، في خطوة لإضعافه سياسيا وإرباك صورته في تطلعات الناخبين، قبل أشهر قليلة من خوض غمار الانتخابات الرئاسية في أبريل القادم.
وتحاول السلطات الفرنسية احتواء تفشي متحوّر أوميكرون من وباء كورونا، بعدما سجلت فرنسا 332 ألفا و252 حالة إصابة جديدة، وذلك بعد يوم من تصريح الرئيس إيمانويل ماكرون، قبل أربعة أشهر من إجراء الانتخابات، بأن استراتيجية التطعيم التي تتبعها حكومته تهدف إلى مضايقة الذين لم يحصلوا على اللقاح.
ومنذ يومين، قال ماكرون إنه مصّمم على “تنغيص حياة غير الملقحين”، متسببا بجدل في البرلمان حيث تسعى الحكومة بصعوبة إلى تمرير نص يفرض الشهادة الصحية لمكافحة كوفيد - 19.

غابريال أتال: نواجه صعوبات في مسألة فرض الالتزام بالجواز الصحي
وأضاف الرئيس الفرنسي في مقابلة لصحيفة “لو باريزيان” المحلية “أريد حقا أن أنغّص على غير الملقحين حياتهم، وبالتالي، سنواصل القيام بذلك حتى النهاية، هذه هي الاستراتيجية”. مضيفا “لن أضعهم في السجن، ولن أقوم بتلقيحهم بالقوة، وبالتالي يجب أن نقول لهم: اعتبارا من الخامس عشر من يناير، لن تتمكنوا من الذهاب إلى مطعم، ولن تتمكنوا من تناول قهوة في مقهى، أو الذهاب إلى المسرح أو السينما”.
وأثارت التصريحات جدلا داخل الجمعية الوطنية وأرغمت رئيس الجلسة على تعليق أعمالها ليلا بسبب الفوضى التي أحدثتها، إلا أن النواب استأنفوا مناقشاتهم حول الشهادة الصحية في أجواء هادئة نوعا ما، بعد تصويت مفاجئ رفض مواصلة النقاش.
واستغل الخصوم السياسيون لماكرون تعليقاته لإبراز عجرفته في أعين الناخبين، في مسعى إلى إضعاف دوره السياسي والتأثير في مكانته الشعبية لدى الفرنسيين.
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أن البرلمان الفرنسي وافق الخيمس، على تشريع جديد، يتيح للحاصلين على جرعات اللقاح كاملة فقط الذهاب للمطاعم وزيارة المتاحف وحضور الحفلات، وحتى ركوب القطارات والطائرات.
ويتعين أن يحظى القانون بموافقة مجلس الشيوخ قبل أن يصبح قانونا، وقال رئيس الوزراء جان كاستكس إنه يتوقع أن يدخل التشريع حيز التنفيذ في الخامس عشر من يناير الجاري.
ويمكن لهذا التشريع أن يوقف الحياة بالنسبة إلى من يعارضون الحصول على اللقاح، الذين يسعى خصوم ماكرون مثل مارين لوبان إلى اجتذابهم.
ومن جانبه، يعتمد ماكرون على غضب الناخبين الذين يتبعون الإجراءات الاحترازية، ويتوقون لعودة الحياة إلى طبيتعها بعد عامين من الاضطرابات.
وأظهر استطلاع للرأي الأربعاء شمل 855 شخصا، أن 53 في المئة من الشعب الفرنسي شعروا بالصدمة من التعليقات التي أدلى بها الرئيس لصحيفة لو باريزيان.
وقال المتحدث الرئاسي غابريال أتال إنه من المتوقع أن يستمر الارتفاع “الكبير” لحالات الإصابة بفايروس كورونا لأيام، إذا لم يكن لأسابيع.
وأفاد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس الخميس بأن “فرض التطعيم الإجباري للحد من الإصابات الجديدة بالفايروس لن يكون مجديا بالدرجة الكافية، نظرا لأن هذه الخطوة ستجلب مشكلات أكثر”.
وأضاف كاستكس لوسائل إعلام محلية “نواجه بالفعل بعض الصعوبات في مسألة فرض الالتزام بالجواز الصحي، هذه المشكلات ستصبح أكبر إذا جعلنا التطعيم إجباريا”.
والثلاثاء، قال ماكرون إنه يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل، لكنه لم يحسم قراره بعد.
وأضاف في مقابلة مع صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية، “أرغب بالترشح، عندما تسمح الظروف الصحية وتتضح الأمور بالنسبة إليّ، وبالنظر إلى المعادلة السياسية سأكشف عن القرار”.
وأكد أن “هذا القرار يتعزّز في داخلي، وأحتاج إلى التأكد من أنني قادر على تحقيق ما أصبو إليه”.
ويشكل كلام ماكرون للصحيفة أوضح إشارة إلى إمكانية الترشح من دون أن يضع حدا لحالة الترقب حول نواياه.
ويعتبر ماكرون، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية 2017 بتعهده إصلاح فرنسا لتستعيد دورها كقوة عظمى، الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، إلا أن محللين يحذرون من أن فوزه ليس مضمونا.
السلطات الفرنسية تحاول احتواء تفشي متحوّر أوميكرون، بعدما سجلت 332 ألفا و252 حالة إصابة جديدة
وحدد ماكرون ثلاث أولويات للرئاسة الفرنسية، هي تحديد حد أدنى للأجور في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي، وضبط عمالقة الإنترنت، وفرض ضريبة كربون على الحدود، وهي أهداف يمكن لفرنسا أن تأمل في تحقيق نتائج بشأنها.
وسيخوض ماكرون المنافسة الانتخابية القادمة من أجل ولاية جديدة في قصر الإليزيه لخمس سنوات إضافية. وحتى اليوم، اكتملت صورة المشهد الانتخابي ولائحة المتنافسين. إلا أن ما ينقصها هو إعلان ماكرون بشكل رسمي، ترشحه لمواجهة ثلاثة مترشحين رئيسيين، وهم امرأتان ورجل؛ مارين لوبن مرشحة اليمين المتطرف التي واجهته في انتخابات العام 2017 وتغلب عليها بفارق مريح، وفاليري بيكريس مرشحة حزب “الجمهوريون” (اليمين الكلاسيكي المعتدل) والوزيرة السابقة، وإريك زيمور الصحافي والكاتب الشعبوي المتموضع في أقصى اليمين المتطرف.
ويتوقع أغلب المحللين أن تكون فاليري بيكريس، مرشحة اليمين المنافس الأكبر له، في حال وصلت إلى الدورة الثانية من الانتخابات.
وفشل اليسار حتى الآن في توحيد صفوفه وراء مرشح واحد.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي نشرت نتائجه الثلاثاء، تقدم ماكرون كثيرا في الدورة الأولى بحصوله على 23 في المئة من الأصوات، تليه بيكريس وزيمور مع 15 في المئة، ومارين لوبن مع 15 في المئة، فيما حصل مرشح أقصى اليسار جان لوك مولونشون على 13 في المئة.