الرئيس العراقي يطلب من إيران مراعاة حصة بلاده المائية

قوى الإطار التنسيقي لن تسكت على موقف رشيد الذي يكون بهذا التصريح قد أحرجها أمام القيادة الإيرانية.
الأحد 2023/04/30
رشيد يحرج حكومة بغداد قبل إحراج رئيسي

بغداد - شدّد الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد على "ضرورة مراعاة إيران لحصة العراق من المياه"، وذلك خلال لقائه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت في طهران في خطوة قد تثير غضب إيران على الرئيس العراقي وتدفع حلفاءها في العراق إلى التضييق على دوره. ويعاني العراق منذ سنوات انخفاضا متواصلا في الموارد المائية، وفاقم أزمةَ شح المياه كذلك تدني كميات الأمطار في البلاد على مدى السنوات الماضية.

ولم يستبعد مراقبون أن يكون رشيد قد تصرف بشكل فردي ودون أي تنسيق مع القوى المسيطرة على البرلمان، والتي كان لها الفضل في اختياره رئيسا، مشيرين إلى أن قوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران لن تسكت على موقف رشيد الذي يكون بهذا التصريح قد أحرجها أمام القيادة الإيرانية. ويأتي طلب الرئيس العراقي، بقطع النظر إن كان سيجد صدى في طهران أم لا، في وقت يستعد فيه العراق لصيف جديد ينتظر أن يشهد أزمة مياه جديدة بسبب استمرار موجة الجفاف، وخاصة في ظل توقف حصته من المياه التي تأتي من إيران وتركيا.

ومالت الحكومات العراقية المتتالية منذ 2003 إلى تجنب أي توتر مع إيران بشأن المياه بالرغم من حاجة العراق إلى تحصيل حصته لمواجهة أزماته الداخلية. ويعتمد العراق في تأمين المياه أساسا على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب البلاد لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.

◙ مراقبون لم يستبعدوا أن يكون رشيد قد تصرف بشكل فردي ودون أي تنسيق مع القوى المسيطرة على البرلمان والتي كان لها الفضل في اختياره رئيسا

وأجبر الجفاف ونقص المياه العراق بالفعل على خفض المساحات المزروعة إلى النصف لموسم الشتاء 2021-2022. وكان الرئيس العراقي أكد العام الماضي أن بلاده ستواجه عجزا في المياه يقدر بأكثر من 10 مليارات متر مكعب بحلول عام 2035.

وتغذي المياه القادمة من إيران مناطق حدودية واسعة بين البلدين. وتنقسم هذه المياه إلى أربعة أقسام: يتمثل الأول في الأنهار الكبيرة وروافدها التي تأتي من المرتفعات الإيرانية، وبالأخص نهرا الزاب الأسفل وديالى اللذان يغذيان سد دوكان، ودربندخان وحمرين، يصبان في دجلة.

ويشمل القسم الثاني الأنهار ومجاري السيول الموسمية، خاصة في محافظتي واسط وميسان، وأشهرها الطيب ودويريج. أما القسم الثالث فيتمثل في نهر الكرخة الذي يصب في هور الحويزة ثم يغذي دجلة، ونهر الكارون الذي يصب في شط العرب جنوب مدينة البصرة. وأخيراً الوديان ومجاري السيول الموسمية بين البلدين، والتي تجلب المياه في مواسم الفيضان.

وتم قطع ستة من الأنهار الكبيرة أو تحويلها إلى داخل إيران، أهمها أنهار الوند والكارون والكرخة والزاب الأسفل، بعضها تم تحويله لأسباب سياسية داخلية؛ فقد تمكنت طهران من إيقاف تظاهرات غاضبة ضد سياسات مائية سابقة أدت إلى جفاف بحيرة أرومية الإيرانية عبر حفر نفق بطول 35 كيلومترا ينقل الماء من الزاب الأسفل إلى البحيرة لإعادة إنعاشها.

واستُخدِمت المياه أيضا لأسباب سياسية مناطقية، حين تم سحب مياه الكارون الذي كان يغذي منطقة خوزستان، إلى مناطق وسط إيران. ولم تستجب الحكومة الإيرانية لأصوات السكان المتظاهرين من القرار. ولم تضع الحكومة الإيرانية على طاولة المفاوضات حول المياه مع بغداد أي التزام بحقوقه المائية، متبنّية نظرية السيادة الإقليمية المطلقة على النهر التي تتيح لها التحكم بالمياه دون مراعاة لدول المجرى أو المصب.

وكانت التوجهات الإيرانية في ما يتعلق بملف المياه واضحة في خطة التنمية الوطنية الخامسة للأعوام (2010-2015) التي نصت على ضرورة منع تدفق المياه عبر إيران إلى البلدان المجاورة وإعادة تحويلها إلى داخل أراضيها. وفي العام 2019، أعلنت طهران عن قرارها بناء 109 سدود إضافية خلال عامين.

وكانت النتائج الإيجابية التي حصدتها إيران في الداخل على حساب مناطق عراقية واسعة تضررت بسبب تلوث المياه وزيادة نسبة ملوحتها، وتقلص مساحاتها المزروعة، وتراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية، وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة.

◙ النتائج الإيجابية التي حصدتها إيران كانت في الداخل على حساب مناطق عراقية تضررت بسبب تلوث المياه وزيادة ملوحتها وتقلص مساحاتها المزروعة

وهذه أول زيارة لرشيد إلى طهران منذ انتخابه رئيسا للعراق في أكتوبر 2022. وتأتي الزيارة تلبيةً لدعوة رسمية سابقة من الرئيس الإيراني، وتشمل لقاءات مع كبار المسؤولين الإيرانيين. ووصل رشيد إلى طهران صباح السبت في زيارة رسمية يرافقه وفد حكومي رفيع المستوى وفق وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع).

ويضم الوفد المرافق لرشيد، وفق الوكالة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير الكهرباء زياد علي فاضل، ووزير الموارد المائية عون ذياب عبدالله، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، إضافة إلى عدد من المستشارين وكبار المسؤولين.

وذكرت الوكالة أن رشيد "فور وصوله إلى مجموعة قصور سعد أباد التاريخية شمال طهران أجرى مباحثات مشتركة مع الرئيس الإيراني". وأكد رشيد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني "تربطنا علاقات مشتركة مع إيران، وزيارتنا إلى طهران تأتي للتأكيد على العلاقات بين البلدين". وأضاف "العلاقات بين العراق وإيران ثابتة ومتماسكة وغير قابلة للتغيير". وأردف رشيد "أتقدم بالتهنئة للتطور في العلاقات بين إيران والسعودية".

بدوره قال رئيسي خلال المؤتمر المشترك “علاقاتنا مع العراق جيدة، ونسعى للوصول إلى تبادل تجاري بمستويات أعلى". وأضاف "لدينا مصالح مشتركة مع العراق"، مشيرا إلى أن "مستوى حجم التبادل التجاري مع العراق يبلغ أكثر من 10 مليارات يورو". ولفت رئيسي إلى أن "أي زعزعة لأمن العراق تعد زعزعة لأمن إيران"، لافتا إلى أن "المفاوضات بين دول المنطقة تؤدي إلى التحسن في أمنها".

3