الرئيس العراقي متفائل بالمستقبل رغم الصعوبات

بدا الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد متفائلا بمستقبل بلاده، فيما لا تعكس المؤشرات على أرض الواقع ذلك، إذ يواجه العراق تحديات معقدة في سبيل تحرره من القيود الاقتصادية والسياسية.
بغداد - عبّر الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد عن تفاؤله بمستقبل بلاده في المجالات الاقتصادية والسياسية رغم إقراره بوجود عدد من الصعوبات، منوّها بمساعيه لتحسين العلاقات مع الجيران الذين اعتبرهم مصدر قوة للعراق واستعداده لمواصلة الوساطة بين السعودية وإيران.
وقال رشيد في حوار لوكالة أسوشيتد برس الأحد إن العراق أصبح مستعدا للتركيز على تحسين حياة شعبه اليومية بعد تغلبه على الصعوبات المتعددة التي شهدها في العقدين الماضيين، وقد كان من جملتها سنوات من المقاومة ضد القوات الأجنبية، وتصاعد العنف بين السنّة والشيعة، وهجمات تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف الذي سيطر على مناطق واسعة في أوجه، بما في ذلك الموصل التي تعدّ ثاني أكبر مدن العراق.
وذكر في حديثه عن المجال الاقتصادي أن العراق يركز على إعادة بناء الصناعة والزراعة التي تضررت بعد سنوات من الصراعات، كما يحاول تطوير احتياطاته من الغاز الطبيعي حتى لا يظل معتمدا على شراء الغاز من الدول المجاورة وخاصة إيران.
واعتبر السياسي الكردي المخضرم أن “آفاق العراق إيجابية رغم انخفاض قيمة العملة والتضخم في الأشهر الأخيرة، وذلك بفضل إنتاج النفط القوي وارتفاع أسعاره العالمية”.
وقال إن العراق “يبقى في وضع سليم اقتصاديا وربما يكون أحد دول العالم التي لا تعاني عجزا في ميزانيتها”.
العراق يركز على إعادة بناء الصناعة والزراعة كما يحاول تطوير احتياطاته من الغاز الطبيعي حتى لا يظل معتمدا على إيران
لكن البنية التحتية العراقية لا تزال ضعيفة رغم ثروة البلاد النفطية. وتحاول المولدات الخاصة سدّ النقص الذي تخلّفه ساعات انقطاع التيار الكهربائي اليومية. كما لم تثمر مشاريع النقل العام التي طال انتظارها، بما في ذلك مترو بغداد. وعزا رشيد هذا إلى مخلّفات الضرر الناتج عن الصراعات والإرهاب وسنوات الحرب.
ويقول منتقدو الحكومة إن انقطاع التيار الكهربائي كان أيضا من نتائج الفساد المستشري والمتجذر في نظام المحاصصة الطائفي الذي يسمح للنخب السياسية باستغلال شبكات المحسوبية لتوطيد قبضتها على السلطة. ووعد رشيد باتخاذ موقف متشدد ضدّ الفساد.
وأفادت تقارير في أكتوبر باختلاس شبكة من الشركات والمسؤولين من مصلحة الضرائب في البلاد لأكثر من 2.5 مليار دولار من عائدات الحكومة العراقية.
واتخذت الولايات المتحدة إجراءات لتقليص وصول العراق إلى احتياطاته الدولارية في الأشهر الأخيرة، وسط مزاعم عن انتشار غسيل الأموال لتهريب الدولارات إلى إيران وسوريا اللتين تفرض عليهما عقوبات أميركية، مما شدد الضغط على العملة المتدهورة بالفعل.
وقال وزير المياه في عهد الرئيس الأسبق الراحل صدام حسين “أعترف بأننا واجهنا ولا نزال نواجه بعض المشاكل مع الفساد، لكن الحكومة جادة للغاية” في محاربته، مضيفا أن “الحكومة والبنك المركزي يتخذان إجراءات لتنظيم التحويلات إلى خارج البلاد لردع غسيل الأموال”.
واعترف رشيد بأن الصراعات لا تزال متواصلة، لكنه حث العراقيين، وخاصة الشباب منهم، على التحلي بالصبر والإيمان بالمستقبل. وتابع الرئيس العراقي أن “ليس لدينا خيار سوى التعايش معا (…) وأن ننظم انتخابات ديمقراطية تمثّل قيمنا”.
ويرى رشيد في تحسين العلاقات مع الجيران (بما في ذلك إيران وسوريا والكويت والسعودية وتركيا والأردن) مصدرا لقوة العراق. وكانت الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية قد ابتعدت عن بغداد لسنوات قبل أن تستعيد بعض الزخم مؤخرا، ويرجع ذلك جزئيا إلى علاقاتها بإيران.
وأشار الرئيس العراقي بفخر إلى أن بلاده استضافت اجتماعا لكبار المشرعين العرب يوم السبت، وأعرب عن استعداد البلاد لمواصلة لعب دور الوساطة في المحادثات المتوقفة الآن بين الخصمين الإقليميين إيران والسعودية.
وتولى رشيد الرئاسة في أكتوبر الماضي. وبموجب الترتيبات العراقية غير الرسمية لتقاسم السلطة، يكون رئيس البلاد كرديا ورئيس الوزراء شيعيا ورئيس البرلمان سنيا.
وتتطلب وظيفة رشيد المساعدة الحفاظ على توازن دقيق بين مراكز القوة السياسية المختلفة في العراق والعلاقات المتوازنة مع الولايات المتحدة وإيران، وهما الداعمتان الدوليتان الرئيسيتان للحكومة والمتعارضتان في جلّ الأوقات.
ويتجسّد هذا التوازن في نصب موجود بالقرب من مطار بغداد يخلّد ذكرى قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي اغتيل في غارة جوية أميركية في مطلع سنة 2020.