الرئيس السابق للفيدرالية الدولية للصحافيين ينتقد انحرافها السياسي ضد المغرب

الوسط الصحفي فوجئ بحجم التهجم على المغرب في بيان الفيدرالية الدولية للصحافيين وتحامله بشكل لم يسبق له مثيل.
الجمعة 2024/08/02
تجن في غير محله

الرباط – انتقد يونس مجاهد الرئيس السابق للفيدرالية الدولية للصحافيين، الموقف الذي اتخذته تجاه المغرب وتدخلها في شؤونه بإطلاق أحكام مجانبة للصواب على خلفية العفو الملكي الذي شمل عددا من الصحافيين، منددا ببيانها الأخير وبـ”التدخل السافر من الفيدرالية ضد القضاء المغربي، وإصدارها أحكاما دون تحفظ”.

وعلق مجاهد في حوار مع موقع “هسبريس” على إقحام الفيدرالية لقضية بيغاسوس في موضوع العفو الملكي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، رغم غياب العلاقة بينهما وقال إن الأمر “مجرد حشو مقصود”، و”تلاعب بالكلمات”، مشددا على أن “الفيدرالية الدولية للصحافيين تعلم أنها لا تتوفر على الحجج والدلائل في موضوع بيغاسوس لذلك، تلجأ إلى هذه الحيل البلاغية”.

ونبه أن البيان “يتضمن أحكاما سياسية وليست معطيات حقوقية ونقابية، وهو انحراف واضح عن المنهجية التي يجب أن تشتغل عليها الفيدرالية الدولية للصحافيين” مضيفا أن ما جاء في البيان “تجاوز خطير وغير مسبوق”.

وبمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس، عفوا يشمل أكثر من ألفي شخص، من بينهم صحافيون داخل السجون، استفاد منه كل من الصحافيين توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، إضافة إلى الناشطين رضا الطاوجني ويوسف الحيرش، وذلك بعد قضائهم لعقوبات سجنية في القضايا التي تمت متابعتهم على خلفيتها.

العفو الملكي لقي إشادة واسعة في المملكة من قبل ناشطين وصحافيين وحقوقيون من بينهم المنتدى المغربي للصحافيين الشباب والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إضافة إلى تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي

ولقي العفو الملكي إشادة واسعة في المملكة من قبل ناشطين وصحافيين وحقوقيون من بينهم المنتدى المغربي للصحافيين الشباب والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إضافة إلى تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الوسط الصحفي فوجئ بحجم التهجم على المغرب من قبل الفيدرالية الدولية للصحافيين التي تنتمي إليها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حيث كانت صيغة البيان سلبية ومتحاملة بشكل لم يسبق له مثيل.

وأبرز مجاهد بعض الملاحظات؛ على ما ورد في البيان حيث جاء فيه “ويدعو السلطات المغربية إلى وقف ملاحقة الصحافيين ودعم حرية الصحافة”، حيث استهجن هذا الاتهام قائلا “لا نعرف من أين أتى بالتقارير التي تثبت “ملاحقة الصحافيين” بالمغرب؟ من المفترض أن تعتمد الفيدرالية الدولية للصحافيين على التقارير التي تبعثها أو تنشرها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي هي العضو في المغرب، هكذا تعاملت دائما هذه المنظمة الدولية مع باقي البلدان، حيث تعتمد على التقارير التي ترسل من النقابة المنخرطة فيها، ولا تتجاوزها. وننتظر أن تمدنا الفيدرالية بأسماء “الصحافيين الملاحقين”.

ويدعي بيان الفيدرالية أن المتابعات التي تمت في حق المعفى عنهم “ذات خلفيات سياسية تتعلق بعملهم الصحفي”، وهذا حكم قاطع، دون سند. علما أن أمين عام الفيدرالية الدولية للصحافيين سبق له أن قام بمهمة استطلاع في المغرب دامت خمسة أيام، والتقى بجميع الأطراف، من عائلات المتهمين والمشتكين ومحامي الطرفين، ولم يخرج بهذه الخلاصة.

واعتبر مجاهد أن “هذا تدخل سافر من الفيدرالية ضد القضاء المغربي، حيث أصدر البلاغ أحكاما دون تحفظ، مع الإشارة إلى أن هذه المنظمة لم تنصب محاميا أو مراقبا لمتابعة سير المحاكمات. لذلك، نستغرب من أين أتت بأحكامها القطعية ضد القضاء المغربي في هذه الملفات”.

ودقق الرئيس السابق للفيدرالية، تفاصيل البيان وما جاء به مغالطات ومن بينها إنه “كانت هذه الاعتقالات رمزا لحملة القمع المستمرة التي تشنها المغرب على الصحافيين”. وقال “هنا أيضا نتساءل من أين أتت هذه المعلومات، كما نتطلع إلى معرفة معطيات أكثر من الفيدرالية حول “حملة القمع المستمرة”.

ونوه أن الوضع لم يكن في يوم من الأيام مثاليا دون مشاكل تعترض قطاع الصحافة والعاملين فيه من حين إلى آخر، فيما يتعلق بحرية الصحافة، كما هو الشأن في جميع البلدان؛ مضيفا “لكننا عندما نتحدث نقدم الوقائع ونسرد المعطيات التي تفترض الصواب والخطأ والنسبية في الأحكام. أما أن تطلق الفيدرالية الدولية للصحافيين الكلام على عواهنه فهو أمر مخجل”.

وتابع “لا علاقة له، بل هو مجرد حشو مقصود”. وبالنسبة لموضوع “بيغاسوس”، فإن البيان يتناقض مع نفسه، حيث جاء فيه “وكشف تحقيق “بيغاسوس” الذي أجرته منظمة “فوربيدن ستوريز” في عام 2021 عن تورط المغرب في عملية تجسس واسعة النطاق”؛ لكنه يعقب على نفسه، حيث يؤكد “ودعا الاتحاد الدولي للصحافيين إلى إجراء تحقيق كامل في هذه المزاعم، وهو ما تنفيه الحكومة المغربية”. إذا كان الأمر يتعلق بـ”مزاعم” فلماذا يقول “كشف تحقيق أجرته منظمة “فوربيدن ستوريز”.

المثير للاستغراب في إدارة الفيدرالية هو أنها واصلت حملتها على المغرب في هذا الملف دون أن تتوفر على أي دليل، وتجاهلت الدول الأخرى

وأكد مجاهد “هذا تلاعب بالكلمات، لأن الفيدرالية الدولية للصحافيين تعلم أنها لا تتوفر على الحجج والدلائل في موضوع بيغاسوس، لذلك، تلجأ إلى هذه الحيل البلاغية؛ مرة تتحدث عن “تحقيق”، ومرة أخرى تتحدث عن “مزاعم”.

وبحسب الصحافي المغربي، فإن ما يمكن قوله بالنسبة لهذا البيان هو أنه يتضمن أحكاما سياسية وليست معطيات حقوقية ونقابية، وهو انحراف واضح عن المنهجية التي يجب أن تشتغل عليها الفيدرالية الدولية للصحافيين، حسب قانونها الأساسي والتزاماتها تجاه أعضائها؛ فليس من حق موظف في إدارة الفيدرالية ببروكسيل أن يصدر مواقف سياسية خاصة به، بل عليه أولا أن يلتزم بقانون المنظمة التي تشغله، علما أن أجره يأتي من اشتراكات النقابات الأعضاء. وثانيا أن يستشير النقابة الوطنية للصحافة المغربية في نص البيان، قبل إصداره.

والفيدرالية الدولية للصحافيين هي تجمع فيدرالي لنقابات الصحافة في العالم، وليست منظمة غير حكومية، كما هو شأن منظمات أخرى. لذلك، فإن تحركها لا يمكن أن يتجاوز النقابات، واعتبر مجاهد أن ما جاء في بيانها تجاوز خطير وغير مسبوق؛ فالنقابة المغربية هي التي من صلاحيتها تحديد طبيعة الملفات، هل هي سياسية أو حقوقية أو نقابية أو موضوع آخر، ولا يمكن أن تتحول إدارة بروكسيل إلى وصي سياسي على النقابات”.

وتحدث عن قضية بيغاسوس قائلا “عندما كنت رئيسا للفيدرالية الدولية للصحافيين، عقدنا اجتماعات بخصوصه، وكانت هناك دول عديدة متهمة بالتجسس على الصحافيين بواسطة هذا التطبيق؛ من بينها المغرب. وتم الاتفاق على سلك السبل التالية؛ كل نقابة تم توجيه الاتهام إلى بلدها تتوجه إلى القضاء وتخاطب البرلمان، من أجل فتح تحقيق في الموضوع. وهو ما قامت به النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حيث أسست ائتلافا من منظمات مغربية عديدة، ووجهت مذكرة إلى الفرق البرلمانية للمطالبة بفتح تحقيق في هذا الملف. أما اللجوء إلى القضاء، فإن النقابة لا يمكنها، قانونا، القيام بذلك؛ بل على الشخص الذي يعتبر نفسه متضررا اللجوء إلى القضاء.

غير أن المثير للاستغراب في إدارة الفيدرالية هو أنها واصلت حملتها على المغرب في هذا الملف دون أن تتوفر على أي دليل، وتجاهلت الدول الأخرى، وهي من أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، اتهمت هي أيضا بالتجسس عبر تطبيق “بيغاسوس”.

5