الرئيس الجزائري يوجه رسالة للنشطاء: العفو عنكم رهين اعتزالكم السياسة

السلطات الجزائرية تطلق سراح رشيد نكاز "لدواع إنسانية".
الجمعة 2023/01/20
لم يعد هناك مجال للاستمرار

أفرجت السلطات الجزائرية عن رشيد نكاز الناشط المعارض المثير للجدل في خطوة قالت إنها لدواع إنسانية، لكن كثيرين يشككون في الأمر ويعتبرون أن هذا الإفراج مرتبط أساسا بقرار نكاز اعتزال العمل السياسي.

الجزائر – تشكك أوساط المعارضة الجزائرية في الدوافع التي قادت إلى الإفراج عن المعارض ورجل الأعمال رشيد نكاز، خاصة وأن العفو الرئاسي الصادر بخصوصه جاء بعد أيام على إعلانه اعتزاله العمل السياسي.

وتقول الأوساط المعارضة إن الكثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين في الجزائر يواجهون ظروفا صعبة في السجن، وعدد منهم يعاني من أمراض مزمنة، لكن لم يتم اتخاذ أي قرار تخفيفي بشأنهم.

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن النظام الجزائري أراد من الإفراج عن نكاز إيصال رسالة إلى النشطاء المعارضين بأن المجال مفتوح للعفو عنهم، فقط في حال بادروا بالتوقف عن توجيه أي انتقادات للسلطة، وأعلنوا اعتزالهم العمل السياسي أو الحقوقي.

العفو الرئاسي عن رشيد نكاز جاء بعد أسبوعين على إعلانه الابتعاد عن الحياة السياسية برسالة كتبها من زنزانته

وأفرجت السلطات الجزائرية الأربعاء عن نكاز الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات في يوليو 2022، وذلك “لأسباب إنسانية”، على ما أعلنت اللجنة الوطنية لتحرير معتقلي الرأي.

وكان الحكم الصادر بحق نكاز يرتبط بتهم تتعلق بالمساس بالوحدة الوطنية وتحريض المواطنين على حمل السلاح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحض المواطنين على مقاطعة الانتخابات الرئاسية لعام 2019.

وأوردت صحيفة “لو سوار دالجيري” اليومية الناطقة بالفرنسية أن رشيد نكاز البالغ 51 عاما أطلق سراحه بفضل عفو رئاسي. ويأتي تحرير هذا المعارض المثير للجدل بعد أسبوعين على إعلانه ابتعاده عن الحياة السياسية برسالة كتبها من زنزانته.

وذكرت الصفحة الرسمية لنكاز على فيسبوك أن الناشط وجّه الرسالة للرئيس عبدالمجيد تبون يبلغه فيها بأنه استقال بفعل قهر الظروف من العمل السياسي، مستلهما قراره من تاريخ الأمير عبدالقادر الجزائري في مقاومة الاستعمار الفرنسي، على حد تعبيره.

وأشارت الرسالة إلى أن نكاز يرغب حاليا في أن يكرس وقته كليا لمعالجة مشاكله الصحية، حيث يعاني من سرطان البروستاتا، ومشاكل في الجيوب الأنفية والجهاز السمعي، وكذلك للكتابة والاعتناء بعائلته التي ذكر أنه تخلى عنها في الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات ولم يلتق بها منذ ثلاث سنوات، بسبب رغبته، وفق ما قال، في المساهمة في بناء دولة ديمقراطية في الجزائر.

وجاء إعلان الناشط الجزائري، وفق ما ذكر في رسالته، متأثرا بقرار إلغاء العفو الرئاسي الصادر في حقه. وبحسب صفحته الرسمية، فقد “أبلغ الناشط بعد الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، بأنه سوف يستفيد من تخفيض 18 شهرا كعفو رئاسي، لكن وبعد أسبوع على الإبلاغ ودون سابق إنذار تم إلغاء العفو الرئاسي والسبب يبقى مجهولا”.

قرار نكاز اعتزال العمل السياسي يعود إلى قناعته بأن منظومة الحكم في الجزائر باتت أكثر صلابة وعنفا في مواجهة معارضيها

ويعد نكاز أحد الناشطين السياسيين في الجزائر، وكان يقيم في فرنسا، غير أنه أعلن في أكتوبر 2013 تنازله عن جنسيته الفرنسية من أجل استكمال الإجراءات القانونية لخوض انتخابات الرئاسة في الجزائر التي جرت في السابع عشر من أبريل 2014، وفاز فيها الراحل عبدالعزيز بوتفليقة بولاية رابعة.

ولم يتمكن نكاز من خوض الانتخابات الرئاسية حينها بسبب “عدم جمع توقيعات كافية للترشح”، وفق السلطات. كما رفضت السلطات منحه الترخيص بالنشاط لحزبه “حركة الشباب”.

وقبل دخوله معترك السياسة في الجزائر عام 2014، كان نكاز رجل أعمال يسمى في فرنسا باسم “محامي المنقبات”، حيث أنشأ عام 2010 صندوقا بمليون يورو لدفع غرامات المنقبات في فرنسا أمام المحاكم، بعد صدور قانون يجرم من ترتديه، وأطلق عليه اسم “صندوق الدفاع عن الحرية”.

ويرى مراقبون أن قرار نكاز اعتزال العمل السياسي يعود إلى قناعته بأن منظومة الحكم في الجزائر نجحت في تجاوز مطب الحراك الشعبي في العام 2019، وأنها باتت أكثر صلابة وعنفا في مواجهة معارضيها، وبالتالي فإن الاستمرار في العمل السياسي بالنسبة إليه تحول إلى أمر عبثي، ومكلف صحيا ونفسيا واجتماعيا.

ويشير المراقبون إلى أن السلطة الجزائرية استغلت حالة اليأس التي يعانيها نكاز وإعلانه اعتزاله العمل السياسي، لتفرج عنه وتوصل جملة من الرسائل، سواء لمنتقديها من المجتمع الدولي أو المنظمات الحقوقية، وأيضا للنشطاء، بأنها على استعداد للعفو عنهم إذا ما حسموا موقفهم بإنهاء أي معارضة لها.

4