الرئيس الجزائري يغازل الشباب العاطلين والجماهير الرياضية لدعم شعبيته

الحكومة الجزائرية تنوي رفع منحة البطالة لتحصين الشباب من "الاستغلال السياسي" في إشارة إلى الاحتجاجات المستمرة.
الثلاثاء 2021/08/10
مساع حكومية لتأسيس حزام شعبي للسلطة من فئة الشباب

الجزائر - وجّه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون رسائل غزل بفئات اجتماعية عريضة من أجل استقطابها في معسكر السلطة، بعد إعلانه عن الرفع من منحة البطالة، وتنازل الحكومة عن ملعب ضاحية الدويرة بالعاصمة لنادي مولودية الجزائر لكرة القدم.

ويبدو أن تبون بصدد البحث عن شعبية جديدة في صفوف العاطلين عن العمل وأنصار أعرق النوادي الجزائرية، بعد شعوره بعزلة شعبية لاسيما بعد تراكم الفشل الحكومي خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما انضاف إلى قطيعة بينه وبين الشارع كرستها المقاطعة الكبيرة للاستحقاقات الانتخابية المنتظمة منذ نهاية العام 2019.

وأعلن الرئيس الجزائري في تصريحه لوسائل إعلام محلية أن الحكومة بصدد الرفع من منحة البطالة من أجل تحصين الشباب من الاستغلال السياسي، في إشارة إلى الاحتجاجات المستمرة خاصة في جنوب البلاد، وظهور انتقادات سياسية لأداء الحكومة.

وأثار الإعلان موجة من التهكم على شبكات التواصل الاجتماعي، واعتبر البعض أن المنحة لم تكن موجودة أصلا، وأن العاطلين عن العمل لم يكن لهم أي امتياز من هذا النوع، وأن ما يقصده هو منحة “عوز” تقدر بنحو 25 دولارا أميركيا، تمنحها الخزينة العمومية للأفراد المسنين والعاطلين، وينتظر أن ترتفع إلى نحو 80 دولارا.

وبالتزامن مع احتفال أكبر وأعرق نوادي كرة القدم مولودية الجزائر بمئوية تأسيسه، قرر الرئيس تبون منح النادي ملعبا يجري تشييده في ضاحية الدويرة غربي العاصمة، كمكافأة له على دوره في مسيرته التاريخية التي ارتبطت بثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وباستقطابه لجمهور عريض بعد الاستقلال.

ويبدو أن تبون يتجه إلى تأسيس حزام شعبي للسلطة من الفئات المذكورة، بعدما فقد الأمل في الأحزاب السياسية والتنظيمات الأهلية في استقطاب الشارع لصالح خيارات السلطة، لاسيما وأن الانتخابات التشريعية الأخيرة أبانت عن قصور تلك القوى في إقناع الجزائريين بالانتخابات، وجاءت نسبة المقاطعة صادمة للسلطة وللقوى الموالية لها.

الإعلان أثار موجة من التهكم على شبكات التواصل الاجتماعي واعتبر البعض أن المنحة لم تكن موجودة أصلا

وتذكر بيانات معلن عنها من طرف الإدارة الجزائرية أن نحو مليون فرد كانوا يستفيدون من منحة “العوز”، التي ينتظر أن تتحول إلى منحة بطالة وأن تتوسع لتشمل منتسبين جددا، وسط تساؤلات عن مصدر تمويل تلك المنحة في ظل شح الموارد المالية التي تعاني منها البلاد.

وأفادت أرقام صدرت أخيرا عن ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 20 في المئة، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية والجائحة الصحية، حيث يسجل تراجع كبير للاستثمارات العمومية والخاصة التي كانت تخلق فرص الشغل، فضلا عن تأثير الوضع الصحي على النشاط التجاري، حيث سرح قطاعا البناء والسياحة لوحدهما نحو 200 ألف عامل.

ويأتي ذلك بعدما تراجعت الظاهرة خلال سنوات الأريحية المالية إلى حدود الـ10 في المئة أو أقل، كما عرفت الجزائر حينها قدوم عمالة منظمة وغير منظمة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الصينيين والأتراك والمغاربة الذين يشتغلون في قطاعات الزراعة والتلبيس.

ويعتبر نادي مولودية الجزائر الذي تأسس في أغسطس 1921، في حي باب الوادي الشعبي، من أعرق الأندية الجزائرية، يستقطب جماهير عريضة في مختلف المدن والمحافظات، وهي الجماهير التي تكنى بـ”الشناوة” (الصينيون) نظرا لكثرتها، ولذلك تظهر نية الرجل في استقطابها إلى جانبه بمنح ناديها ملعبا كرويا في ضواحي العاصمة.

ويوصف النادي المذكور بـ”الدولة” لما يمثله من ثقل داخل دوائر القرار، فهو إلى جانب أنه ملك لشركة سوناطراك النفطية العمومية، يحظى بدعم فاعلين داخلها، ومع ذلك يعيش أزمة أزلية بسبب الفساد وثقافة الريع وعدم الاستقرار ومحدودية النتائج، كما تعيش الدولة برمتها الأزمة نفسها، ولذلك فهو يعتبر عينة مصغرة لها.

ويبقى معقل النادي حي باب الوادي بالعاصمة من أبرز الضواحي الشعبية العاصمية المناوئة للسلطة، فقد ظل إلى غاية توقف مسيرات الحراك الشعبي، الوعاء الأساسي للمظاهرات الشعبية الضخمة بالعاصمة، كما ظل يوصف بـ”المدد الشعبي” الذي يرجح كفة المتظاهرين على حساب قوات الأمن ويمنحهم زخما خاصا.

4