الرئيس الجزائري يدخل انتخابات السبت بثوب الفائز بولاية ثانية

نسبة المشاركة الشعبية تشكل الهاجس الأكبر بالنسبة إلى تبون.
الجمعة 2024/09/06
الطريق إلى المرادية معبد سلفا

تستعد الجزائر لانتخابات رئاسية، وسط تكهنات بعدم حصول أي مفاجآت، حيث تبدو النتيجة محسومة سلفا لصالح الرئيس عبدالمجيد تبون، لكن السؤال الملح بأي نسبة مشاركة شعبية، خصوصا وأن الاستحقاق السابق شهد نسبة مقاطعة قياسية.

الجزائر - دُعي أكثر من 24 مليون ناخب في الجزائر للتوجّه إلى صناديق الاقتراع السبت في انتخابات رئاسية يعتبر الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون الأوفر حظا للفوز فيها بولاية ثانية. ويتمثّل الرهان الرئيسي الذي يواجهه تبون في نسبة المشاركة مقارنة بانتخابات 2019 التي أوصلته إلى الرئاسة بـ58 في المئة من الأصوات وسط نسبة امتناع قياسية.

وجرى الاقتراع آنذاك في خضم حراك شعبي يطالب بتغيير مكوّنات النظام الحاكم منذ استقلال البلد عن الاستعمار الفرنسي في العام 1962، بعد أن أسقط الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة. ويقول مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي “الرئيس تبون حريص على أن تكون نسبة المشاركة كبيرة. إنه الرهان الرئيسي بالنسبة له. يريد أن يكون رئيسا عاديا وليس رئيسا منتخبا بشكل يثير الجدل”.

واستنفرت أجهزة الدولة جهودها في الأشهر الأخيرة، للتسويق لحصيلة تبون طيلة الولاية الأولى، فيما بدا حملة انتخابية مبكرة. وتقدّم للانتخابات ثلاثة مرشحين لقيادة البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 45 مليونا، والتي تعتبر أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في أفريقيا. ويعتبر تبون البالغ من العمر 78 عاما المرشح الأوفر حظا. وترشّح مقابله الإسلامي عبدالعالي حساني شريف والاشتراكي يوسف أوشيش.

ورغم إعلانه دخوله السباق الرئاسي كـ“مترشح حرّ”، لكن تبون يحظى بدعم أحزاب الأغلبية البرلمانية المكوّنة من جبهة التحرير الوطني والتجمّع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء، إضافة إلى النواب المستقلين.

حسني عبدي: حكم الرئيس تبون يعاني من نقص في الديمقراطية
حسني عبدي: حكم الرئيس تبون يعاني من نقص في الديمقراطية

وعبدالعالي حساني شريف (57 عاما) هو رئيس حزب حركة مجتمع السلم الإسلامية منذ سنة. وهو مهندس أشغال عمومية ونائب سابق في البرلمان (2007 الى 2012). وكانت الحركة امتنعت عن المشاركة في انتخابات 2019.

أما يوسف أوشيشي (41 عاما) فهو صحافي سابق وعضو في مجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان، ويمثّل حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في الجزائر وله معقل تاريخي في منطقة القبائل. وقاطعت جبهة القوى الاشتراكية الانتخابات الرئاسية في الجزائر منذ عام 1999.

وافتتحت مراكز الاقتراع للجزائريين المقيمين في الخارج الاثنين ودُعي إليها أكثر من 800 ألف ناخب. كذلك انطلقت الأربعاء عملية التصويت في المراكز المتنقلة المخصصة للمناطق النائية في بلد تفوق مساحته 2.3 مليون كلم مربع أغلبها صحراء.

وبدأ الصمت الانتخابي منذ منتصف ليل الثلاثاء بعد حملة انتخابية جرت على غير العادة في فصل الصيف وسط حرارة شديدة الارتفاع، ما أدّى الى إقبال ضعيف على المهرجانات الانتخابية.

وقد تودّد المرشّحون إلى الشباب الذين يشكّلون أكثر من نصف السكان، بوعود تتعلّق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، على أمل تحسين القدرة الشرائية وجعل الاقتصاد أقل اعتمادا على المحروقات. وعلى المستوى الدولي، يبرز الدعم التام للقضية الفلسطينية وأيضا دعم جبهة البوليساريو الانفصالية، من جانب المرشحين الثلاثة.

وأكّد تبون أنه نجح بالفعل خلال ولايته الأولى في تصحيح أخطاء الماضي في البلاد وإعادة الجزائر – ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا حاليا – إلى المسار الصحيح بالرغم من “الحرب ضد الجائحة (كوفيد- 19) والفساد” في العامين الأولين.

في المقابل، تعهّد منافسا تبون بمنح الجزائريين المزيد من الحريات. وأعلن أوشيش التزامه “بالإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”. أما حساني شريف فقد دافع عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حدّ كبير في السنوات الأخيرة”.

وبحسب عبيدي، فإن “الرئيس تبون مطالب بمعالجة التراجع الكبير في الحريات السياسية والإعلامية في ظل الطلاق البائن بين الجزائريين والسياسة كما هي الحال اليوم”. ويصف مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف حكم تبون بأنه “يعاني من نقص في الديمقراطية”، معتبرا أن هذا مؤشر ضعف للمستقبل.

ويعدّ تبون أول رئيس جزائري من خارج صفوف جيش التحرير الوطني الذي قاد حرب الاستقلال ضد المستعمر الفرنسي (1954-1962)، وتمّ انتخابه في 12 ديسمبر 2019 في اقتراع سجّل نسبة مقاطعة كبيرة ووسط الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام.

وحاول تبّون في البداية استيعاب عداء المتظاهرين في الحراك الشعبي المؤيد للديمقراطية، مؤكدا أنه يسير على خطى “الحراك المبارك”، شاكرا الشعب على إنقاذ البلاد من الانهيار الذي كانت ستمثله ولاية خامسة لبوتفليقة الذي توفي في سبتمبر 2021. وأصدر في بداية ولايته عفوا عن عشرات من سجناء الرأي.

 ◙ الرهان الرئيسي الذي يواجهه تبون يخص نسبة المشاركة مقارنة بانتخابات 2019 التي أوصلته إلى الرئاسة بـ58 في المئة من الأصوات 

لكن حملة القمع تزايدت بعد ذلك فساهمت، مع جائحة كوفيد، في انحسار التجمعات والحراك اعتبارا من ربيع 2020، وانتهى الحراك مع سجن أبرز وجوهه. وأعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في بيان صدر في الثاني من سبتمبر الجاري عن قلقها من الوضع الحقوقي في الجزائر.

وقالت في تقرير “شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان. ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات”. وكانت تحدثت في فبراير عن “قمع مروّع للمعارضة السياسية”.

في الشارع، تباينت التوقعات. فالبعض يأمل في حدوث تحسّن في القدرة الشرائية مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، بينما لا يؤمن البعض الآخر بأي تغيير ولا يبالي بالعملية الانتخابية.  لكن بالنسبة للكثير من الجزائريين، فإن أكثر ما يشغل بالهم هو التحديات الاقتصادية وتحدّث الكثير من الأشخاص الذين التقتهم وكالة فرانس برس عن ارتفاع تكاليف المعيشة، ولم يرغب أي منهم في ذكر اسم عائلته.

وقال محمد (22 عاما) "بصراحة، كلّ ما أريده هو الذهاب إلى بلد آخر. بمجرد أن أحصل على ما يكفي من المال لأدفع لمهرّب، سأغادر البلاد". ولم تحسم عائشة (30 عاما)، قرارها بشأن التصويت في استحقاق السبت، مضيفة “سأقرّر ذلك يوم الانتخاب. أعلم أن علينا التصويت، لكن السياسيين لا يتذكّرون النساء إلا عندما تكون هناك انتخابات ويريدون أصواتهن. بعد ذلك، ينسونهن حتى الانتخابات التالية”.

 

اقرأ أيضا:

4