الرئيس الجزائري يبدد الشكوك حول فتور العلاقة مع روسيا

زيارة مرتقبة لتبون إلى موسكو في مايو المقبل.
الأربعاء 2023/02/01
رسالة طمأنة للروس

الجزائر - حسم الاتصال الهاتفي الذي جرى الثلاثاء بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين موعد الزيارة التي سيجريها تبون إلى موسكو والتي تقررت في شهر مايو المقبل.

وتتزامن الزيارة المنتظرة مع أخرى سيقوم بها الرئيس الجزائري إلى فرنسا، فيما يعكس حرصا جزائريا على إظهار حالة من التوازن في العلاقة بين الطرفين.

وذكر بيان للرئاسة الجزائرية بأن “الرئيسين تبون وبوتين أجريا مكالمة هاتفية، تناولا من خلالها العلاقات الثنائية التي تربط البلدين، ولاسيّما آفاق التعاون في المجال الطاقي”.

وأضاف البيان أن الرئيسين تطرقا بالمناسبة إلى الاجتماع المرتقب للجنة المختلطة الكبرى الجزائرية – الروسية، كما اتفقا أيضا على زيارة الدولة التي سيؤديها رئيس الجمهورية إلى روسيا الاتحادية شهر ماي المقبل.

وجاء الاتصال ليبدد الشكوك التي اعترت العلاقات الجزائرية – الروسية خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب تطورات أفضت الى الإعلان عن إلغاء مناورة عسكرية مشتركة كانت مبرمجة خلال شهر نوفمبر الماضي، كما أن الزيارة التي ينتظر أن يؤديها الرئيس تبون إلى موسكو قبل نهاية العام الماضي لم تتم في الموعد.

ويبدو أنه بتحديد موعد جديد للزيارة خلال شهر ماي المقبل، أراد الرئيس الجزائري إرسال رسالة طمأنة للروس، عن التمسك بالعلاقات التاريخية والإستراتيجية القائمة بين البلدين، وعدم تأثرها بما يتردد حول ضغوط غربية على الجزائر، من أجل تحييدها عن المعسكر الروسي، بسبب الصراع القائم حاليا في أوكرانيا.

وجاء الاتصال بين الرئيسين في أعقاب لقاء جمع بين وزير الصناعة في البلدين بالعاصمة الجزائرية، تناولا فيه سبل دعم وتطوير التعاون الصناعي بين البلدين، لكن بعد هدوء سجل في علاقات البلدين خلال الأسابيع الأخيرة، أوحى إلى أن الجزائر تريد امتصاص حدة الضغوط الغربية عليها بشأن علاقاتها مع روسيا.

ويطمح البلدان إلى إبرام اتفاقية شراكة إستراتيجية معمقة في المدى القريب، بحسب ما أعلنته مصادر حكومية ودبلوماسية روسية في وقت سابق، وينتظر أن تتوسع لتشمل العديد من القطاعات الهامة والإستراتيجية، على غرار الطاقة النووية والصناعات العسكرية.

الزيارة المنتظرة تتزامن مع أخرى سيقوم بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى فرنسا في شهر مايو المقبل

وكان التقارب المسجل خلال الأشهر الأخيرة بين الجزائر ودول أوروبية، فضلا عن زيارات متتالية لمسؤولين أميركيين، قد أعطت انطباعا بأن الضغوط الغربية قد وفقت في تحييد الجزائر عن المعسكر الروسي، خاصة غداة توقيع اتفاقيات لضخ كميات إضافية من الغاز للأسواق الأوروبية الباحثة عن التخلص من التبعية للغاز الروسي.

وساد الاعتقاد لدى دوائر أوروبية بأن الجزائر لم تعد ذلك الشريك الموثوق للروس، بسبب استغلالها فرصة الأزمة الأوكرانية لضخ المزيد من الغاز في الأسواق الأوروبية، مما وفر فرصة للأوروبيين للاستغناء تدريجيا عن الغاز الروسي، رغم تأكيدها في تصريحات رسمية بأن “موسكو تتفهم الموقف الجزائري وحاجتها لتسويق غازها لتوفير المزيد من العائدات لخزينتها العمومية”.

وتتزامن الزيارة المنتظرة والمعلن عنها مع زيارة أخرى مرتقب أن يؤديها الرئيس تبون إلى فرنسا في نفس الشهر، وهو ما يشكل موقفا لافتا، يترجم رغبة الجزائريين في تأكيد حيادهم في الصراع القائم بين الروس والغرب، واحترام المصالح المشتركة لمختلف الأطراف.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد صرح مؤخرا بأن “الغرب يريد جر العالم العربي إلى صراعه مع روسيا، وأن الجزائر شريك إستراتيجي لموسكو”، مما يوحي إلى رهان الروس على المنطقة من أجل بعث توازنات جديدة في العالم.

وينتظر أن تحتضن الجزائر قمة الدول المصدرة للغاز خلال العام الجاري، ولا يستبعد أن يكون الرئيس الروسي بوتين أحد المدعوين للقمة، التي تمثل “كارتل” ثقيلا في مجال الطاقة، ويمكن أن تكون القمة فرصة لرئيسي البلدين لعقد قمة غير مبرمجة تزيد من التقارب بين البلدين.

ويبقى اعتماد الجزائر في ترسانتها العسكرية واللوجيستية على السوق الروسية، أحد الهواجس التي تؤرق الغرب، وأثارت مخاوف نخب أميركية وأوروبية، حول التخطيط لإبرام صفقات ضخمة بين البلدين، توفر للروس مصدر تمويل لخزينتهم وتجهض العقوبات الغربية المسلطة عليهم، ولذلك دعت لإدراج الجزائر في خانة الدول المعادية لمصالح واشنطن وتطبيق عقوبات عليها.

4