الرئيس الجزائري في جولة عربية بأهداف ومضامين متباينة

هل تحصل القاهرة على عرض يتصل بقمة التكتل المغاربي الموازي.
الاثنين 2024/10/28
الجزائر تريد فك عزلتها الدبلوماسية

تحمل زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى مصر وسلطنة عمان أهدافا متباينة، من بينها السعي لفتح نوافذ تعاون جديدة في ظلّ الأزمة المتفجرة مؤخرا مع فرنسا، والدخول في عزلة دبلوماسية غير معلنة، فضلا عن طرح إمكانية إطلاق خارطة طريق جديدة لحل الأزمة الليبية، تكون مدعومة من طرف مصر.

الجزائر - شرع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في جولة عربية هي الأولى من نوعها منذ تتويجه بالولاية الرئاسية الثانية في انتخابات السابع من سبتمبر الماضي، وتشمل كل من مصر وسلطنة عمان، لتكون بذلك الثانية من نوعها بالنسبة للقاهرة، بعد تلك التي أداها العام 2022، والأولى لرئيس جزائري منذ استقلال البلاد في صيف 1962 بالنسبة للثانية.

وحل عبدالمجيد تبون، بالقاهرة في جولته، التي لم يتم الكشف عنها إلا صبيحة أمس الأحد في بيان مقتضب لرئاسة الجمهورية، الأمر الذي يضفي عليها طابعا استثنائيا، إن لم يكن تأكيد من مديرية الإعلام في قصر المرادية، على أنها تتحكم بشكل جيد في نشاط الرجل الأول في الدولة، وأنه لا مجال للتسريبات والتأويلات المبكرة.

وقال بيان الرئاسة، إن “رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون يشرع ابتداء من اليوم (الأحد) في زيارة عمل وأخوة إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، وزيارة دولة إلى سلطنة عمان الشقيقة”. وأوضحت أن “الزيارتين تندرجان في إطار تعزيز أواصر الأخوة والتعاون”، ولم تقدم أي تفاصيل بشأن مدة الزيارة ولا أجندتها، قبل أن تكشف وسائل إعلام مصرية عن برمجتها خلال يومين.

وأظهرت صور نشرتها الرئاسة مراسم توديع الرئيس تبون بمطار العاصمة الدولي هواري بومدين، بحضور رئيس الوزراء نذير العرباوي، وقائد أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، ومدير ديوان الرئاسة بوعلام بوعلام.

ويخيم الوضع الإقليمي والعربي المتوتر على زيارة تبون إلى البلدين العربيين، ففضلا عن التماس المتنافر بين الجزائر ومصر في الأزمة الليبية والتي كانت محل خلاف بينهما، فإن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، يشكل ملفا ثقيلا في حقيبة الرئيس الجزائري.

ويبدو أن تبون، المتواجد تحت حالة من الضغط نتيجة التجاذبات التي تجمع بلاده ببعض دول الجوار والإقليم، خاصة بعد الأزمة المتفجرة مؤخرا مع فرنسا، والدخول في عزلة دبلوماسية غير معلنة، يريد فتح نافذة جديدة في إطار العمل القومي، لاسيما العمل الإنساني، حيث يصطدم استعداد الجزائر لتوجيه مساعدات لسكان غزة بالإجراءات التي تطبقها مصر على معبر رفح.

ولا يستبعد مراقبون، أن تكون زيارة الرئيس تبون إلى القاهرة، بصدد تقديم عرض للمصريين، حول قمة قادة الثلاثي المشكل للتكتل الإقليمي الشمال أفريقي المنتظرة في العاصمة طرابلس، بحضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والرئيس التونسي قيس سعيد وعبدالمجيد تبون، وطرح إمكانية توسيع المبادرة أو إطلاق خارطة طريق جديدة لحل الأزمة الليبية، تكون مدعومة من طرف مصر، على اعتبار أنها بلد شقيق ومجاور وصاحبة نفوذ. 

وتوحي مرافقة وزير الخارجية أحمد عطاف، ووزير الطاقة محمد عرقاب، للرئيس تبون في زيارته لمصر، بملامح الزيارة، فهي على طابعها السياسي والدبلوماسي، قياسا بالوزن الذي يمثله البلدان في العمل العربي، فإن التعاون الطاقوي وحتى تمرير شحنات نفط إلى غزة، حتمت حضور وزير الطاقة لوضع بطاقة المساعدات لقطاع غزة.

◙ الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، المتواجد تحت حالة من الضغط يريد فتح نافذة جديدة في إطار العمل القومي

وكان تصريح للرئيس الجزائري خلال حملته الانتخابية، قد أثار لغطا في الأوساط السياسية والإعلامية بالجزائر ومصر، لما قال: “لو تُفتح لنا الحدود سترون ماذا تفعل الجزائر، الجيش جاهز لبناء ثلاث مستشفيات لأهل غزة في ظرف 20 يوما”، وهو ما اعتبر انتقادا ضمنيا للدور المصري في إدارة الدعم الإنساني والتضامني لسكان القطاع المتضررين من العدوان الإسرائيلي.

وذكر مصدر مطلع، أن الرئاسة الجزائرية حينها اضطرت للاتصال بنظيرتها المصرية لتوضيح محتوى ومغزى التصريح، وأنه لا يتضمن ما تم تداوله في عدد من الدوائر حول تعليق شماعة التجاهل العربي للشأن الإنساني في غزة على السلطة المصرية، وقدمت تبون في ثوب المترشح وليس الرئيس، ومنه فإن التصريح لا يعدو إلا مجرد عمل دعائي انتخابي، ولن يكون موقفا رسميا للدولة الجزائرية.

ومن جانب آخر تأخذ زيارته إلى سلطنة عمان، طابع زيارة دولة، مما يؤكد التحاق الوفد الذي سيرافقه لاحقا في العاصمة مسقط، وتعد هي الأولى من نوعها لرئيس جزائري إلى السلطنة، وأن أهم ما يربط البلدان، هو المذهب الإسلامي الإباضي، الذي يمثل المرجعية الأولى للشعب العماني، ويمثله في الجزائر المكون الميزابي في منطقة غرداية وضواحيها، وقد سبق للحكومة العمانية أن اطلعت عن وضعية هؤلاء خلال الاستقطاب الطائفي بينهم وبين السنيين المالكيين خلال العام 2013.  

ويبدو أن الرئيس تبون، الذي تتواجد بلاده في حالة فتور مع المملكة العربية السعودية وأزمة غير معلنة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، يريد تحجيم تأثيرهما عبر مد جسور علاقات دبلوماسية وتعاون اقتصادي مع دول الخليج العربي الأخرى، بداية من قطر والكويت ثم سلطنة عمان.

وفي تعليق لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، ذكرت بأن، “العلاقات بين الجزائر ومصر تتميز بعمقها التاريخي وطابعها الإستراتيجي في ظل تطلع البلدين دوما إلى بناء تعاون مثمر يلبي طموحات شعبيهما الشقيقين، علاوة على سنة التشاور والتنسيق الدائمة في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، لاسيما تلك التي تخص الأمة العربية والإسلامية وكذلك القارة الأفريقية ".

وأضافت "لقد شهدت العلاقات الثنائية بين الجزائر ومصر في السنوات الأخيرة ديناميكية جديدة تجسدت من خلال حرص رئيس الجمهورية، عبدالمجيد تبون ونظيره المصري، عبدالفتاح السيسي على توطيد روابط الأخوة التاريخية والارتقاء بعلاقات التعاون والشراكة في مختلف الـمجالات إلى آفاق أرحب بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين ويلبي تطلعات الشعبين الشقيقين".

ولفتت إلى أن "ديناميكية هذه العلاقات التي تعد نموذجا للتعاون والتضامن بين البلدان العربية والأفريقية، تتجلى في الزيارات الرسمية المتبادلة بين قائدي البلدين، حيث كان رئيس الجمهورية قد قام بزيارة أخوة وعمل إلى القاهرة في يناير 2022 تلبية لدعوة من أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما شارك بشرم الشيخ في نوفمبر من نفس السنة في قمة رؤساء الدول والحكومات للدورة الـ27 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وبدوره، شارك الرئيس المصري في الدورة الـ31 للقمة العربية التي جرت بالجزائر مطلع شهر نوفمبر من سنة 2022".

4