الرئيس الجزائري: حماية السيادة الوطنية ليست تهديدا لأمن المنطقة

الجزائر - أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون خلال حضوره الأول من نوعه لمناورة عسكرية أن اكتساب شروط وإمكانيات حماية السيادة الوطنية لم يكن تهديدا لأمن المنطقة أو تهديدا لأحد، في تلميح إلى إمكانية التأويل السياسي أو الإعلامي لدواعي التمارين العسكرية الميدانية التي يجريها الجيش، خاصة في ظل التوتر الذي يطبع العلاقات الجزائرية - المغربية.
وشدد تبون في أعقاب المناورة العسكرية التي نفذتها قيادة الجيش بمحافظة الجلفة (300 كلم جنوب العاصمة) على أن “عقيدة الجزائر كانت ولا تزال دفاعية وأنها تحرص دائما على احترام سيادة الدول، كما أنه لم يسبق لها في تاريخها أن كانت مصدر تهديد أو تعدّ على أحد”.
وأكد على أن بلاده “كانت ولا تزال قلعة سلم وأمان، لم يسبق في تاريخها أن كانت مصدر تهديد أو اعتداء، منطلقها في ذلك مبادئ حسن الجوار والسعي للأمن المشترك الذي ينبع من صميم تاريخنا السياسي والعسكري، غير أنه لا يخفى في عالم اليوم أن اكتساب موجبات القوة والتحكم في عناصرها يعد من أولوياتنا لحماية سيادتنا الوطنية”.
منذ انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر 2019 يحضر الرئيس الجزائري لأول مرة مناورة عسكرية نفذها الجيش بالذخيرة الحية
وأضاف تبون “أمام محاولات زرع الاضطرابات الأمنية في جوارنا، التي تتغذى من أجندات خارجية متضاربة تسعى للاستحواذ على الموارد خاصة الطاقة على حساب أمن الشعوب في منطقتنا، وهو ما يدعو الجيش الوطني الشعبي إلى الحرص على مواكبة التطورات الأمنية والعسكرية، وإلى السهر على الاستغلال الأمثل للإمكانيات المادية والبشرية المسخرة حصريا للتأمين الشامل لحدودنا الوطنية، وحماية المواقع الإستراتيجية، والتصدي للهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات والأسلحة والذخيرة”.
وحمل خطاب الرئيس الجزائري رسائل طمأنة للمراقبين، تفاديا لأي تأويل سياسي وإعلامي يزيد من تغذية الخلافات التي تطبع المنطقة، خاصة الأزمة القائمة بين الجزائر والمغرب، والتي طرحت في بعض محطاتها فرضية المواجهة العسكرية بين البلدين، بسبب السجال المتصاعد بينهما.
ولأول مرة منذ انتخابه رئيسا للبلاد نهاية ديسمبر 2019 يحضر الرئيس تبون مناورة عسكرية نفذها الجيش بالذخيرة الحية، وهو ما يعتبر وقوفا من رئيس الدولة على يقظة وجاهزية أفراد المؤسسة أمام التحديات القائمة.
ويشغل رئيس الجمهورية الجزائرية بموجب الدساتير التي عرفتها البلاد منصبي وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي حالات نادرة تم تنصيب وزير منتدب لدى وزير الدفاع الوطني أو نائب له، كما حدث مع اللواءين الراحلين عبدالمالك قنايزية وأحمد قايد صالح خلال حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
وصنف موقع “غلوبال فاير باور” المتخصص في الشؤون العسكرية الجيش الجزائري من ضمن الجيوش الأقوى في العالم، وجاء في الترتيب الـ26 عالميا من ضمن 150 مؤسسة عسكرية، والثاني أفريقيا، والثالث عربيا، ويعتمد الموقع في دراساته على عدة معايير كالتركيبة البشرية والمساحة الجغرافية والموارد الطبيعية والموازنة المالية، وقوة سلاح البر والجو والبحر.
وذكر الرئيس تبون بأن “السياقات الجيوسياسية الاستثنائية العالمية والإقليمية تزيد من عزمنا على مواصلة تطوير وعصرنة منظومة الدفاع الوطني، سواء تعلق الأمر بامتلاك أحدث التكنولوجيات العسكرية والأسلحة والمعدات والتحكم فيها، أو بتأهيل العنصر البشري لمسايرة هذه التكنولوجيات المتطورة والتحكم في تقنياتها، بهدف حماية أمننا ومصالحنا الوطنية الحيوية، والدفاع عن حدودنا البرية والبحرية ومجالنا الجوي”.
السلطات الجزائرية أخرجت المؤسسة العسكرية من دائرة الرقابة والمساءلة البرلمانية، بدعوى الحفاظ على الملفات والأسرار الإستراتيجية
وأضاف “يسعدني في هذه المناسبة، ونحن على بعد أيام من الذكرى الحادية والستين لعيد الاستقلال الوطني، وعلى إثر ما عشناه قبل لحظات من مشاهد المجد والفخر التي جسدتها وحداتنا القتالية باحترافية عالية من خلال تنفيذ التمرين التكتيكي بالذخيرة الحية، أن نقف بشموخ الأوفياء للشهداء على جوانب من إنجازات مؤسستنا العسكرية العتيدة المشرفة للجيش الوطني الشعبي والمعززة لثقة الشعب الجزائري الأبي في جيشه المغوار”.
وتابع قائلا “التركيبة البشرية المؤهلة علميا وتقنيا تعد عاملا أساسيا في كسب رهان الجاهزية الدائمة والقدرة العملياتية العالية، ولا شك أن بلوغ تلك الأهداف يستوجب انسجاما وتكاملا مهنيا وعملياتيا بين مختلف مكونات الجيش الوطني الشعبي للتكيف السريع مع الوضع القائم، من خلال الاعتماد على تركيبة بشرية مؤهلة علميا وتقنيا، قادرة على استغلال التجهيزات العصرية، ومصممة على تمكين قواتنا المسلحة من كسب رهان الجاهزية الدائمة والقدرة العملياتية العالية”.
وتولي الجزائر في السنوات الأخيرة اهتماما بالغا لقواتها العسكرية برصد موازنات سنوية ضخمة بغرض التسليح واقتناء معدات وتجهيزات حديثة، حيث خصصت مبلغا يناهز 23 مليار دولار لوازرة الدفاع خلال موازنة العام الجاري، قبل أن تخفضها إلى 18 مليار دولار تحت ضغط الانتقادات التي طالتها بدعوى الاهتمام بالقطاع العسكري على حساب القطاعات الأخرى.
كما أخرجت السلطات الجزائرية المؤسسة العسكرية من دائرة الرقابة والمساءلة البرلمانية، بدعوى الحفاظ على الملفات والأسرار الإستراتيجية، وتفادي وضعها أمام التداول السياسي والإعلامي، وهو ما لم يرق لقوى سياسية معارضة رأت ذلك تغطية على ممارسات معرضة للانحراف، بدليل تواجد العشرات من الجنرالات والضباط السامين في السجون بتهم الضلوع في الفساد.