الرئيس التونسي يوجه الحكومة باختصار المسافات لتحقيق الإنجازات بعد فوزه المريح بعهدة جديدة

تونس- وجه الرئيس التونسي قيس سعيد الحكومة بالمرور إلى “السرعة القصوى لتلبية حاجيات المواطنين”، في لقاء جمعه مع رئيس الوزراء كمال المدوري، قبيل إعلان النتائج الأولوية للانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس من أكتوبر، وفاز فيها بعهدة رئاسية ثانية لمدة خمسة أعوام، متحصلا على نسبة 90.69 في المئة من أصوات المقترعين.
ويدرك قيس سعيد (66 عاما) أن فوزه في الاستحقاق بنسبة تأييد عالية يشكل ضغطا إضافيا عليه لجهة الحفاظ على الثقة التي منحها إياه التونسيون، وهو ما لا يمكن أن يكون سوى عبر إنجازات يلمسها المواطن على أرض الواقع.
وشدد الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة بقصر قرطاج على ضرورة مضاعفة كل المسؤولين لجهودهم والمرور إلى السرعة القصوى لتلبية حاجيات المواطنين لاختصار المسافة في الزمن وفي التاريخ ولرفع شتى أنواع التحديات، معتبرا أن انتظارات الشعب كبيرة ولا بدّ من العمل على تحقيقها وخاصة استرجاع الدولة لدورها الاجتماعي.
وأكّد سعيّد في بلاغ لرئاسة الجمهورية على ضرورة تخطّي كل العقبات ومراجعة العديد من التشريعات بفكر جديد وبعزيمة لا تلين، مشيرا إلى أن “الشعب التونسي أبرز وعيا عميقا بدقّة المرحلة ولا بدّ على كل مسؤول عن أي مرفق عمومي أن يكون مثالا في البذل وفي التعفّف وفي العطاء وأن يجد الحلول السريعة”.
وقال إن تونس دخلت مرحلة جديدة في التاريخ وعلى كل المسؤولين أن يكونوا في الموعد لتحقيق طلبات الشعب المشروعة.
وكشف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس فاروق بوعسكر الاثنين في مؤتمر صحفي لإعلان النتائج الأولية الرسمية، أن المرشح قيس سعيد حصل على مليونين و389 ألفا و954 صوتا من أصل مليونين و808 آلاف و545 ناخبا بما يعطيه نسبة 90.69 من الأصوات.
في المقابل حصل المرشح العياشي زمال على 7.35 في المئة، وزهير المغزاوي على 1.97 في المئة، وفق هيئة الانتخابات التي أشارت إلى أن نسبة المشاركة في انتخابات 2024، هي الأدنى في انتخابات الرئاسة في تونس منذ انتفاضة 2011.
وفي أكتوبر 2019، حسم سعيد الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بحصوله على 72.71 في المئة من الأصوات أمام رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي الذي تحصل حينها على 27.29 في المئة من الأصوات.
◄ الديون العامة، التي تبلغ أكثر من 45 مليار دولار أو ما يعادل 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تشكل تحديا كبيرا لسعيد
ويقول المحللون إن التجديد لسعيد، يعكس نفور الشارع التونسي من منظومة الأحزاب، بعد تجارب مريرة معها خلال العشرية التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
ويشير المحللون إلى أن الكثير من التونسيين يفضلون الحفاظ على قدر من الاستقرار السياسي والاجتماعي للتركيز على الجانب الاقتصادي، وأن نسبة كبيرة منهم ترى بضرورة منح سعيد فرصة ثانية لاستكمال برنامجه.
وقبل توليه الرئاسة عام 2019 قال سعيد في تصريحات للصحافة التونسية “أنا لا أبيع الوهم للشعب التونسي، وبرنامجي الذي أعلنته واضح، وهو أن الشعب هو مصدر السلطات، والدستور يجب أن يكون قاعديا، ولا يوجد ما يسمى دولة مدنية ولا دينية“.
وقال وقتها إنه ترشح “مدفوعا بإكراهات واقع يرى أنه لم يرق إلى تطلعات شعب ثار على نظام مستبد“.
قيس سعيد: تونس دخلت مرحلة جديدة في التاريخ وعلى كل المسؤولين أن يكونوا في الموعد لتحقيق طلبات الشعب المشروعة
وخلال ترشحه الأول، كان يقول إن السلطة “ستكون بيد الشعب الذي يقرر مصيره ويسطر خياراته”، وهو ما أطلق عليه وقتها عبارة “الانتقال الثوري الجديد”، وهو أساس شعار حملته الانتخابية التي كانت تحت عنوان “الشعب يريد“.
وهذه المرة خاض أنصار سعيد حملته الانتخابية بزعامة شقيقه المحامي نوفل سعيد تحت شعار “الشعب يريد البناء والتشييد”.
ويواجه الرئيس سعيد في فترته الرئاسية الجديدة، تحديات كبرى زادت من حدتها تغيرات المناخ والتوترات الإقليمية والدولية، وتفاقم مشاكل الهجرات غير المنظمة التي ترنو إلى الوصول إلى الأراضي الأوروبية عبر سواحل تونس.
واقتصاديا، تنتظر سعيد تحديات تمويل المشاريع الكبرى التي أعلنها في الآونة الأخيرة، مثل المدينة الطبية بالقيروان (وسط) والقطار السريع العابر للبلاد من الشمال إلى الجنوب وجسر بنزرت (شمال).
وتشكل الديون العامة، التي تبلغ أكثر من 45 مليار دولار أو ما يعادل 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تحديا كبيرا لسعيد لما تمثله من عبء على موازنة الدولة في ظل قلة في موارد النقد الأجنبي والفجوة التمويلية التي تقدر بأكثر من 9 مليارات دولار.