الرئيس التونسي يفوّت الآجال على تعديلات قانونية على مقاس التحالف الحاكم

تونس – حسم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الجدل بشأن التعديلات التي أدخلت على القانون الانتخابي، والتي وصفت بأنها قوانين على مقاس التحالف الحاكم، وأنها بمثابة قانون للعزل السياسي ضد شخصيات تتبوّأ مراتب متقدمة في استطلاعات الرأي.
وأكد المستشار السياسي للسبسي، نورالدين بن تيشة، أن الرئيس التونسي لم يختم القانون الأساسي المتعلق بإتمام وتنقيح قانون الانتخابات الذي كان صادق عليه البرلمان، الثلاثاء 18 يونيو 2019.
وقال بن تيشة في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، السبت، إن السبسي لم يختم القانون لأنه “يرفض منطق الإقصاء ويرفض أن يمضي تعديلات قدت على المقاس لجهات معينة”، مؤكدا أن الرئيس هو الحامي لدستور يناير 2014 والضامن لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
وكشف عن أن السبسي سيتوجّه بخطاب خلال الأيام القليلة القادمة يوضح فيه كل النقاط الخاصة بموضوع التعديلات.
ويقول مراقبون إن هذا الموقف يؤكد حياد مؤسسة الرئاسة التونسية عن الصراعات الحزبية، وأنها تتمسك بدورها في حماية الدستور وضمان تنفيذ بنوده ومنع العبث بها مهما كانت الجهة المستفيدة أو المتضررة.
وراهن المراقبون على أن مؤسسة الرئاسة لم تكن لتقبل أي شكل من الإقصاء السياسي الذي تضمنته تعديلات على قانون الانتخابات مثيرة للجدل وسط اتهامات للتحالف الحاكم، أي حركة النهضة وحزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بالتخطيط لاحتكار السيطرة على البرلمان.
وعبرت حركة النهضة عن قلقها لعدم توقيع الأمر الرئاسي الذي يقر التعديلات في قانون الانتخاب، رغم انتهاء المدة القانونية لذلك. ودعت الكتل البرلمانية والأحزاب إلى المسارعة بالاجتماع والتشاور من أجل معالجة تداعيات هذه الوضعية، واقتراح الترتيبات المناسبة للخروج منها.
القانون الانتخابي يعدّ مختوما ويمكن نشره في حال لم يوقعه الرئيس في الآجال المحددة في الفصل 81
وصادق برلمان تونس على تعديلات مثيرة للجدل للقانون الانتخابي في يونيو الماضي، تقضي بتقييد شروط الترشح إلى التشريعية والرئاسية، وستمهّد عمليا لإبعاد مرشحين بعينهم.
وشملت التعديلات شرط الحصول على نسبة 3 بالمئة كحدّ أدنى (عتبة) لعبور الانتخابات التشريعية، ومنع ترشّح كل من ثبتت استفادته من استعمال جمعية أو قناة تلفزيونية للإشهار السياسي (الدعاية السياسية) أو كل من مجّد الدكتاتورية أو توجّه بخطاب يدعو إلى الكراهية والعنف.
وفي غياب محكمة دستورية تأخر وضعها منذ 2015، تولت هيئة وقتية لمراقبة دستورية القوانين النظر في طعن تقدم به نواب ضد القانون في البرلمان وأفضى ردّ الهيئة إلى رفض الطعن.
وأحيل القانون على رئيس الجمهورية لتوقيعه قبل نشره بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية) أو إحالته للاستفتاء الشعبي أو إعادته إلى البرلمان من أجل قراءة ثانية، لكن لم يحصل شيء من هذا في الآجال التي حددها الدستور في الفصل 81 على الأقل.
ويفترض أن تبدأ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تلقي ملفات الترشح إلى التشريعية، الاثنين 22 يوليو، ولا يعرف ما إذا كان سيتم اعتماد القانون الانتخابي قبل التعديل أو بنسخته المعدلة.
ويطرح هذا الوضع حتى الآن تأويلات دستورية متضاربة.
وقال أستاذ القانون الدستوري ورئيس “شبكة دستورنا” جوهر بن مبارك، إن القانون الانتخابي يعدّ مختوما ويمكن نشره في حال لم يوقعه الرئيس في الآجال المحددة في الفصل 81.
وفي كل الأحوال فإن امتناع الرئيس عن إجازة هذا القانون قد يفضي إلى أزمة سياسية معقدة من الناحية الدستورية.
وكتب السياسي عصام الشابي أمين عام الحزب الجمهوري على صفحته بموقع فيسبوك “إذا حصل ولم يقم رئيس الجمهورية -لا قدر الله- بما يمليه عليه الواجب الدستوري، فإنه سيضع بذلك البلاد في مواجهة أزمة غير مسبوقة بتعطيله عمل دواليب ومؤسسات الدولة، عشية فتح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الباب أمام تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية القادمة”.
وقبل أسابيع تفادت تونس أزمة دستورية في الحكم بسبب غياب محكمة دستورية، أثناء مرض الرئيس السبسي في يونيو الماضي.
وتملك المحكمة وحدها صلاحية إقرار حالة الشغور الوقتي أو النهائي في منصب الرئاسة قبل نقل السلطة، ولكن السبسي استعاد عافيته بعد أزمة صحية خطيرة متعهدا بإتمام ولايته الرئاسية حتى أواخر ديسمبر المقبل.
وتشهد تونس هذا العام ثالث انتخابات لها منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011 إثر الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، إثر انتفاضة شعبية، وهي الثانية بعد إصدار دستور جديد للبلاد في 2014.
إقرأ أيضاً: انتخابات تونس.. مقاطعة شعبية وصراع مواقع وليس برامج