الرئيس التونسي يفتح مواجهة مع الحقوقيين بتأييده عقوبة الإعدام

حقوقيون يؤكدون أن قيس سعيد غير مخول بتطبيق تنفيذ أحكام الإعدام لأنه في الأساس شان قضائي.
الثلاثاء 2020/09/29
سعيد يطالب بالتصدي بكل حزم لجرائم القتل

تونس - أثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد بشأن تفعيل تنفيذ عقوبة الإعدام جدلا واسعا حول إمكانية انسحاب تونس من الاتفاقيات الدولية ومخالفة النصوص الدستورية التي تنص على الحق في الحياة.

ومن شأن تصريحات سعيد التي أبدى فيها دعما لتطبيق الإعدام في تونس، أن تثير مواجهة مع المجتمع الحقوقي الذي يطالب بإلغاء هذه العقوبة من القانون التونسي.

وأكد سعيد، مساء الاثنين، خلال إشرافه بقصر قرطاج على اجتماع لمجلس الأمن القومي على "وجوب التصدي بحزم للجرائم النكراء وتطبيق القانون على كل المجرمين وتطبيق حكم الإعدام إن اقتضى الأمر ذلك".

وقال سعيد "هناك من يطالب بالإعدام …وهناك نقاش حول هذه المسألة ولكني أود أن أكون صريحا بالنسبة لبعض الدول التي ألغت هذه العقوبة لا ينطق بها القاضي ولكنها تُنفذ على الأفراد دون اللجوء إلى القضاء ..النقاش يطول حول هذه المسألة والنص واضح… من قتل نفسا بغير حق جزاؤه الإعدام".

وأضاف "بطبيعة الحال تُوفر له كل ظروف الدفاع عن نفسه ولكن إذا ثبت أنه قتل نفسا فلا أعتقد أن الحكم يقتضي مثلما يدعي البعض عدم تنفيذ عقوبة الإعدام …لكل مجتمع اختياراته ولنا اختياراتنا ومبادئنا والنص موجود… إذا كان هناك عفو فهو لمن يستحق ولا لمن يُجرم مرتين".

تأتي تصريحات سعيد على خلفية جريمة قتل بشعة ذهبت ضحيتها فتاة في عقدها العشرين أثارت ردود فعل غاضبة ومستنكرة ومطالبات من عائلتها ومن نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي بتطبيق عقوبة الإعدام على الجاني.

ويستبعد متابعون تفعيل تونس لعقوبة الإعدام بعد تعليق العمل بها منذ 1991، وتعهدها بإلغائها أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف والأمم المتحدة، كما حدد المشرع التونسي بالقانون عدد 58 لسنة 2017 الفصل 227 جديد استبدل عقوبة الإعدام بالحكم مدى الحياة.

وتجدر الإشارة إلى أن آخر حكم إعدام تم تنفيذه في تونس يعود إلى 17 نوفمبر 1991 بحق متهم عرف بـ"سفاح نابل" ارتكب سلسلة من جرائم القتل والاغتصاب استهدفت 14 طفلا.

وتم إلغاء عقوبة الإعدام في جرائم الاغتصاب منذ بدء العمل بقانون القضاء على العنف ضد المرأة الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب في صيف 2017. وقد كان ينص بالخصوص الفصل 227 على عقوبة الإعدام ضد الجاني في جريمة الاغتصاب باستعمال العنف أو التهديد، أو تجاه الطفلة دون العشرة أعوام ولو دون استعمال الوسائل المذكورة.

ورفضت منظمات حقوقية محلية ودولية تنفيذ عقوبة الإعدام كونها لا تؤدي إلى تراجع جرائم القتل ودعت منظمة العفو الدولية، الدولة التونسية إلى عدم تطبيق هذه العقوبة ومواصلة الالتزام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار إيقاف التنفيذ في اتجاه الإلغاء التام لها.

ويرى المحامي حسن الغضباني في تصريح لإذاعة " إي اف أم" الخاصة أن الرئيس غير مخول بتطبيق تنفيذ أحكام الإعدام لأنه في الأساس شان قضائي رغم أن هنالك حالات استثنائية عفا فيها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عن المتورطين في جرائم القتل.

واستغرب شكري لطيف رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام دعوة أطراف لتنفيذ حكم الإعدام معتبرا ذلك موقف ضدّ المنظومة الحقوقية والدولة المدنية لرغبتها في إعادة تركيز قانون الغاب وإعادة عقوبة القصاص والرجم وإقامة الحدّ الأمر الذي لا يتماشى وتطور المجتمع التونسي".

وأكد لطيف أن عقوبة الإعدام هي العقوبة الوحيدة التي لا يمكن تدارك خطأ القضاء فيها، إذا ثبت براءة متهم نفذ فيه حكم الإعدام، ورغم أنها لم تثني مقترفي الأفعال الإجرامية الخطرة فإن السياسة الجزائية تصر على إبقاء هذه العقوبة في النظام الجزائي.

واتهم سعيد جهات لم يسمها ووصفها بالشبكات الإجرامية قائلا هناك "شبكات تقف وراء العمليات الإجرامية مشددا على أن مرتكبي مثل هذه الجرائم لن يتمتعوا مستقبلا بالسراح الشرطي ولا بالتقليص من مدة العقوبة المحكوم عليهم .

وأضاف "هذه الشبكات هدفها إرباك المجتمع ولا بد من التصدي للمجرمين الذين يرتكبون جرائم مادية ومن يقف وراءهم ..لا بد من أن نتحمل كلنا المسؤولية في ظل هذا الوضع.. بالنسبة لجرائم الفساد التي كنت قد ذكرتها ومازالت أمام القضاء ولم يتم النظر فيها …للأسف بعض القضايا التافهة يتم النظر فيها في ظرف أسبوع أو حتى أقل… أما بعض القضايا الأخرى ممن أدان التاريخ أصحابها فتبقى في رفوف المحاكم والإدانة التاريخية أهم وأقوى من إدانة محكمة تنتصب لقضاء تتسلل إليها السياسة …من أدانهم التاريخ لن ينتظر المجتمع حكم القضاء لإدانتهم".

وتباينت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي حول تصريحات قيس سعيد وفيما اعتبرها البعض أنها شعبوية يستهدف منها إرضاء ناخبيه، وهي تدخل في السلطة القضائية، يقول آخرون إن تطبيق العقوبة قد تكون إحدى الخيارات لاحتواء تنامي ظاهرة الجريمة في المجتمع التونسي.