الرئيس التونسي يعرض صلحا جزائيا مع رجال أعمال فاسدين مقابل التعهد بمشاريع

تونس - بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد حملته على قضايا الفساد بعرض صلح جزائي وتسوية قانونية مع كل المتورطين في نهب المال العام، مقابل التعهد بإقامة مشاريع، وذلك بعد أيام على اتخاذه سلسلة من القرارات والتغييرات بدأت بإقالة رئيس الحكومة وتجميد أعمال البرلمان.
ويعتبر ملف مكافحة الفساد على سلم أولويات الرئيس سعيد باعتباره هدفا للتغيير والإصلاح الاقتصادي والإداري.
وقال الرئيس سعيد الأربعاء إنه سيصدر قانونا لعقد صلح جزائي مع رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد مقابل تعهدهم بإطلاق مشاريع للتنمية والتشغيل في أنحاء البلاد.
وأوضح أثناء لقائه سمير ماجول رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن ما يصل إلى 13.5 مليار دينار تونسي (4.8 مليار دولار أميركي) من الأموال المنهوبة يجب أن تعود للشعب.
وحسب تقرير أصدرته لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة بعد ثورة 2011، هناك 460 رجل أعمال متورطين في الفساد وفي نهب تلك الأموال.
ويشمل مقترح الرئيس سعيد الذي عرضه منذ عام 2012 أن يتولى رجال الأعمال إعادة هذه الأموال عبر إطلاق مشاريع في الجهات المهمّشة والفقيرة داخل البلاد على غرار مشاريع البنى التحتية كالمستشفيات والمدارس.
ويمثل المقترح أحد الحلول التي يسعى من خلال الرئيس التونسي إلى خلق فرص عمل للعاطلين وتنمية المناطق الأكثر فقرا في البلاد.
وقال سعيد "سيصدر نص في هذا المجال لإبرام صلح جزائي بعد ترتيب هؤلاء ترتيبا تنازليا من الأكثر تورطا إلى الأقل تورطا ويتعهد كل واحد بـالقيام بمشاريع".
وإلى ذلك دعا كل المتورطين إلى الانخراط في هذا الصلح عوضا عن الملاحقة القانونية والقضائية والدخول إلى السجن، مؤكدا أنه لا يريد التنكيل بأي كان أو المس برجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة الذين يدفعون الضرائب، لافتا إلى أن هدفه هو إعادة الأموال المنهوبة للشعب.
وأضاف الرئيس التونسي الذي أعلن التدابير الاستثنائية في البلاد لمدة ثلاثين يوما، أن مكافحة الفساد ستكون أولوية بالنسبة إليه.
وساهم الركود الاقتصادي مع عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على التوفيق بين المطالب المتعارضة للمقرضين الأجانب والاتحاد العام التونسي للشغل المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع في البلاد في تنامي الغضب العام قبل قرارات سعيد الأحد.
وأكد سعيد في كلمته المسجلة أن الاختيارات الاقتصادية الخاطئة تسببت في ضغوط مالية كبيرة على البلاد.
ودعا التجار إلى خفض الأسعار، محذرا في الوقت نفسه من التخزين أو المضاربة، ومتوعدا المخالفين بالمحاسبة أمام القانون.
وقبل لقائه بماجول اجتمع الرئيس سعيد بأعضاء المجلس الأعلى للجيوش والقيادات الأمنية بالبلاد وللمرة الثانية في أقل من أسبوع.
وضم الاجتماع كبار الجنرالات للجيش التونسي والقيادات العليا في مكافحة الإرهاب لبلورة الخطوات اللاحقة بعد تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة على نوابه.
وقرر سعيد صباح الأربعاء، نشر القوات المسلحة أمام مقر القطب القضائي التونسي لمكافحة الفساد، ومنع دخول الموظفين من العمل تخوفا من تهريب الملفات التي تدين الفساد السياسي.
وهدد كل من يحاول إتلاف الوثائق من المؤسسات العمومية والإدارية بالمتابعة والمحاسبة القضائية.
ومساء الأحد، أعلن الرئيس التونسي تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من منصبه، على خلفية احتجاجات عمت تونس تنديدا بما آلت إليه الأوضاع على جميع الأصعدة، جراء سياسات حركة النهضة الإسلامية.
وجاءت قرارات سعيد استجابة لدعوات بالشارع طالبت بتفعيل الفصل 80 من دستور البلاد الذي يخول للرئيس "اتخاذ تدابير استثنائية في حال وجود خطر داهم".