الرئيس التونسي يصعّد خطابه واصفا الوضع السياسي بالمؤلم والمقرف

تونس – واصل الرئيس التونسي قيس سعيّد من القاهرة تصعيد خطابه الموجه إلى الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، حيث استغلّ لقاءه بأفراد الجالية التونسية المقيمة بمصر للحديث عن الواقع التونسي الذي وصفه بالمرهق والمقرف.
وقال سعيّد إن "الوضع الدستوري والسياسي في تونس مرهق ومقرف"، وعزا ذلك إلى غياب "إرادة خالصة ونية صادقة" بإمكانها أن تخرج تونس من الوضع المتردي الذي بلغته بسرعة وسهولة.
ويؤدي الرئيس التونسي منذ الجمعة الماضي زيارة رسمية إلى مصر تستمرّ ثلاثة أيّام، التقى خلالها نظيره المصري عبدالفتاح السيسي وعددا من المسؤولين.
وشدّد الرئيس التونسي على الدور المهم للتونسيين في الخارج في تعزيز إشعاع تونس وتطوير علاقاتها وشراكاتها مع دول الإقامة في كافة المجالات.
وتطرّق إلى بعض مشاكل التونسيين المقيمين في مصر، ومن بينها تلك المتعلقة بالتأشيرة والتنقل بين البلدين، مؤكدا أن الجانب المصري مستعدّ لتجاوز كل الإشكالات، من منطلق أن ما يجمع البلدين "مصلحة مشتركة" وليست مصالح.
وأشاد سعيّد بالعلاقات التاريخية التي تجمع تونس ومصر، قائلا ''التاريخ جمعنا في السابق وفي الحاضر وسيجمعنا في المستقبل''، مستعرضا التبادل الثقافي والحضاري والعلمي بين البلدين على امتداد التاريخ.
والسبت أجرى قيس سعيّد محادثة ثنائية مع الرئيس المصري بقصر الاتحادية، وعقد الرئيسان مؤتمرا صحافيا مشتركا أبرزا خلاله ضرورة التسريع بعقد الاستحقاقات الثنائية، وفي مقدمتها اللجنة العليا المشتركة ولجنة التشاور السياسي لصياغة رؤى جديدة للعلاقات الثنائية بفكر جديد، وتنويع مجالات التعاون وتطويرها لاسيما على المستويين التجاري والاستثماري، فضلا عن إعلان اعتماد سنة 2021 - 2022 سنة الثقافة التونسية المصرية.
وأكد الرئيسان تطابق وجهات النظر بشأن قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، وفي مقدمتها الملف الليبي والقضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب والتطرف.
ولا يتوانى الرئيس التونسي منذ أشهر عن توجيه انتقاداته الحادة للنظام السياسي والأوضاع السياسية القائمة في تونس.
ويعتبر تعديل النظام السياسي القائم أحد عناصر برنامج سعيّد الانتخابي، ويرى مراقبون أنه يحاول عبر تصريحاته عن جدوى هذا النظام في حلّ مشاكل تونس، طمأنة داعميه بأنه سيطبق وعوده الانتخابية، خاصة وأنه شدد على التزامه بتحقيق كافة الوعود.
وتعتمد تونس نظاما برلمانيا أقره دستور 2014، ويحدّ من هيمنة رئيس الجمهورية على الدولة، فيما تتوزع السلطة السياسية على ثلاث مؤسسات، هي البرلمان المنتخب مباشرة من الشعب ورئيس الجمهورية المنتخب أيضا مباشرة، إضافة إلى حكومة يمنحها البرلمان الثقة.
وتسبب هذا النظام في صراع بين السلطات الثلاث حول النفوذ ومساعي كل طرف للسيطرة على سلطة القرار في البلاد، والدخول في حرب تصريحات واتهامات.
ومنذ 16 يناير الماضي اشتدت الخلافات بين سعيّد وحركة النهضة ورئيس الحكومة هشام المشيشي حول عدة قضايا، من بينها رفض سعيّد استقبال وزراء تتعلق بهم شبهات فساد اقترحهم المشيشي ضمن التعديل الوزاري، لأداء اليمين الدستورية.
وفي الاحتفالات بعيد الشهداء السبت شدد الرئيس التونسي على أن "تونس بحاجة إلى برلمان وطني محترم ووزارة كاملة مسؤولة"، في إشارة إلى حكومة هشام المشيشي.
وقال سعيّد في كلمة خلال مشاركته الجمعة في موكب إحياء الذكرى الـ83 لعيد الشهداء بالعاصمة تونس، "تونس على فراش المرض والطبيب يتوجه للصيدلية ليحضر لها الدواء.. أما الدواء فهو برلمان وطني محترم ووزارة كاملة مسؤولة".
ومنذ تكليف هشام المشيشي في منتصف شهر يوليو الماضي بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة إلياس الفخفاخ، دخل المشهد العام في البلاد في دائرة من الاضطراب والارتباك عمقت أزمات تونس، في ظل تنامي حدة الصراع بين الرؤساء الثلاثة (رئيس الدولة قيس سعيّد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي).
والسبت رفض سعيّد المصادقة على قانون المحكمة الدستورية بعد أيام على تعديلات أجراها البرلمان على القانون، تشمل تخفيض الغالبية المطلوبة لانتخاب أعضائها من 145 إلى 131 نائبا.