الرئيس التونسي يثير جدلا بشأن الصلاحيات الأمنية والعسكرية

قيس سعيد: أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية.
الاثنين 2021/04/19
تحركات مدروسة من سعيد

صعّد الرئيس التونسي قيس سعيد من لهجته إزاء خصومه السياسيين الأحد حيث شدد على أنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية، في خطوة يرى مراقبون أنها تستهدف قطع الطريق أمام تعيينات تحاول الأطراف الداعمة لرئيس الحكومة هشام المشيشي الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية بالنيابة فرضها صلب الأجهزة الأمنية.

تونس - بعث الرئيس التونسي قيس سعيد أمس الأحد برسائل إلى خصومه السياسيين مفادها أنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمنية والعسكرية في أحدث تصعيد مع هؤلاء ما ينبأ بتصاعد الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد.

وجاء ذلك خلال إشرافه على العيد الـ65 لقوات الأمن الداخلي حيث قال الرئيس سعيد في الموكب الذي انتظم في قصر قرطاج بحضور رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي “جئتكم بالنص الأصلي للدستور الأول الذي ختمه الرئيس الحبيب بورقيبة، والذي ينص على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات العسكرية، وجئتكم بنص الدستور الذي ختمه المرحوم الجلولي فارس، وينص الفصل 46 منه على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية”.

وتابع ”وجئتكم بالدستور الحالي، رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة. ولم يأت في هذا النص الدستوري بيان للقوات المسلحة العسكرية، كما ورد في دستور 1959”.

وأضاف ”تعلمون أن رئيس الجمهورية هو الذي يتولى التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا العسكرية والدبلوماسية المتعلقة بالأمن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة، وتضبط الوظائف العليا بقانون. المبدأ هو أنه لا تفريق، حيث لم يفرق القانون. هذا معهود في كل نصوص العالم. فالقوات المسلحة هي القوات المسلحة العسكرية والقوات المسلحة الأمنية. وعودوا إن شئتم إلى القانون المتعلق بقوات الأمن الداخلي”.

وتابع ”رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية. فليكن هذا الأمر واضحا بالنسبة إلى كل التونسيين في أي موقع كائن. لا أميل إلى احتكار هذه القوات لكن وجب احترام الدستور”.

وأضاف الرئيس سعيّد “نحن عشنا انفجارا ثوريّا وهناك مصالحة بين الدولة بكل أجهزتها والشعب، ومن بين الأجهزة التي أهداها الشعب الورود هي القوات العسكرية والأمنية”.

باسل الترجمان: سعيد يرفض فرض تعيينات من قبل حزام المشيشي في الأمن

ويرى مراقبون أن الرئيس سعيد بهذا التصعيد كان يستهدف التصدي لتعيينات قد تخضع للولاءات الحزبية داخل الأجهزة الأمنية خاصة في ظل الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد.

وكان الرئيس سعيد قد انتقد في وقت سابق تولي رئيس الحكومة منصب وزير الداخلية بالنيابة.

واعتبر المحلل السياسي باسل الترجمان أن “رسائل الرئيس سعيد الأحد كانت واضحة وهي موجهة للبرلمان كمؤسسة تشريعية ولرئيس الحكومة باعتباره أيضا وزيرا للداخلية، قيس سعيد بهذه التصريحات يرفض فرض تعيينات من قبل شق من الحزام السياسي الداعم للمشيشي صلب الأجهزة الأمنية”.

وتابع الترجمان في تصريح لـ”العرب” أن “الرئيس سعيد يبدو أنه أراد أيضا تحييد وزارة الداخلية بعد أن حاولت أطراف سياسية في الفترة الماضية أن تجعل من قوات الأمن عصا بيدها ضد من يعارضها ولفرض تعيينات بالقوة كما رأينا ما حدث في وكالة تونس أفريقيا للأنباء عندما اقتحمها الأمن واعتدى على الصحافيين”.

وأوضح “منذ سنوات تمت قيادة مشروع لتأسيس أمن جمهوري حقيقي لكنّ هناك أطرافا اليوم باتت تسعى إلى إفشال هذا المشروع”.

وكانت الأيام الماضية قد شهدت احتجاجات لصحافيين بوكالة الأنباء التونسية على خلفية تعيين الصحافي كمال بن يونس الذي اتهمه الصحافيون بأنه معيّن من طرف حركة النهضة الإسلامية التي تقود الحزام السياسي الداعم للمشيشي.

واستعان المشيشي بقوات الأمن التي اقتحمت مقر الوكالة الرسمية واشتبكت مع الصحافيين ما أثار انتقادات لاذعة لتعاطي رئيس الحكومة الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية مع هذه الأزمة.

وفيما وجهت أوساط سياسية انتقادات للرئيس سعيد على الخطاب الذي بدا يصعد من خلاله مع خصومه خاصة في الوقت الذي تأمل فيه أطراف سياسية في إحياء مبادرة الحوار الوطني لإنهاء الأزمة السياسية الحالية، ترى أوساط أخرى أن الرجل يحاول التصدي لمساعي لاختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية من قبل أطراف سياسية.

وقال الناشط السياسي عبدالعزيز القطي إن “الرئيس قيس سعيد أبدى وعيا بمخاطر استغلال المؤسستين الأمنية والعسكرية، وهو بصدد قطع الطريق على هؤلاء حتى لا يتمكنوا من مفاصل الدولة”.

عبدالعزيز القطي: سعيد تفطن لمحاولات النهضة السطو على جزء من الأمن والجيش

وأضاف القطي في تصريح لـ”العرب” أن “حركة النهضة مثلا لها أذرع في كلتا الوزارتين (الدفاع والداخلية) وهي تحاول عبر التعيينات السطو على جزء منهما، لكن سعيد تفطّن لذلك وسيعمل على إيقاف النزيف”.

وأوضح أن “الأطراف التي يقصدها الرئيس سعيد معلومة، وهو يخاطب طبقة سياسية متعفنة، وهي الأحزاب الموجودة في الحكم منذ 2011، والتي ساهمت في تدمير الوضع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بالتوافقات والتحالفات”.

ويأتي هذا التصعيد من الرئيس سعيد في وقت تتسم فيه علاقته مع البرلمان ولاسيما رئيسه راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا حركة النهضة بتوتر حيث يتنازع الرجلان حول الصلاحيات.

ومنذ وصوله إلى رئاسة تونس يخوض الرئيس سعيد مواجهة مع حركة النهضة والبرلمان حيث رفض في وقت سابق تعديلا وزاريا أجراه المشيشي بضغط من النهضة استهدف نفوذه في حكومة هشام المشيشي.

ومؤخرا نجح الرئيس سعيد في التصدي لتركيز محكمة دستورية لم يتردد في القول إنها كانت ستكون لتصفية الحسابات موجها أصابع الاتهام إلى الحزام السياسي والبرلماني الداعم للحكومة.

ويرى مراقبون أن خطاب الرئيس سعيد وما يرافقه من استمرار للتصعيد بينه وبين حركة النهضة الإسلامية سيفاقم من التجاذبات السياسية التي كان يعول عليها من أجل إنهاء الأزمة السياسية التي أخذت منحى دستوريا أيضا في تونس.

وقال المحلل السياسي، هشام الحجي، إن “الرئيس قيس سعيد بخطابه الأحد أغلق الباب نهائيا أمام الحوار الوطني، وأعلن بوضوح أنه مصمم على المواجهة أكثر من أي وقت مضى” في إشارة إلى الصراع بينه وبين حركة النهضة الإسلامية.

4