الرئيس التونسي المؤقت: الشعب يختار رئيسه

الرئيس التونسي المؤقت محمد الناصر يحث الناخبين إلى المشاركة بكثافة في الاقتراع وأداء واجبهم.
الأحد 2019/09/15
محمد الناصر: إقبال التونسيين على مراكز الاقتراع تجسيد لمبدأ سيادة الشعب

تونس - قال الرئيس التونسي المؤقت محمد الناصر الاحد إن إقبال التونسيين على صناديق الاقتراع يجسد المواطنة والمساواة بينهم وسيادة الشعب.

وأوضح الناصر، في تصريح للصحفيين عقب الإدلاء بصوته في مكتب اقتراع بضاحية سيدي بوسعيد شمال العاصمة، أن "الشعب هو من سيختار من سيرأسه ومن سيقوم بتسيير البلاد ويحسن الوضع في تونس ويحقق الازدهار للتونسيين".

وحث الناصر الناخبين التونسيين إلى المشاركة بكثافة في الاقتراع اليوم وأداء واجبهم، مضيفا :"هذا سيعزز وحدة الوطن والثقة في المستقبل، الرأي العام الدولي منصب على تونس والانتخابات يجب أن تبرز صورة البلاد حتى تبقى موضع احترام".

وشغل الناصر الرئيس السابق للبرلمان منصب الرئاسة اثر الشغور النهائي في منصب الرئاسة عقب وفاة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في 25 يوليو الماضي، والمنتخب عام 2014.

من جهته، أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، نبيل بفون، الأحد، أن 100 بالمئة من مكاتب ومراكز الاقتراع فتحت أبوابها في الوقت المحدد على الساعة 08:00 (07:00 ت.غ) دون تأخير، بمناسبة الانتخابات الرئاسية المسبقة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الأحد، بالمركز الإعلامي، بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة.
وذكر بفون، أن الهيئة خصصت 4 آلاف 326 مركز اقتراع، تضم 13 ألف و115 مكتب تصويت.
وأضاف أن مختلف مكاتب الاقتراع فتحت أبوابها دون أي نقص في المواد الانتخابية، وكذلك الأعوان المشرفين على العملية الانتخابية.
وقال بفون، إن 242 مركزا يضم 331 مكتب اقتراع، ستفتح في تمام الساعة 10:00 بالتوقيت المحلي (09:00 ت.غ) لأسباب أمنية، وتتوزع هذه المكاتب على الولايات الحدودية في كل من القصرين والكاف وجندوبة وسيدي بوزيد وقفصة.
وأوضح أن هذه المراكز كالتالي: القصرين 105 مركز اقتراع، والكاف 47 مركز، وجندوبة 42 مركز، وسيدي بوزيد 28 مركز، وقفصة 20 مركز.
وباستثناء سيدي بوزيد (وسط) تقع بقية المحافظات في الجهة الغربية، التي تنشط بجبالها مجموعات إرهابية.

وتتنوّع مرجعيّات المرشّحين وعائلاتهم، وأبرزهم رئيس الحكومة الليبرالي يوسف الشاهد ورجل الدعاية الموقوف بتُهم تبييض أموال نبيل القروي الذي أثار جدلاً واسعاً في البلاد، إضافةً إلى عبد الفتّاح مورو المرشّح التاريخي لحزب "حركة النهضة" ذي المرجعيّة الإسلاميّة.

وقُبيل ساعات من بدأ يوم الصّمت الانتخابي السبت، أعلن مرشّحان من مجموع الـ26 انسحابهما وهما محسن مرزوق وسليم الرياحي لفائدة وزير الدّفاع المستقلّ عبد الكريم الزبيدي الذي ظهر فجأة على الساحتين الإعلاميّة والسياسيّة إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي في 25 يوليو الماضي.

وتبدو الانتخابات مفتوحةً على كلّ الاحتمالات، وهو ما زاد ضبابيّة المشهد بين ناخبين لم يحسم جزء كبير منهم قراره، ومراقبين اختلفت توقّعاتهم، علماً أنّ القانون يحظر نشر نتائج عمليّات سبر الآراء خلال الفترة الانتخابيّة.

واتّسمت الانتخابات في تونس بعد الثورة بالاختلاف في توجّهات التصويت. وفاز بها الإسلاميّون الذين حملوا شعار الدّفاع عن مكاسب ثورة 2011، قبل أن يتغيّر المشهد وتظهر الثنائيّة القطبيّة بين الداعمين للإسلاميّين والمناهضين لهم في انتخابات 2014 التي فاز بها حزب "نداء تونس" العلماني.

وطرح الصراع الانتخابي في 2019 معادلة جديدة تقوم على معطى جديد هو ظهور مرشّحين مناهضين للنظام الحالي، ما أفرز وجوهاً جديدة استفادت من التجاذبات السياسيّة، على غرار الأستاذ الجامعي المحافظ قيس سعيّد.

يقول مجدي (31 عاماً) بينما كان يتجوّل في شارع الحبيب بورقيبة وسط زحام الاجتماعات الحزبيّة الجمعة "تزداد الأمور تعقيداً، والخيار يُصبح صعباً. ربّما يستقرّ الخيار يوم الأحد".

"حيويّة ديموقراطيّة"

انتخابات مفتوحة على كل الاحتمالات
انتخابات مفتوحة على كل الاحتمالات

لم تتمكّن تونس منذ الثورة من تحقيق نقلة اقتصاديّة تُوازي ما تحقّق سياسيّاً. فملفّ الأزمات الاقتصاديّة لا يزال شوكةً في حلق الحكومات المتعاقبة، وبخاصّة في ما يتعلّق بنسبة التضخّم والبطالة المتواصلة التي دفعت شباباً كثيرين إلى كره السياسة والنفور منها.

تأزُّم الوضع الاقتصادي شهد ذروته في حكومة يوسف الشاهد الأطول بقاءً مقارنة بسابقاتها، ما دفع التونسيّين إلى الاحتجاج بشكل متواصل طيلة السنوات الأخيرة، مطالبين بمراجعة السياسيات الاقتصاديّة وتحسين القدرة الشرائيّة التي تدهورت، في وقت لوحظ تحسّن في الوضع الأمني.

وأدّى الفراغ الذي تركته السُلطة في مسألة معالجة الأزمات الاجتماعيّة، إلى ظهور مَن يطرح البديل والحلول ويعتمد في ذلك على الاقتراب أكثر من الطبقات الفقيرة.

ومن خلال سَعيه إلى توزيع إعانات وزيارته المناطق الداخليّة في البلاد، بنى المرشّح ورجل الإعلام ومؤسّس قناة "نسمة" نبيل القروي مكانةً لدى هذه الفئة سرعان ما تدعّمت وكوّنت له قاعدة انتخابيّة لافتة.

وقرّر القضاء التونسي توقيفه قبل عشرة أيّام من انطلاق الحملة الدعائيّة، على خلفيّة تُهم تتعلّق بتبييض أموال وتهرّب ضريبي، إثر شكوى رفعتها ضدّه منظّمة "أنا يقظ" غير الحكوميّة في العام 2017. فقرّر الأخير الدّخول في إضراب عن الطعام من سجنه، بينما تولّت زوجته سلوى سماوي وعدد من قيادات حزبه "قلب تونس" مواصلة حملاته.

واشتدّ التنافس بين المرشّحين، خصوصاً الذين يتحدّرون من العائلة السياسيّة الوسطيّة والليبراليّة.

ورأت مجموعة الأزمات الدوليّة في تقرير الخميس أنّ "حدّة الصراع الانتخابي تكشف "حيويّة ديموقراطيّة".

لكن في المقابل هناك "خطر الانحراف عن المسار" بسبب "أزمة الثقة" لدى التونسيين تجاه المؤسّسات وشراسة التنافس.

ويؤكّد الكاتب الصحافي زياد كريشان أنّ "تونس لن تنقذ ولن تغرق في 2019".

ويضيف "جرّب التونسيّون الإسلاميّين ثم الوسطيّين، وربّما يخوضون مغامرات أخرى... أرى أنّ مكوّنات ومبادئ الديموقراطيّة لن تتغيّر".

تأمين الانتخابات

100 ألف من رجال الشرطة والجيش لتأمين الانتخابات الرئاسية
100 ألف من رجال الشرطة والجيش لتأمين الانتخابات الرئاسية

تفتح مكاتب الاقتراع أبوابها بدءاً من الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلّي (السّابعة ت غ) وتُغلق في الخامسة مساءً بتوقيت غرينيتش في كلّ الولايات، باستثناء بعض المكاتب التي ستُغلق قبل ساعتين لدواع أمنيّة بسبب وقوعها على الحدود الغربيّة.

ويتولّى سبعون ألف رجل أمن تأمين مكاتب الاقتراع ومراكز الفرز، على ما أعلنت وزارة الداخليّة السبت.

وتشهد تونس انتخابات تشريعيّة في السادس من أكتوبر المقبل، ويُرجّح أن تكون قبل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة في حال عدم فوز مرشّح من الدورة الأولى. وبالتالي ستتأثر النتائج النهائيّة للانتخابات الرئاسيّة حتماً بنتائج التشريعية.

ووزّعت هيئة الانتخابات 14 ألف صندوق انتخاب على 4564 مركز اقتراع، مدعّمة بحماية عسكريّة.

وستُجرى عمليّات الفرز في كلّ مكتب اقتراع.

ويُنتظر أن تنشر منظّمات غير حكوميّة ومراكز سبر آراء توقّعاتها الأوّلية، على أن تُقدّم الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات النتائج الأوّلية في 17 سبتمبر.

للمزيد: