الرئيس الإيراني يتوعد بالثأر لمقتل ضابط في الحرس الثوري

عملية اغتيال العقيد حسن صياد خدائي على يد مسلحين مجهولين تزامنت مع إعلان تفكيك شبكة مرتبطة بجهاز المخابرات الإسرائيلي واعتقال أفرادها.
الاثنين 2022/05/23
أحدث هجوم بعد مقتل العالم النووي محسن فخري زادة

طهران - تعهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالثأر لمقتل العقيد حسن صياد خدائي، أحد عناصر الحرس الثوري ممن شاركوا في مهام استشارية بسوريا، في أحد شوارع العاصمة طهران الأحد قائلا إن "الثأر أمر حتمي".

وقال رئيسي قبل مغادرته إلى عمان، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء "مهر" الإيرانية بنسختها العربية، "أؤكد الملاحقة الجادة لمرتكبي هذه الجريمة من قبل المسؤولين الأمنيين، وليس لدي شك في أن الانتقام لدماء هذا الشهيد العظيم من أيدي المجرمين أمر حتمي".

وكلّف رئيسي المسؤولين الأمنيين بالتركيز والمتابعة الجادة لهذه الجريمة، حتى يتم الأخذ بالثأر.

تم اغتيال خدائي بإطلاق النار عليه من قبل مسلّحين يستقلان دراجة نارية في شرق طهران، وهو الهجوم الأبرز على شخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ نوفمبر 2020، عندما قتل العالم النووي الأبرز في إيران محسن فخري زادة بإطلاق نار استهدف سيارته قرب العاصمة طهران، في عملية اتّهمت طهران عدوها اللدود إسرائيل بتنفيذها.

وأعلن الحرس الثوري أن "العقيد صياد خدائي، أحد المدافعين عن المراقد المقدسة (مدافع حرم)، تعرض إلى جريمة اغتيال إرهابية" نفّذها شخصان كانا على دراجة نارية في شارع مجاهدي الإسلام في شرق طهران، وذلك في بيان على موقعه الإلكتروني الرسمي "سباه نيوز".

وتستخدم الجهات الرسمية في الجمهورية الإسلامية عبارة "مدافع حرم" للإشارة إلى أفراد الحرس الذين أدوا مهام في نزاعي سوريا والعراق، حيث العديد من المراقد المقدسة لدى الشيعة. وهؤلاء المستشارون ينتمون إجمالا إلى فيلق القدس الموكل بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري.

وتؤكد طهران وجود عناصر من قواتها المسلحة بصفة استشارية في كل من العراق لمواجهة العناصر "التكفيرية" خصوصا تنظيم داعش، وفي سوريا لمساندة قوات الرئيس بشار الأسد في مواجهة المجموعات المسلحة في النزاع الدائر في بلاده منذ 2011.

وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني مساء الأحد بأن خدائي "معروف في سوريا"، من دون تفاصيل إضافية.

ودان الحرس عملية الاغتيال التي وصفها بـ"الإرهابية"، مشيرا إلى أن من يقف خلفها هم عناصر مرتبطة بـ"الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها السلطات الإيرانية للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمهم إسرائيل.

وأكد الحرس في بيانه فتح تحقيق لتحديد هوية "المعتدي أو المعتدين".

صياد خدائي معروف في سوريا
صياد خدائي معروف في سوريا وقتل بخمس طلقات نارية

ووفق وكالة الأنباء الرسمية "إرنا"، وقعت عملية الاغتيال قرابة الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي (11:30 ت.غ) لدى عودة خدائي إلى منزله.

ونشرت الوكالة صورا تظهر شخصا مضرّجا بالدماء وقد انحنى رأسه إلى الأسفل، وهو جالس إلى مقعد السائق في سيارة بيضاء اللون. وبدا زجاج النافذة البعيدة عن السائق محطما. وأشارت إلى أنه أصيب بخمس طلقات.

ونقلت الوكالة عن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة قوله "إن أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الألداء أظهروا مرة أخرى طبيعتهم الشريرة، باغتيال أحد كوادر حرس الثورة الإسلامية المضحين".

وأضاف أن "هذه الجريمة اللا إنسانية التي ارتكبتها عناصر إرهابية عميلة للاستكبار العالمي تأتي، في منتهى الأسف، في ظل دعم وصمت الدول التي تدعي محاربة الإرهاب".

وأفادت وكالة "تسنيم" بأن خدائي كان "على مقربة من منزله" لدى تعرضه للاغتيال، مشيرة إلى أن "زوجته كانت أول من عثر على جثته".

وأفادت وكالة "فارس" بأن المدعي العام في طهران تفقد مكان الهجوم، وأمر بـ"الإسراع في تحديد وتوقيف منفذّي هذا العمل الإجرامي".

وفي وقت سابق الأحد، وقبل نبأ مقتل خدائي، أعلن الحرس الثوري في بيان توقيف "شبكة من الفاسقين" المرتبطين بالاستخبارات الإسرائيلية.

وأوضح البيان أن أفراد الشبكة الذين لم يحدد عددهم، سعوا إلى "سرقة وتدمير ممتلكات شخصية وعامة، والخطف والحصول على اعترافات كاذبة".

ويعد مقتل خدائي أبرز عملية تنفّذ على الأراضي الإيرانية منذ اغتيال العالم النووي فخري زادة في السابع والعشرين من نوفمبر 2020.

وقُدم فخري زادة بعد وفاته على أنه نائب وزير الدفاع ورئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في الوزارة، وشارك خصوصا في "الدفاع الذري" للبلاد.

ويأتي مقتل خدائي في وقت تُبذل جهود دبلوماسية لكسر الجمود الحاصل في مباحثات إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.

وأتاح الاتفاق المبرم عام 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران، في مقابل تقييد برنامجها النووي، إلا أن مفاعيله باتت في حكم الملغاة منذ انسحاب واشنطن منه وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة إلى التراجع عن التزامات بموجبه.

وسعيا لإعادة تفعيل هذا الاتفاق، بدأت إيران والقوى الكبرى في أبريل 2021 مباحثات شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

وعلّقت المباحثات رسميا في مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.