الذكاء الاصطناعي يسهم في تعميق خسائر الاحتيال عبر الإنترنت

أدوات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت قادرة راهنا على إنتاج نصوص وصور ومقاطع فيديو بشكل فوري تجعل عمليات الاحتيال معقدة أكثر.
الثلاثاء 2025/02/11
عمليات الاحتيال عبر الإنترنت أصبحت مجالا مربحا

باريس - يعمّق استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل واسع من الخسائر التي يتكبدها الناس والشركات جراء الاحتيال عبر الإنترنت، الذي بات أحد التحديات التي تواجه الحكومات لما له من تأثيرات سلبية على النظام المالي العالمي.

ويشرح خبراء في الأمن السيبراني لوكالة فرانس برس أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت قادرة راهنا على إنتاج نصوص وصور ومقاطع فيديو بشكل فوري تجعل عمليات الاحتيال معقدة أكثر، داعين مستخدمي الإنترنت إلى توخي الحذر.

وخلال الفترة الأخيرة برزت إحدى عمليات الاحتيال التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة كانت ضحيتها امرأة فرنسية دفعت 830 ألف يورو لشخص ادعى أنه براد بيت، وصولا إلى مجموعات تبرعات وهمية لضحايا حرائق لوس أنجلس.

وقال أرنود لومير من شركة “أف 5” الأميركية المتخصصة بالأمن السيبراني “أظهرت الأسابيع الأخيرة أننا جميعا أفرادا وشركات نشكل أهدافا للهجمات الإلكترونية.”

ستيف غروبمان: هذه التقنية تساعد في أتمتة عمليات مخصصة جدا
ستيف غروبمان: هذه التقنية تساعد في أتمتة عمليات مخصصة جدا

وتشير التقديرات إلى أن الاحتيال المدعوم بالذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خسائر تصل إلى 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2027.

وأوضح تقرير حديث لشركة “ديلويت” أن مجرمي الاحتيال قد يحققون مكاسب كبيرة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي العامة لتجاوز أنظمة الأمان، لذا، إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يواجه النظام المالي العالمي زيادة كبيرة في عمليات غسيل الأموال.

وفي فرنسا، تم تسجيل أكثر من 130 ألف عملية احتيال عبر الإنترنت في العام 2023 بحسب بيانات وزارة الداخلية، التي تشير إلى زيادة بنسبة 8 في المئة سنويا في المتوسط بالجرائم “الرقمية” المتعلقة بجرائم الملكية منذ العام 2016.

وأحد أكثر أشكال عمليات الاحتيال عبر الإنترنت شهرة هو “التصيد الاحتيالي”، أي إرسال رسائل بالبريد إلكتروني أو رسائل نصية قصيرة تحت ادعاءات كاذبة تحضّ المستخدمين على النقر على رابط احتيالي ومشاركة البيانات الشخصية.

وتجعل روبوتات المحادثة المهاجمين يوفرون الوقت وتتيح لهم إعداد رسائلهم الكاذبة بشكل أفضل، وفق لومير.

وإذا كان المحتال يجهل تفاصيل لغة معيّنة يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لكتابة بريده الإلكتروني، “فسيخفي تماما الأدلة” كالأخطاء الإملائية والنحوية، على قول الخبير.

وليست برامج توليد النصوص سوى غيض من فيض. وقال ستيف غروبمان، المدير الفني لشركة “مكافي” المتخصصة في برامج الأمان إنه يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي “الاستفادة من كل البيانات التي سُرقت خلال السنوات الأخيرة لأتمتة إنشاء عمليات احتيال مخصصة جدا.”

وبدل الاكتفاء بمكاسب صغيرة وسريعة، يسعى المهاجمون غالبا إلى كسب ثقة بعض الموظفين داخل الشركات المستهدفة.

وإذا وقع موظف في الفخ، ينتظر المجرمون “حتى يصبح هذا الشخص مؤثرا جدا أو تسنح فرصة جيّدة لابتزازه من أجل الأموال” قبل استغلال هذا التواصل، على قول مارتن كريمر، من شركة “نوو بي 4” الأميركية للتدريب على الأمن السيبراني.

الاحتيال المدعوم بالذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خسائر تصل إلى 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2027

وفي شهر فبراير الماضي، حصل محتالون على 26 مليون يورو من شركة متعددة الجنسية في هونغ كونغ.

وذكرت السلطات أن أحد الموظفين الماليين اعتقد أنه كان في مكالمة جماعية عبر الفيديو مع الرئيس التنفيذي للشركة وموظفين آخرين، إلا أنّ هؤلاء كانوا صورا متحركة مفبركة بتقنية “التزييف العميق”.

ويحذر غروبمان، الذي يؤكد أن باحثا في “مكافي” تمكن من استبدال وجهه بوجه النجم الهوليوودي توم كروز بأقل من 5 يوروهات، أنّ “أحدث جيل من برامج التزييف العميق وصل إلى نقطة لا يستطيع فيها أحد تقريبا التمييز بين الصورة الفعلية والصورة المولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.”

ويقول لومير إنّ التأكد من هوية المحاور عبر الإنترنت، “يحتاج نوعا ما إلى كلمة مفتاح.”

وتتمثل إحدى النصائح الأخرى بالطلب من أحد المحاورين عبر الفيديو تحريك الكاميرا لإظهار محيطه، وهو ما يصعب على الذكاء الاصطناعي إنجازه راهنا.

وأصبحت عمليات الاحتيال عبر الإنترنت مجالا مربحا، “فعلى غرار قطاعات أخرى، ثمة سلاسل توريد ونظام كامل لدعمها،” على ما يلاحظ الخبير في “مكافي”.

ورغم من أن عددا كبيرا من عمليات الشرطة قوضت شبكات معيّنة، مثل شبكة “لوكبيت”، وهي إحدى مجموعات الجرائم الإلكترونية الرئيسية في العالم والتي تم تفكيكها في أوائل عام 2024، بات هذا النوع من الجرائم الإلكترونية منظما واحترافيا.

ولا يقلق تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة مارتن كريمر بشكل كبير. ويقول “يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجوم كما في الدفاع.”

11