الديْن العام في تونس يتّخذ منحى تصاعديّا مقلقا

78.5 في المئة نسبة الدين العام إلى الناتج محلي، أي ما يعادل 34.2 مليار دولار.
السبت 2022/11/19
تحديات المواطن وحده من يتحمل تأثيراتها

تونس - اتخذ الدين العام في تونس منحى تصاعديا منذ بداية 2022، وهو يسير بوتيرة مثيرة للقلق إلى جانب عجز الميزانية ونمو التضخم، ما قد يؤثر على الوضع الاقتصادي والمالي بينما تحاول الحكومة إنعاش النمو فيما تبقى من هذا العام.

وتعطي الإحصائيات الرسمية التي أظهرها تقرير نشرته وزارة المالية لمحة عن التحديات التي تواجه السلطات من أجل الالتزام بسداد القروض وفوائدها، والتي قد تشكل عائقا أمام دفع عجلة النمو إلى الأمام.

وأظهرت البيانات أن نسبة الدين العام ارتفعت لتصل إلى 78.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام.

وبلغ إجمالي حجم هذه الديون في نهاية أغسطس الماضي 109.6 مليار دينار (34.2 مليار دولار) مقارنة بنحو 108.2 مليار دينار (33.8 مليار دولار) خلال شهر يوليو الماضي.

◙ قلة الموارد تعمق تحديات ارتفاع الدين العام رغم تحقيق الحكومة فائضا في الميزانية خاصة مع اقتراب تونس من الحصول على موافقة نهائية من صندوق النقد الدولي

وأشارت وثيقة لوزارة المالية تحت عنوان "نتائج وقتية لتنفيذ ميزانية الدولة إلى نهاية أغسطس"، ونقلتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، إلى أن الدين يتوزع بواقع 13.5 مليار دولار على شكل ديون داخلية، وقرابة 20.8 مليار دولار على شكل ديون خارجية.

ووفق الإحصائيات استحوذ التعاون متعدد الأطراف على 60.2 في المئة من حجم الديون الخارجية، تليه السوق المالية بما يعادل 22.1 في المئة، ثم التعاون الثنائي بنحو 17.7 في المئة.

ويتشكل حجم الديون الخارجية لتونس حسب العملات من اليورو وذلك بحصة تناهز 58.6 في المئة، يليها الدولار بنحو 25 في المئة ثم الين الياباني بحصة تُقدر بـ9 في المئة وحصة أخرى بحوالي 7.4 في المئة تخص عملات أخرى متنوعة.

وتعمق قلة الموارد تحديات ارتفاع الدين العام رغم تحقيق الحكومة فائضا نادرا في الميزانية، خاصة مع اقتراب تونس من الحصول على موافقة نهائية من صندوق النقد الدولي مطلع ديسمبر المقبل لفتح خط ائتماني بقيمة ملياري دولار.

ولئن كانت مسألة تضخم الدين العام أمرا يبدو عاديا، إلا أن السياسات التي اتبعتها كل الحكومات في العشرية الأخيرة تجعل النظر إلى ما يحدث اليوم مختلفا لكون محددات قياس تعافي النمو لا تسير على النحو الأمثل في ظل تتالي التحذيرات من خطر يتربص بالاقتصاد.

وتشهد تونس أزمة اقتصادية، زادت من حدتها تداعيات الأزمة الصحية العالمية، وارتفاع كلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء الأزمة في شرق أوروبا رغم ارتفاع النمو إلى 2.9 في المئة بنهاية الربع الثالث من هذا العام.

وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد قال في الشهر الماضي إن الحكومة "بحاجة إلى تمويل إضافي يبلغ 5 مليارات دينار (1.6 مليار دولار) هذا العام بسبب آثار الحرب في أوكرانيا".

◙ البنك المركزي يبدو أكثر تفاؤلا حيث يرجح أن يصل حجم الدين العام إلى 84 في المئة هذا العام على أن يواصل الارتفاع ليصل إلى 84.7 في المئة في 2023

وسيرفع ذلك احتياجات التمويل هذا العام إلى 8.2 مليار دولار، مما يزيد من الضغوط على المالية العامة للبلاد التي تعيش تحت وطأة أزمات اقتصادية وسياسية.

وتقدر المؤسسات المانحة أن يصل الدين العام إلى مئة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، في ظل غياب إطار واضح للإصلاحات على المدى المتوسط.

لكن البنك المركزي يبدو أكثر تفاؤلا حيث يرجح أن يصل حجم الدين العام إلى 84 في المئة هذا العام، على أن يواصل الارتفاع ليصل إلى 84.7 في المئة خلال 2023.

ورغم المخاطر المحيطة بالمالية العامة قالت رئيسة الحكومة نجلاء بودن مطلع مايو الماضي إن بلدها نجح في "سداد الديون الداخلية والخارجية للبلاد"، مؤكدة أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة "الإصلاحات العميقة".

وظلت حاجات التمويل في العام الماضي تتراوح بين 14 و18 في المئة بمقارنة سنوية، وذلك استنادا إلى تقرير أعده خبراء البنك الأفريقي للتنمية، حيث لفتوا إلى أن الدين الخارجي يشكل 70 في المئة من الدين العام مواصلا منحاه التصاعدي الذي بدأ في عام 2011.

10