الديناميكيات الجديدة لأمن الغاز على طاولة منتدى إسطنبول للطاقة

اتجهت أنظار صناعة الطاقة إلى إسطنبول، التي تحتضن فعاليات منتدى دولي تتصدر فيه الديناميكيات الجديدة لأمن الغاز محاور النقاشات، بما يتضمنه من تعاون مشترك ودفع الاستثمار، بينما يمر العالم بظروف أكثر قسوة، في ظل التوترات التي خلفت وراءها ندوبا عميقة على الاقتصاد العالمي.
إسطنبول - أعطى اليوم الأول من قمة عالمية للطاقة في تركيا تأكيدا آخر على مدى خطورة الصعوبات التي تنتظر صانعي السياسات الاقتصادية في اعتماد منهج يسهم في تعزيز أمن الطاقة على مستوى العالم، وخاصة في مجال الغاز.
ويشكل منتدى إسطنبول للطاقة، الذي انطلقت فعالياته الجمعة، منصة لتبادل الأفكار ومناقشة التحديات بين أصحاب القرار في القطاع والوقوف على آفاق تطوير استثماراته بشكل مستدام ومدى تأثيره على اقتصادات الدول.
وناقشت الجلسة الأولى الديناميكيات الجديدة لأمن الغاز بمشاركة مسؤولين ومدراء شركات في المنطقة، وركزت على أهمية تحقيق أمن الغاز في الفترة المقبلة عبر التعاون المشترك.
واعتبر عبدالواحد فيدان رئيس بوتاش التركية للطاقة أن الشركة تبذل جهودا مستمرة لمشاريع تهدف إلى تلبية حاجة السوق المحلية والانتقال إلى التصدير. ونقلت وكالة الأناضول عنه القول إن “تركيا تلعب دورا في تصدير الغاز إلى شرق أوروبا.”
وأكد أن بلاده تسعى إلى المزيد من التعاون والاتفاقيات مع الدول المجاورة وهي منفتحة عليها وعلى دعم الاستثمارات عبر بنيتها التحتية القوية.
وأوضح أن “الشركة مستعدة للتعاون وزيادة الاستثمارات القائمة على مبدأ رابح – رابح” وعلى العلاقة الصادقة “التي ستمكن الجميع من تجاوز جميع أزمات الطاقة في المنطقة.”
ومع انعقاد المنتدى قفزت الأسعار الفورية للغاز المسال في شمال آسيا إلى أعلى مستوى لها هذا العام بسبب زيادة المنافسة في أوروبا على شراء الوقود الذي يستخدم في التدفئة ومحطات الكهرباء.
وارتفعت أسعار غاز اليابان – كوريا، وهو المؤشر المرجعي للمنطقة، إلى 15.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهي الأعلى منذ أوائل ديسمبر 2023، وفقا لتجار تحدثوا إلى وكالة بلومبيرغ. ويأتي هذا في أعقاب ارتفاع مماثل في الأسعار المرجعية في أوروبا.
ويؤدي الطقس البارد بشكل غير معتاد مع قلة الرياح في أوروبا إلى استنزاف مخزونات الغاز وزيادة الطلب على الشحنات المنقولة بحرا، مع قيام بعض التجار بتوجيه الإمدادات بعيدا عن أسواق آسيا.
وتحد بعض الدول المستوردة في آسيا، مثل الصين والهند، من مشترياتها من السوق الفورية بسبب الكلفة الباهظة للشحنات، كما أن أنواع الوقود البديلة أكثر جاذبية.
وتعمل كبرى شركات الطاقة في الشرق الأوسط، وخاصة قطر للطاقة وأدنوك الإماراتية وشركة الغاز المسال العمانية وأرامكو، على تنمية أعمالها في هذا المجال الحيوي.
ولدى شركة الغاز العمانية على سبيل المثال تعاون مع بوتاش التركية في هذا المجال. وقال رئيسها التنفيذي حمد النعماني في مداخلته إن إستراتيجيتهم تتمثل في تحقيق “أسعار مناسبة ومستدامة”. وأضاف “يجب علينا تأسيس ذلك مع جميع الدول وتحقيق أمن الطاقة وخلال السنوات السابقة لاحظنا ذلك.”
وشدد على أن “مركز عمان في هذا الصدد قائم على تعزيز الاستثمار وعبر مصادر وشراكات والتحرك سوية في القطاع للتغلب على الصعوبات، وهو ما نهدف إليه، ونفس الأمر نراه في تركيا حيث أنها على تواصل مع أوروبا.”
وأكد النعماني أنه “عبر شراكات مع بوتاش نهدف إلى الانتقال لأسواق أخرى.. في المستقبل سيكون هناك وضع مختلف لمسألة الطاقة وبعد 10 سنوات أيضا يجب تخطيط الاستثمارات على المدى البعيد من أجل تحقيق أمن الطاقة.”
وعن تحديات تجارة الغاز مستقبلا أفاد بأن “هناك مشاكل حالية يجب حلها اليوم، عبر تعزيز العمل المشترك والخطط المستقبلية من أجل إمكانية حل أي مشاكل في المستقبل.”
وأكد أن تحول الطاقة “لا يعني التخلي عن الغاز” وأنه “يجب مقاربة الأمر بشكل أكبر حيث أن التقنيات تزداد، وتخزين الغاز وإمكانية نقله والاستثمار فيه، والاتفاقيات المعقودة مهمة.”
ورغم التقلبات ترجّح التقديرات ارتفاع الطلب العالمي على الغاز بنسبة 34 في المئة إلى 5.36 تريليون متر مكعب بحلول عام 2050، مقارنة بنحو 4.015 تريليون متر مكعب في عام 2022.
وتحدث رئيس شركة سوكار للطاقة في أذربيجان روشفان ناجاف عن وجود مساع للتحول في الطاقة “وهو ما يرفع الطلب على الغاز، وهناك تقنيات تتزايد وتتخذ في حياتنا مكانا وهو ما يزيد الطلب على الطاقة.” وأضاف “لا أعتقد أننا سنعاني من قلة المصادر مستقبلا، التحول إلى الطاقة الخضراء يحتاج إلى دعم شركات مثل سوكار.”
◙ 5.36 تريليون متر مكعب سنويا حجم تقديرات ارتفاع الطلب العالمي على الغاز بحلول عام 2050
وذكر أن كل المعطيات تشير إلى الحاجة إلى الغاز، ولهذا يواصلون العمل والشراكات وحاليا يعملون مع 11 دولة أوروبية لنقل الغاز إليها مع شركائهم، من بينهم تركيا.
وقال “لدينا خطط لتطوير المحطات عبر تركيا، نثق بسوقها ولدينا شراكات فيها ولدينا خطط مستقبلية عبر الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ومن أهدافنا تحقيق أمن الطاقة والتطور التكنولوجي.”
وبالنسبة إلى روسيا التي تعد من كبار منتجي الغاز، فإنها تعمل على تنويع أسواقها بعدما ابتعد الاتحاد الأوروبي عن صادراتها بسبب الحرب في أوكرانيا.
وواجهت موسكو صعوبات في العثور على عدد كاف من الزبائن الجدد لبيع غازها، إذ أن بنيتها التحتية مصممة لإمداد أوروبا به، كما تجري الصين من الجانب الآخر مفاوضات شرسة لتظفر بهذا الغاز وفق شروط جيدة.
وقال بافل سوراكين، النائب الأول لوزير الطاقة الروسي، إن “الغاز هو مصدر هام ويحتاج إلى تحول محق ولا يجب الاكتفاء بالشعارات، ويجب تخفيف انبعاث الغازات والاعتماد على المصادر البديلة، ونحن عبر الألواح الشمسية نحاول تخفيض الأسعار.”
وأضاف “الجميع يتحدث عن الحصول على الطاقة بسعر مناسب ولكن الوصول إلى هذه المصادر يصعب يوما بعد يوم والجميع يشهد ذلك، ولهذا التكاليف لا تنزل عن حد ممكن من أجل تشغيل المنشآت.”
ومضى قائلا “يمكن لكل دولة أن تبيع لمواطنيها الطاقة بأسعار مناسبة، ونحن نرى أن الزيادة يجب أن تكون أقل من 50 في المئة في الفترة المقبلة.”
وأردف أن العالم يتغير والتضخم مستمر والساحة السياسية متوترة والأسواق بدأت تتباعد، وكل دولة تبحث عن مصادرها، ويجب أن يتم تنظيم الخطط وفق ذلك. ووصف سوراكين موقع تركيا بالهام في مركز الطاقة حيث أنها توجد في تقاطع طرق.