الدومينيكان تعتزم فتح قنصلية بمدينة الداخلة المغربية

سانت دومينغو – جددت جمهورية الدومينيكان اعترافها بمغربية الصحراء وأعلنت اعتزامها فتح قنصلية بمدينة الداخلة في خطوة تشكل نجاحا آخر للدبلوماسية "القنصليات" التي دشنها المغرب منذ فترة على طريق تعزيز سيادته على صحرائه.
وجاء ذلك خلال استقبال رئيس جمهورية الدومينيكان، لويس أبينادر السبت وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة بالقصر الرئاسي بسانتو دومينغو على هامش مراسيم تنصيبه.
وأفاد بيان لوزارة الشؤون الخارجية لجمهورية الدومينيكان بأن الرئيس أبينادر كلف بوريطة بإبلاغ العاهل المغربي الملك محمد السادس بـ"الدعم الثابت لجمهورية الدومينيكان لسيادة المغرب على الصحراء وعزمها على جعل افتتاح قنصلية بمدينة الداخلة كأولوية ضمن خطط التوسع المستقبلية".
وأوضح البيان أن الرئيس أبينادر جدد التأكيد على أن جمهورية الدومينيكان "تعتبر مخطط الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب، بمثابة الحل الوحيد للنزاع حول الصحراء".
وأضاف أنه خلال هذا الاستقبال، الذي جرى بالقصر الوطني، على هامش حفل تنصيب رئيس جمهورية الدومينيكان، نقل الوزير بوريطة، الذي مثل خلاله الملك محمد السادس، إلى الرئيس أبينادر تهانيه وتمنياته له بالتوفيق في ولايته الجديدة.
كما نقل الوزير، حسب المصدر ذاته، دعوة العاهل المغربي للرئيس أبينادر للقيام بزيارة رسمية للمغرب، من أجل وضع إطار لتعميق العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن الرئيس أبينادر أكد، بهذه المناسبة، رغبته في تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات، وعزمه على زيارة المغرب استجابة لدعوة الملك محمد السادس.
وكانت جمهورية الدومينيكان قد جددت في 29 يوليو 2023 "اعترافها المطلق بمغربية الصحراء"، مؤكدة أنها "تنظر بشكل إيجابي" لفتح قنصلية لها بمدينة الداخلة، وذلك في رسالة بعث وزير خارجية الدومينيكان روبيرتو ألفاريز، لنظيره المغربي تتعلق بقضية الصحراء المغربية. ووفقا لبيان الخارجية المغربية.
وتتوالى اعترافات الدول، بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، ودعم مقترح الحكم الذاتي، الذي تعرضه المملكة كـ"حلّ وحيد" للملف العالق منذ عقود. وقبل الاعتراف الفرنسي مؤخرا، أعلنت دول عديدة اعترافها هي الأخرى بمغربية الصحراء. وكان على رأس تلك الدول، الولايات المتحدة، التي أعلن رئيسها السابق، دونالد ترامب، بأنه يدعم سيادة المغرب على الصحراء.
وتعزّز الموقف المغربي مؤخرا بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 30 يوليو الماضي دعم بلاده لسيادة المغرب على الصحراء، حاضرا ومستقبلا، وعزم بلاده على التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي، وفق ما جاء في بلاغ للديوان الملكي، مؤكدا على "ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة".
ورحب العاهل المغربي بالاعتراف الفرنسي وأكد في رسالة أرسلها إلى الرئيس الفرنسي، على تقدير كبير لدعم فرنسا الواضح لسيادة المغرب على صحرائه، مع دعوة صريحة لنظيره الفرنسي إلى زيارة الرباط.
ويأتي الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء بعد التغيير الجذري والتحول التاريخي لموقف إسبانيا، المستعمر السابق للصحراء، بعدما أعلن رئيس حكومتها بيدرو سانشيز، في 19 مارس 2022، دعم الموقف المغربي علناً وللمرة الأولى، من خلال اعتباره مقترح الحكم الذاتي "الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل النزاع".
وقبل التحول التاريخي في موقف مدريد، كان لافتا الموقف الذي أعلنه رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير، في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي في يناير 2022، حينما قال إن ألمانيا "تعتبر أن مخطط الحكم الذاتي الذي قدم في سنة 2007 بمثابة جهود جادة وذات صدقية من قبل المغرب، وأساس جيد للتوصل إلى اتفاق" لهذا النزاع الإقليمي.
وكذلك شكّل اعتبار هولندا في 11 مايو 2022 أن مبادرة الحكم الذاتي "مساهمة جادة وذات صدقية" في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة لإيجاد حل لقضية الصحراء، وإعلان بلجيكا في 21 أكتوبر من السنة نفسها، دعمها لمخطط الحكم الذاتي، خطوات أوروبية أخرى عززت الموقف المغربي وأكسبته زخماً.
وفضلاً عن الدعم الأوروبي، كان الاعتراف الأميركي بسيادة الرباط على الصحراء في نهاية 2020 حافزاً لإعلان دول أفريقية عدة ودول مجلس التعاون الخليجي والأردن اعترافها بمغربية الصحراء وفتح تمثيليات دبلوماسية بمدينتي العيون والداخلية.
والأربعاء الماضي فتحت جمهورية تشاد قنصلية عامة لها بالداخلة ليرتفع عدد القنصليات بالأقاليم الجنوبية إلى 29 قنصلية، منها 17 قنصلية بالداخلة.
وتتجه الدبلوماسية المغربية بخطى ثابتة نحو حشد مزيد من الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي، الذي يقترحه المغرب كحل عادل ونهائي لملف الصحراء المغربية، وهو ما يبرز من خلال الدينامية الدبلوماسية التي ما فتئت تشهدها الأقاليم الجنوبية فيما يعرف إعلاميا بـ"دبلوماسية القنصليات".
وفي إطار هذه الدبلوماسية استطاعت الرباط أن تحظى بدعم سياسي كبير، تجسد من خلال قرار فتح دول عديدة لتمثيليات لها بالإقليم، من ضمنها الإمارات العربية المتحدة والأردن وجزر القمر والغابون وكوت ديفوار وزامبيا وبوركينا فاسو وجمهورية غينيا بيساو، وإفريقيا الوسطى.
ويكتسب افتتاح تلك التمثيليات أيضا أهمية على المستوى القانوني، حيث يندرج ضمن اتفاقية "فيينا" لسنة 1993 الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية.
ومن شأن هذه الديناميكية، أن تعزز مسيرة التعاون بين المغرب وتلك الدول، من خلال استكشاف الفرص الاقتصادية المهمة التي تتوفر عليها الأقاليم الجنوبية، كمنصة مفتوحة على الغرب الأفريقي.
وعلى المستوى الدبلوماسي، فإن تواتر افتتاح القنصليات يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية في تحقيق مكاسب هامة في القضية الوطنية، ويقطع طريق الترويج للأكاذيب من قبل الأطراف المعادية للوحدة الترابية للمملكة.