الدولار الأميركي القوي يستنزف عملات الأسواق الناشئة

لندن – عمق الدولار الأميركي القوي من تدهور عملات الأسواق الناشئة، والذي من المرجح أن يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم على نحو قد يفاقم أزمات الغذاء والطاقة التي تشهدها الكثير من البلدان.
ودفعت زيادة أسعار الفائدة على الدولار منذ العام الماضي إلى زيادة كلفة الحصول على العملة الأميركية من جانب الأسواق الناشئة، إضافة إلى إرهاق مدفوعات تجارتها الخارجية.
ووفق بيانات منظمة التجارة العالمية العام الماضي، فإن 86 في المئة من التجارة العالمية تتم بالدولار، فيما يؤكد صندوق النقد الدولي أن العملة الأميركية تمثل 58.3 في المئة من احتياطات الدول لدى الصندوق.
وإلى جانب الدولار تتشكل احتياطات صندوق النقد من سبع عملات رئيسية هي اليورو الأوروبي والجنيه الاسترليني واليوان الصيني والفرنك السويسري والدولار الأسترالي والدولار الكندي والين الياباني.
86
في المئة من التجارة العالمية تتم بالدولار والذي يشكل 58.3 في المئة من الاحتياطات النقدية للدول
وتأتي في صدارة المتضررين الليرة التركية، التي تراجعت قبل قرار البنك المركزي الخميس ليصل سعر صرف الدولار إلى 19.4 ليرة، التي انخفضت بشكل طفيف عن مستويات الأربعاء الماضي.
وتشكل انتخابات مايو أكبر تحدٍّ لحكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دام عشرين عاما، فقد أدت أزمة تكاليف المعيشة الناجمة عن التضخم إلى تآكل دعمه في السنوات الأخيرة، كما تعرضت حكومته لانتقادات بسبب استجابتها لزلزال مدمر في فبراير الماضي.
وانخفضت الليرة إلى مستويات قياسية هذا العام حيث خفض البنك المركزي أسعار الفائدة في سياسة غير تقليدية دافع عنها أردوغان.
وكتب الاقتصاديون في ويلز فارجو في مذكرة إلى المستثمرين أنه “في حالة احتفاظ الرئيس أردوغان بمنصبه فمن المرجح أن يظل إطار السياسة النقدية غير التقليدي في مكانه وقد تتعرض الليرة لانخفاض كبير آخر”.
وأضافوا أنه “إذا انكشف سيناريو حيث يتحقق تغيير النظام، فإننا نعتقد أن الليرة يمكن أن تشهد ارتفاعا كبيرا في التوقعات بإمكانية تنفيذ إطار عمل تقليدي للسياسة النقدية”.
ولكن بعض المحللين يرون أن العملة التركية ستتضرر أكثر على الأرجح في حال زاد الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية ليبلغ 5.25 في المئة خلال اجتماعه مطلع الشهر المقبل.
وقال خبراء غولدمان ساكس بينهم باساك إيديزجيل في تقرير إنه “برغم وجود مخاطر طفيفة لخفض الفائدة كون الانتخابات على بعد أقل من شهر، نعتقد أن المركزي التركي يركز بشكل أساسي حاليا على الحفاظ على استقرار الليرة وسط ضغوط التراجع المتزايدة”.
90
في المئة نسبة الزيادة في كلفة الواردات المصرية، حيث بلغت أكثر من 9.5 مليارات دولار شهريا
وجاء تراجع الليرة التركية بعد يوم من إعلان وزير الاقتصاد الأرجنتيني سيرجيو ماسا أن بلاده تعتزم تسديد ثمن وارداتها الصينية باليوان الصيني بدلا من الدولار الأميركي، وذلك للحد من استنزاف احتياطاتها من العملات الصعبة.
وتضرر الاقتصاد الأرجنتيني بحدة من زيادات المركزي الأميركي للفائدة، ما زاد كلفة الحصول على العملة الأميركية من جهة، وزيادة كلفة الديون المقومة بالدولار من جهة أخرى.
وقال ماسا بحسب ما أوردت وكالة أسوشيتد برس خلال اجتماع في بوينس آيرس مع السفير الصيني زو شياولي، إن بلاده “ستبرمج جزءا من وارداتها باليوان بما يساوي أكثر من مليار دولار الشهر المقبل”.
وثمة قناعة لدى الخبراء أن زيادة الفائدة يؤدي إلى زيادة قوة العملة الأميركية أمام بقية العملات، فيما تحاول بقية الاقتصادات الحفاظ على جاذبية عملاتها بزيادات مماثلة على الفائدة.
ويعقد الفيدرالي الأميركي الثلاثاء والأربعاء المقبلين اجتماع لجنة السوق المفتوحة لاتخاذ قرار بشأن الفائدة، وسط ترجيحات بزيادتها للمرة العاشرة تواليا منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا.
ويضغط اعتماد الاقتصاد العالمي على الدولار كعملة مدفوعات تجارية واحتياطات أجنبية على الاقتصادات عموما وخاصة الأسواق الناشئة كتركيا ومصر الأرجنتين وغالبية دول أفريقيا.
وتسبب الدولار القوي في تخارج أكثر من 23 مليار دولار من الأموال الساخنة والتي تتضمن الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين من السوق المصرية منذ مارس العام الماضي.
0.7
في المئة نسبة ارتفاع مؤشر سي.أس.آي الصيني الممتاز ليقطع سلسلة خسائر استمرت ستة أيام عند الإغلاق
فيما تسببت قوة العملة الأميركية الناتجة عن زيادة الفائدة، إلى جانب التضخم العالمي، بزيادة كلفة الواردات المصرية من الخارج بنسبة 90 في المئة إلى أكثر من 9.5 مليارات دولار شهريا.
ونهاية مارس الماضي، أعلنت البرازيل والصين أنهما اتفقتا على استخدام عملتيهما المحليتين في التبادل التجاري في ما بينهما بدلا من استخدام الدولار.
وتقود كل من الصين وروسيا أيضا جهودا مع اقتصادات أخرى بصدارة الهند على إقصاء الدولار في المدفوعات التجارة لأسباب تقول إنها سيادية واقتصادية وسياسية.
وفي خضم ذلك عزز الراند الجنوب أفريقي قيمته بنحو 0.9 في المئة مقابل الدولار الثابت في تداول ضعيف الخميس، مع تواجد العديد من التجار المحليين بعيدا عن مكاتبهم.
وبينما كان الروبل الروسي ثابتًا مقابل الدولار مع ترقب السوق لقرار سعر الفائدة اليوم الجمعة، ارتفعت قيمة العملات في أوروبا الوسطى والشرقية.
وبشكل عام، كان مؤشر أم.أس.سي.آي لعملات الأسواق الناشئة ثابتا بينما ارتفعت الأسهم بنسبة 0.3 في المئة في الوقت الذي كان المستثمرون ينتظرون بيانات الناتج المحلي الإجمالي من الولايات المتحدة لتقييم صحة أكبر اقتصاد في العالم.
وقبل ذلك ارتفع مؤشر سي.أس.آي الصيني الممتاز بنسبة 0.7 في المئة، ليقطع سلسلة خسائر استمرت ستة أيام عند الإغلاق، بقيادة شركات التأمين حيث عززت أرباح أفضل من المتوقع المعنويات.