الدوريان ملكة الفواكه برائحة لا تُحتمل

بوكيت (تايلاند) - يتطلب تقطيع ثمرة الدوريان إلى نصفين استخدام سكين حادة النصل، والعمل على تقسيم القطع بعناية. واختار البائع الواقف في كشك لبيع هذه الفاكهة، بالشارع الكائن في المنطقة الجنوبية من مدينة بوكيت التايلاندية، ثمرة تزن كيلوغرامين.

وبعد أن شق البائع القلب الكريمي اللون للثمرة كاشفا عن بذرة صغيرة، لف بعجالة القطع الصغيرة للثمرة، وتبدو القطع كأنها فصوص من الثوم كبيرة الحجم، ووضعها أولا داخل طبق من البلاستيك، وبعد ذلك لفها داخل كيس ثم ربطه بثلاث عقد.

ويمكن القول هنا إنه من الأفضل وضع القطع بشكل آمن داخل العبوة، بدلا من إبداء الأسف بعد ذلك إزاء ما سيحدث.

وأدت رائحة هذه الثمرة إلى حظر هذا النوع من الفواكه في الفنادق والمصاعد والمطارات، وحتى في وسائل النقل العمومي، وذلك في عدة دول من سنغافورة حتى إندونيسيا وتايلاند، حيث كتبت تحذيرات على لافتات تنذر من يحملها، وكانت هذه اللافتات بجوار تلك التي دوّنت عليها عبارة “ممنوع التدخين”.

وعلى الرغم من رائحتها النفاذة يحب الكثيرون في منطقة جنوب آسيا فاكهة الدوريان، وهذا هو سبب أنها تعرف أيضا في المنطقة باسم “ملكة الفاكهة”.

ويصف وات تونجيري -وهو من مدينة باتايا الكائنة بجنوبي تايلاند- هذه الثمرة بأنها “حلوة المذاق ودسمة وشهية”، ويقول “إنني أفضل تناولها وهي مثلجة، حيث يصير مذاقها مثل العصير أو حتى الآيس كريم”.

وتتباين الآراء حول هذه الفاكهة ورائحتها النفاذة؛ فبينما يشعر السياح غالبا بالخوف الشديد حتى من محاولة قضم واحدة منها، نجد أن المتاجر في آسيا مملوءة بأنواع من الواقي الذكري بنكهة الدوريان.

ويمكن تفسير رائحتها النفاذة بوجود جينات تتحكم في إنتاج مركبات الكبريت المتفجرة، وذلك وفقا لما يقوله العلماء في جامعة سنغافورة.

ونقل الباحثون عن كاتب الرحلات الأميركي جون وينوكور قوله إن “رائحة الدوريان عبارة عن مزيج من زيت التربنتين والبصل محلّى برائحة جوارب الرياضيين”.

واختلف وصف هذه الفاكهة عبر العصور، ويقول جيمي هوبكنز مؤلف كتاب “أطعمة غريبة” إن الدوريان تشبه “تناول الآيس كريم داخل خزان الصرف الصحي”.

ويتذكر المستكشف الفرنسي هنري موها أن أول قضمة له من هذه الفاكهة كان مذاقها مثل “لحم حيوان في حالة تعفن”.

ولكن المستكشف موها سرعان ما أعرب عن إعجابه بمذاق الدوريان الفريد من نوعه، وقال “بعد أربع أو خمس محاولات وجدت أن مذاقها رائع”.

وبغض النظر عن مذاقها الرائع، فإنه بمجرد تسرب الرائحة الفريدة من الثمرة إلى داخل غرفة لن يستطيع أحد أن يفعل شيئا ذا بال للتخلص منها.

ومن الوقائع الغريبة التي كانت الدوريان سببا فيها أنه حدث عام 2012 أن ثارت ثائرة ركاب طائرة إندونيسية، كانت تحمل شحنة من هذه الفاكهة، وأصروا على إنزالها مما أدى إلى تأخير إقلاع الطائرة إلى أن تمت تهويتها للتخلص من الرائحة.

وفي حادث وقع مؤخرا في مدينة بريسبان الأسترالية، اشتم المتعاملون مع الأمتعة رائحة غريبة نفاذة تنبعث من مخزن طائرة، كانت رابضة على أرض المطار، فقرعوا جرس الإنذار الخاص بالأعمال الإرهابية، وتم إنزال جميع الركاب والحقائب وفحصها، إلى أن تبين أن مصدر الرائحة هو طرد من فاكهة الدوريان.

كما أدت رائحة هذه الفاكهة إلى دق جرس إنذار يحذر من وجود تسرب للغاز في فندق بمدينة زيوريخ السويسرية، وبعثت إدارة الإطفاء سيارة إطفاء ورجال شرطة وأطقم إسعاف، ويتذكر أحد حراس الأمن بالفندق قائلا “اعتقدت وقتها أن انفجارا هائلا سيحدث”.

وتسببت هذه الفاكهة في شن عملية أمنية كبرى في ألمانيا العام الماضي، حيث تم إخلاء مبنى للبريد مؤقتا بعد أن أبدى العاملون تخوفهم من تعرضهم لأضرار صحية، وكان سبب الخوف هو رائحة نفاذة منبعثة من طرد بريدي مملوء بالدوريان.