الدورة الـ52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب تتجه إلى الرقمنة

انطلقت أخيرا فعاليات الدورة الـ52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، بعد أشهر من الشدّ والجذب حول مصير هذه الدورة المؤجلة من يناير الماضي، الموعد السنوي المعتاد لأقدم معرض كتاب عربي. ويتجه المنظمون إلى الفضاء الرقمي بشكل لافت في هذه الدورة التي أثارت جدلا واسعا حول إلغائها للبرنامج الثقافي من أمسيات وندوات وغيرهما.
القاهرة - انطلقت الأربعاء فعاليات الدورة الـ52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، أحد أهم معارض الكتب في الشرق الأوسط، بمشاركة 1218 ناشرا من 25 دولة.
ويعد معرض القاهرة الدولي للكتاب أكبر معرض لدعم القراءة في مصر، حيث انطلق عام 1969 ليصبح “أقدم وأكبر معرض للكتب بمنطقة الشرق الأوسط”، بحسب تقديرات حكومية.
وتعقد الدورة الجديدة للمعرض في ظل ظروف استثنائية وإجراءات احترازية مشددة فرضها تفشي فايروس كوفيد – 19.
وينظم معرض القاهرة الدولي للكتاب السنوي في شهر يناير من كل عام، غير أنه تأجل هذا العام بفعل الحالة الصحية، ليعقد خلال الفترة الممتدة من 30 يونيو إلى 15 يوليو 2021 في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات.
دورة استثنائية
يقام معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام على مساحة 80 ألف متر مربع، ورغم أنه ألغى البرنامج الثقافي في هذه الدورة فقد أعلن عن تقديم عدة أنشطة افتراضيا وخاصة الأنشطة المتعلقة بالتشجيع على اقتناء الكتب والقراءة.
وأثناء افتتاحه للمعرض استهل رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي جولته في المعرض بتأكيد أن الدولة المصرية تشهد حراكا ثقافيا غير مسبوق يتمثل في الجهود المبذولة لإثراء كافة مناحي الحياة الثقافية، إيمانا بالدور المهم الذي تقوم به الثقافة، باعتبارها إحدى الآليات الفاعلة في تشكيل الوعي وبناء الإنسان ومواجهة الأفكار المتطرفة.
وقال مدبولي في كلمته “إن الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب تأتي في ظل ظروف استثنائية يشهدها العالم بأسره تتمثل في أزمة انتشار فايروس كورونا، والتي فرضت علينا جميعا ضرورة التعامل معها، والتغلب على تداعياتها السلبية، وهو ما قمنا به كدولة في مختلف القطاعات، ومن بينها الثقافة”.
المعرض يؤكد نجاح الثقافة بشكل ملحوظ في رقمنة العديد من أنشطتها ونقل مختلف الفعاليات افتراضيا إلى المتلقي
وأشار إلى نجاح الثقافة بشكل ملحوظ في رقمنة العديد من أنشطتها، كما استطاعت نقل مختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية افتراضيا إلى المتلقي، ولاسيما النشء والشباب، مؤكدا استمرار الدولة في دعم هذه الأنشطة من أجل بناء وتأهيل الشباب والأجيال المقبلة.
وأزاح رئيس الوزراء الستار عن مبادرة “ثقافتك كتابك” التي يتم إطلاقها خلال هذه الدورة وتضم مئات العناوين من دور النشر وقطاعات الوزارة، بواقع 11 ناشرا، والتي لا يتجاوز فيها سعر الكتاب 20 جنيها (الدولار يساوي 15.60 جنيه)، وذلك لحث المواطنين ورواد المعرض على اقتناء الكتب وتشجيعهم على القراءة. كما تتضمن المبادرة
تنظيم عدد من الأنشطة الافتراضية من خلال المنصة الإلكترونية الخاصة بالمعرض. وفي افتتاح المعرض قال محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، إن “وعي الاتحاد بأزمة صناعة النشر العربية جعله يسعى سعيًا حثيثًا نحو التعامل مع هذه الظاهرة، خاصة بعد الأزمات الأخيرة التي أثرت سلبًا على الصناعة، فاضطر العديد من الناشرين إما إلى تخفيض عدد الإصدارات السنوية أو تخفيض عدد العاملين في دار النشر، أو التوقف بصورة مؤقتة”.
وقد زاد هذا من تفاقم معاناة الناشرين التي بدأت منذ سنوات، كما تم إلغاء أو تأجيل العديد من معارض الكتب العربية -وقد كانت متنفسًا هامًّا لتوزيع الكتاب- التي فقدها الناشرون.
وكشف مدى معاناة الناشرين من التزوير والقرصنة، ليس على صعيد المزور والمقرصن المحدود القدرات فحسب، بل أيضًا على صعيد الشركات الدولية الكبرى؛ فقد تفاقمت هذه الظاهرة وأصبحت كارثة تدمر صناعة النشر العربي.
فعاليات رقمية

طالب رشاد رئيس الوزراء بالمساعدة على تحريك التعديل المطروح حالياً أمام البرلمان المصري، الخاص بقانون حماية الملكية، مؤكداً أن إقرار ذلك التعديل من شأنه تحريك الصناعة بشكل كبير بالإضافة إلى حماية
حقوق كل الأطراف في الصناعة، خاصة الناشر والكاتب، وقد وعده مدبولي بتبني الأمر. من جانبها أكدت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبدالدايم أن الدورة الحالية للمعرض تنعقد في ظل ظروف استثنائية بسبب أزمة جائحة كورونا، مشيرة إلى أنها ستشهد إطلاق المنصة الإلكترونية لأول مرة، وهي أول معرض كتاب افتراضي مواز بتقنية “D3”، كما سيتم إطلاق جميع الفعاليات والأنشطة افتراضيا على المنصة حفاظًا على سلامة الجمهور وصحته.
وأشارت عبدالدايم إلى أن حجز تذاكر المعرض سيكون إلكترونيا وبالمجان هذا العام، مع الحرص على زيادة عدد أيام المعرض دعما لصناعة النشر والكتاب، لافتة إلى أن المنصة الرقمية المستحدثة تشمل كافة التفاصيل والخدمات التي تهم زوار المعرض، مثل إمكانية الحصول على الإصدارات من خلال البحث عن الكتب ودور النشر المشاركة، إلى جانب أجندة الأنشطة والفعاليات التي ستجرى افتراضيًا (أون لاين)، وخارطة المعرض، وجولة افتراضية تحاكي الواقع داخل قاعات المعرض، كما تضم المحتوي الرقمي وخطوات التسجيل للحصول على تذكرة الزيارة.
هذه الدورة تقدم أول معرض كتاب افتراضي مواز، كما سيتم إطلاق جميع الفعاليات والأنشطة عبر منصة إلكترونية
ولفتت إلى إقامة غرفة عمليات دائمة للمعرض وخدمة دعم فني وخدمة عملاء “أون لاين” على المنصة وعلى تطبيق واتساب، وكذلك تخصيص مسار خاص وسريع لكبار السن وذوي القدرات الخاصة، والسماح لهم بالدخول بصحبة مرافق من جميع بوابات الدخول، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية المتعارف عليها حرصا على الصحة العامة، ومنها ارتداء القناع الطبي وقياس درجة الحرارة والمرور عبر بوابات التعقيم واحترام مسافات التباعد الآمنة.
ونوهت وزيرة الثقافة المصرية إلى أنه تم تحديد حد أقصى للطاقة الاستيعابية لكل قاعة عرض من القاعات الأربع ومراعاة مسافات التباعد بين أجنحة العارضين.
وأثنت الوزيرة على التنظيم داخل الأجنحة، وعلى العناوين المعروضة، وكل ذلك يعكس اهتمام الدور العربية بتقديم ما يهم القراء في جميع المجالات، مؤكدة أن صناعة الكتاب واحدة من عناصر القوة الناعمة، القادرة على الربط بين الشعوب العربية.