الدوحة تهرب للاقتراض بفوائد قياسية باهظة

السلطات القطرية تصدر سندات دولية مقومة بالدولار بقيمة 10 مليارات دولار.
الجمعة 2020/04/10
اختبار الأوضاع المالية

تزايدت المؤشرات على تفاقم أزمات قطر المالية بعد لجوئها للاقتراض من الأسواق العالمية بفوائد قياسية وتأجيل مشاريع، نتيجة تلاشي إيراداتها من صادرات الغاز، الذي يمثّل شريان الحياة الوحيد للاقتصاد القطري.

لندن - تكشف الإجراءات العاجلة التي اتخذتها الحكومة القطرية مؤخرا عمق أزمة السيولة، والتي ظهرت في الاندفاع لإصدار سندات دولة بفوائد قياسية في ظل انهيار إيراداتها من صادرات الغاز نتيجة إلغاء عقود وتراجع الأسعار وكساد المبيعات بسبب تخمة الأسواق.

وأعلنت وزارة المالية القطرية عن إصدار سندات دولية مقومة بالدولار بقيمة 10 مليارات دولار مقسمة على ثلاث شرائح لأجل خمس سنوات وعشر سنوات وثلاثين عاما.

وأظهرت الفوائد القياسية مستويات ثقة المستثمرين، رغم أن الوزارة ذكرت أن الطلب كان كبيرا وأنه جاء من “مستثمرين في آسيا وأوروبا وأميركا ومنطقة الشرق الأوسط”.

وأشارت في بيان أن العوائد التي قدّمتها لمستثمرين الشريحة الأولى البالغة ملياري دولار لأجل خمس سنوات كانت 3.44 في المئة فوق عوائد السندات الأميركية.

وارتفعت العوائد في شريحة عشر سنوات البالغة 3 مليارات دولار إلى 3.72 في المئة، وبلغت ذروتها عند 4.4 في المئة في الشريحة الثالثة لأجل 30 عاما والبالغة 5 مليارات دولار.

وتعدّ هذه السنة الثالثة على التوالي التي تلجأ فيها قطر للاقتراض بكثافة من الأسواق الدولية، حيث سبق أن أصدرت سندات بقيمة 12 مليار دولار في 2018، ومثلها في العام الماضي.

ولم تبدأ أزمات قطر المالية من أزمة تفشّي فايروس كورونا المستجد، حيث تعاني منذ ثلاث سنوات من أزمات مالية معقّدة بسبب التداعيات القاسية لمقاطعة السعودية والإمارات ومصر والبحرين لها بسبب دعمها للجماعات الإرهابية.

ويتضح ذلك في بيانات رسمية أعلنتها الدوحة الأربعاء وأظهرت انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة قطر في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 0.6 في المئة على أساس سنوي، أي قبل الأزمة الحالية.

وكان الانكماش في تلك الفترة أكبر بكثير عند المقارنة بالربع السابق، حيث بلغ نسبة 1.4 في المئة.

وكانت نشرة إصدار السندات هذا الأسبوع قد لجأت إلى عرض مبررات الاقتراض في إجراء غير معتاد يكشف حجم الضائقة المالية التي تهدد البلاد.

10

مليارات دولار اقترضتها قطر بفوائد قياسية تؤكد ضعف ثقة المستثمرين بأوضاعها المالية

وجاء في النشرة أن حاكم قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني طلب من الحكومة تأجيل عقود لمشاريع إنفاق رأسمالي قيمتها 8.2 مليار دولار بسبب تفشي فايروس كورونا.

ويرجّح محللون أن يصبح الاقتصاد القطري من أشد المتضررين من انتشار فايروس كورونا بسبب اعتماده الشديد على تصدير سلعة واحدة هي الغاز، الذي انهارت أسعاره نتيجة انهيار الطلب العالمي وتخمة الأسواق بالإمدادات الوفيرة.

ولا يبدو أن أمام الدوحة سوى مواصلة السحب من الاحتياطات المالية، في ظل التزاماتها الاستعراضية الواسعة في مشاريع البناء استعدادا لاستضافة بطولة كاس العالم لكرة القدم 2022 ومعاناتها من المقاطعة العربية، التي قوّضت معظم النشاطات الاقتصادية.

ويبدو أن قطر تتجه لاحتقان اقتصادي مهدد بالانفجار، حين تتحوّل مشاريع البناء الكبيرة إلى عبء ثقيل، بعد استخدامها لمرة واحدة في استضافة البطولة.

وتجد قطر صعوبة في بيع الغاز بعد إلغاء عقود شراء، الأمر الذي يضغط على إيراداتها المالية، التي تحتاجها بشدة لمواجهة تضخم إنفاقها المحلي وتداعيات المقاطعة العربية.

وكشفت مصادر مطلعة الأسبوع الماضي أن شركة قطر للبترول خاطبت في تحرك نادر عددا من المشترين في آسيا وأوروبا، عارضة عليهم شحنات غاز طبيعي مسال في السوق الفورية.

ويأتي ذلك بعد ازدياد عدد الناقلات المحملة بالغاز القطري، التي تجوب البحار دون أن تجد مشترين، بسبب تراجع الطلب وقيام بعض الشركات بإلغاء عقود مبرمة.

وأصدرت شركة بترونت الهندية، أكبر مستورد للغاز في الهند، إخطارا للشركة القطرية بإلغاء الشحنات المتعاقد عليها بسبب إعلان حالة القوة القاهرة بسبب تراجع الطلب وعدم قدرتها على استلام الشحنات القطرية.

كما أجبر التراجع الحاد في الطلب على الغاز في أوروبا، الناجم عن عمليات إغلاق حدّت من الإنتاج الصناعي، موردي الغاز الطبيعي المسال مثل قطر على البحث عن مشترين بدلاء.

لكن العثور على مشترين أصبح في غاية الصعوبة بسبب انهيار الطلب الناجم عن شلل الاقتصاد العالم، وكون الأسواق متخمة بالمعروض أصلا قبل تفشّي وباء كورونا.

وقالت ريبيكا تشيا المحللة لدى شركة كبلر للبيانات إن ناقلة الغاز المسال “السهلة” التي كان من المفترض أن تتجه إلى الهند في الأول من أبريل، متوقفة دون عمل في ميناء راس لفان.

وتتوقع تقارير عالمية أن يضطر الصندوق السيادي القطري لتكثيف عمليات بيع الأصول الخارجية لمعالجة أزمة السيولة المتواصلة.

وتشير بيانات عالمية إلى أن الدوحة باعت خلال السنوات الثلاث الماضية الكثير من أصولها الخارجية لمعالجة نزيف السيولة في الداخل، بسبب نزوح المستثمرين وتوقف معظم النشاطات الاقتصادية.

كما ضخّت المؤسسات السيادية عشرات مليارات الدولارات، التي ما تلبث أن تتسرب إلى الخارج بسبب ضعف الثقة بمستقبل الاقتصاد القطري.

11