الدوحة تندد بتقارير إسرائيلية تتهمها بتسليح حماس

الدوحة - استنكرت قطر، الثلاثاء، تداول وسائل إعلام إسرائيلية تقارير وصفتها بـ"المفبركة" بهدف "إثارة التوتر وإحداث شرخ" في علاقاتها مع الولايات المتحدة "خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
وجاء البيان الصادر عن مكتب الإعلام الدولي بدولة قطر "رداً على التقارير المفبركة التي تم تداولها على وسائل الإعلام الإسرائيلية"، بعد أن بثت "القناة 12" الإسرائيلية الخاصة الأحد تقريرا عاما قالت إنها "وثائق قطرية" أكدت أنها تثبت وجود دور للدوحة في "تعزيز القدرات العسكرية لحماس".
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية اليوم الثلاثاء عن تعاقد قطر مع شركات صناعات دفاعية إسرائيلية لشراء تقنيات عسكرية متطورة بقيمة مئات ملايين الدولارات. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصفقات تزامنت مع اتهامات للدوحة بدورها في تسليح حركة حماس.
وأوضحت أن من بين الشركات الإسرائيلية التي أبرمت صفقات مع قطر شركتا "إلبيت" و"رافائيل" بالإضافة إلى صناعات الفضاء الإسرائيلية. وأكدت أن هذه العقود لم تكن لتنفذ دون الحصول على موافقات رسمية، بما في ذلك موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضافت الصحيفة أن أفضل شركات الدفاع الإسرائيلية وقعت عقودا مع قطر لتزويدها بأسلحة وذخائر وتقنيات سيبرانية وأنظمة متطورة أخرى، بمبالغ ضخمة تجاوزت 100 مليون دولار.
وقال التقرير إن قطر، رغم هذه الصفقات مع إسرائيل، تُعد "حجر الزاوية" في المحور المعادي لها، والذي يضم إيران وتركيا وحركة حماس في غزة.
وذكر البيان القطري أنه "تم تداول وثائق مفبركة مجدداً على وسائل الإعلام الإسرائيلية بهدف إثارة التوتر وإحداث شرخ في العلاقات بين دولة قطر والولايات المتحدة، وذلك خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة التي تبذلها قطر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
وأضاف "نشر هذه الوثائق في مثل هذا التوقيت ليس أمراً عشوائياً، بل هو محاولة متعمدة لصرف الأنظار عن التغطية الإعلامية السلبية لممارساتهم غير المسؤولة في قطاع غزة – كما كشفت عنها التقارير خلال الأسبوع الماضي – في لحظة تقترب فيها الجهود من تحقيق تقدم حقيقي".
وأشار البيان القطري إلى أنه "لطالما استُخدمت هذه الأساليب من قبل أولئك الذين لا يأملون أن تكلل المساعي الدبلوماسية بالنجاح. فهم لا يرغبون في أن تثمر جهود دولة قطر بالتعاون مع إدارة الرئيس دونالد ترامب في ملفات قطاع غزة وغيرها من القضايا الإقليمية، سلاماً عادلاً ومستداماً في المنطقة".
وتابع "تم استخدام أساليب مماثلة ضد من عبّروا عن رفضهم لاستمرار الحرب أو شاركوا في جهود دبلوماسية تهدف إلى إعادة الرهائن، بمن فيهم أعضاء في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، وذلك في محاولة لتشويه سمعتهم وتقويض المسار الدبلوماسي".
وتكتنف جهود الوساطة القطرية لإطلاق سراح الرهائن في غزة وإرساء هدنة تساؤلات متزايدة حول مدى حياد الدوحة، وذلك في ضوء عدة عوامل تثير شكوكا حول تعاملها المتوازن في هذا الملف الحساس.
فمنذ عام 2012، تستضيف قطر قيادات سياسية بارزة لحركة حماس في الدوحة، وهو ما يمنحها نفوذا مباشرا وقنوات اتصال مفتوحة مع الحركة التي تسيطر على قطاع غزة.
وقد تعزز هذا الدور مع إقامة رئيس المكتب السياسي السابق لحماس، إسماعيل هنية، في الدوحة حتى اغتياله العام الماضي، مما يرسخ صورة عن علاقة وثيقة تتجاوز دور الوسيط التقليدي.
وعلاوة على ذلك، تعتبر قطر من أبرز الداعمين الماليين والسياسيين لحركة حماس، وهو دعم مستمر منذ سنوات. وهذا الدعم المالي، الذي يهدف ظاهرياً إلى تخفيف الأوضاع الإنسانية في غزة، يرى فيه البعض نفوذا قطريا يمكن استغلاله في المفاوضات.
وقد تجسدت هذه الشكوك في اتهامات مباشرة وجهتها إسرائيل وبعض الأطراف الإقليمية لقطر بالتحيز لصالح حماس في المفاوضات.
وتذهب هذه الاتهامات إلى حد الزعم بأن الدوحة تسعى لتحقيق أفضل صفقة ممكنة للحركة، حتى لو كان ذلك على حساب الأسرى الآخرين أو على حساب التوصل إلى حلول جذرية للصراع.
وقد عبرت إسرائيل عن استيائها من "اللعب على الجانبين" الذي تمارسه قطر، حيث تظهر في العلن كوسيط نزيه بينما يُنظر إليها في الخفاء على أنها منحازة لحماس.
وتشير تقارير أخرى إلى محاولات قطرية للتأثير على الرأي العام والسياسيين الأميركيين، وهو ما يراه البعض محاولة للضغط على الإدارة الأميركية لدفعها نحو تبني مواقف أكثر تساهلا مع حماس والضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات أكبر.
ورغم الاتهامات المتزايدة، تصر قطر على أنها تقوم بدور الوسيط بنزاهة ومسؤولية، مؤكدة أن استضافتها لقيادات حماس تهدف فقط إلى تسهيل عملية التواصل وإيجاد حلول عملية للأزمة الإنسانية والأمنية في قطاع غزة.
وتنفي الدوحة بشدة أي محاولة لعرقلة المفاوضات أو التحيز لطرف دون آخر، مشددة على التزامها بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وتتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضد نتنياهو من عائلات الأسرى والمعارضة، التي تتهمه بالخضوع لضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته، وتمديد الحرب لتحقيق مصالح سياسية على حساب حياة الأسرى. تُقدر تل أبيب وجود 56 أسيرًا إسرائيليًا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
في سياق لا يخلو من التناقضات، تبرز فضيحة "قطر غيت" التي كشفت عن تورط مستشارين مقربين من نتنياهو في الترويج لمصالح قطرية من داخل مكتبه. وهذه الفضيحة، التي طالت مسؤولين سابقين في إدارة نتنياهو، تلقي بظلالها على مدى تداخل المصالح السياسية والاقتصادية بين الأطراف، وتزيد من تعقيد المشهد العام.