الدمشقيون يرفضون تأجير منازلهم للإيرانيين

دمشق - يتجنب سكان العاصمة السورية دمشق تأجير شققهم للإيرانيين، خشية تعرضها للاستهداف من قبل إسرائيل، وهو ما دفع طهران لتجنيد سماسرة سوريين لتلك الغاية. وتعرضت العديد من الشقق والمنازل التي استأجرها ضباط كبار في الحرس الثوري الإيراني وقيادات لمجموعات موالية، في العاصمة دمشق وعدد من المدن والبلدات في اللاذقية وحمص لقصف إسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة.
ويفضل ضباط الحرس الثوري الإيراني التخفي في المناطق المأهولة في سوريا، وإن كان ذلك لم يحل دون أن تطال الأيادي الإسرائيلية العشرات منهم. وكشف تحقيق استقصائي عن شبكة من السماسرة السوريين الذين يعملون لصالح الميليشيات الإيرانية في دمشق في قطاع العقارات، لتأمين شقق سكنية للشخصيات الإيرانية في ظل امتناع كثير من السكان عن التعامل معهم خوفا من خسارة منازلهم.
ومن بين السماسرة الذين جندتهم إيران أبورجب، وهو من السماسرة الذين لا يتوانون في إعلان تشيّعهم رغم كونه ينحدر من دمشق ومن سكان منطقة خلف الرازي سابقاً. ويتحدث أبورجب في التحقيق الذي أجراه موقع “تلفزيون سوريا” عن عدم قدرته على إقناع الأهالي بتأجير أو بيع بيوتهم لصالح جهات إيرانية في الآونة الأخيرة ولاسيما بعد استهداف القنصلية في الأول من أبريل الماضي، وقبلها استهداف مبنى يقطنه قادة من الحرس الثوري الإيراني في منطقة المزة فيلات غربية في 20 يناير الماضي.
ويقول أبورجب "الناس صارت تخاف على حالها، بالأول كانت الناس ما تحكي بشكل علني.. أما اليوم فهم يقولون ذلك بشكل صريح: ما بدنا إيرانيين بيننا..ما بدنا ننضرب". وكشف أحد أصحاب البيوت في منطقة المزة فيلات شرقية، أن الإيرانيين عرضوا عليه مبلغ 450 مليون ليرة سورية كإيجار سنوي؛ أي ما يعادل 450 ألف دولار سنوياً، إلا أنه رفض تماماً تأجير بيته عندما تأكد أنهم يتبعون لشركة فوسفات إيرانية تدعى "شركة ميلاد".
◙ ضباط الحرس الثوري الإيراني يحاولون التخفي في المناطق المأهولة في سوريا، وإن كان ذلك لم يحل دون أن تطال الأيادي الإسرائيلية العشرات منهم
ويقول أبوحسان (اسم مستعار) "عندما رفضت تأجيرهم بيتي عبر الوسيط السوري الذي جاء معهم، وهو أحد أصحاب المكاتب العقارية المتعاون معهم، عَرض عليَّ صراحةً زيادة مقدارها مئة مليون ليرة سورية، ليصبح الإيجار السنوي 550 مليون ليرة سورية سنوياً، لكنني رفضت بسبب مطالب الجيران بالدرجة الأولى وخوفاً على سلامتهم.
ويذكر أبورجب الذي فشل في الأشهر الثلاث الأخيرة في تأمين بيت لـ”حجاج" إيرانيين ومن بينهم المعروف بـ”الحاج أكبري"، أن بعض أصحاب البيوت باتوا يبحثون عن أعذار عندما يوشك الأمر على التمام؛ إذ يماطلون بتأجير البيت ويتحججون بأن السعر قليل، فإذا قبل الإيرانيون بزيادة الرقم المطروح، تحوّل أصحاب البيوت إلى الحديث مباشرةً بأنهم لا يريدون تأجير الإيرانيين أو لا يريدون تأجير البيت أصلاً.
ويرتبط أبورجب بعلاقات وثيقة مع الحجاج الإيرانيين، عبر أخيه (فراس البقاعي) الذي خدم سابقاً في الفرقة الرابعة وصار محسوباً على الإيرانيين في السنوات الأخيرة حتى أصبحوا ينادونه أيضاً بالحاج نسبة إليهم. وتشير كلمة الحاج إلى الشخص الإيراني الذي يحمل صفة دينية ومُكلّفا بمهمة عسكرية أمنية أو عمل إعلامي أو اقتصادي في سوريا.
ويوضح أبورجب في سياق حديثه الذي حصل موقع تلفزيون سوريا على تسجيلات صوتية خاصة منه، بأن الإيرانيين وتحديداً الجنرالات أو الشخصيات ذات الأهمية، لا يأخذون البيوت على الأوتستراد أو تلك المطلة على شوارع رئيسية، بل يتقصدون اختيار تلك الواقعة بين الحارات والمخبأة تماماً. بينما لا يمانع الموظفون العاديون في السفارة استئجار بيوت واقعة على الأوتستراد.
ومن ضمن التسجيلات يتحدث أبورجب في أحدها عن عجزه عن تأمين بيت لنائب السفير الإيراني خلال شهر مايو الماضي، بعد أن تواصل معه مدير مكتبه بشكل مباشر من أجل ذلك. ويشير أبورجب إلى كونه اضطر إلى تشغيل “شبكة علاقاته” – حسب وصفه – من السماسرة والمكاتب العقارية في منطقة المزة من أجل تحصيل بيت بمواصفات جيدة لنائب السفير؛ موضحاً لهم بأنه بيت لجهة دبلوماسية.
وبعد عجزه عن إتمام أيّ تفاوض مع أصحاب المنازل في المزة رغم حصولهم على عروض جيدة إلا أن المشكلة كانت في كل مرة بتراجع صاحب المنزل بمجرد سماعه بكلمة "إيرانيين". ويتوزع الإيرانيون في السابق في مناطق المزة، للعمل والسكن، وفي تنظيم كفرسوسة للسكن فقط، وفي السيدة زينب؛ التي يسميها الحجاج “زينبية” للعمل العسكري والأمني، وللزيارات الدينية، والسكن. وقد اضطروا خلال الأشهر الأخيرة إلى البحث عن أماكن جديدة في دمشق لتمويه وجودهم، إلى جانب عدم تجمعهم بمكان واحد.