"الدفاتر الفنية" معرض يستعيد تجربة رافع الناصري في المنامة

المعرض يكشف عن براعة الفنان العراقي الراحل رافع الناصري في دمج الأدب بالفن البصري من خلال تقنيات متنوعة.
الأربعاء 2025/02/19
أعمال الناصري كتجربة بصرية وأدبية متكاملة

المنامة - يتواصل في متحف البحرين الوطني، معرض الفنان العراقي الراحل رافع الناصري الذي يحمل عنوان “الدفاتر الفنية”، مقدما لمحة من مختلف الزوايا عن تجربة واحد من رموز الفن التشكيلي العراقي.

وتمزج أعمال الفنان الراحل رافع الناصري بين الخط العربي، والشعر، والرؤى التجريدية، ولا يقتصر عمله على الجمع بين النص والصورة فحسب، بل يسعى أيضاً إلى الحفاظ على الثقافة وتسليط الضوء على دور الفن في توثيق التاريخ واستكشاف الهوية، خاصة في ظل القضايا الاجتماعية والسياسية التي تواجه العالم العربي.

ويكشف المعرض عن براعة الناصري في دمج الأدب بالفن البصري من خلال تقنيات متنوعة تشمل الطباعة اليدوية والألوان المائية مع استخدامه لمواد المختلفة، وتحتفي الدفاتر الفنية المصنوعة يدوياً بالتقاليد الفنية المتنوعة والإرث الثقافي الغني.

أعمال الفنان تمزج بين الخط العربي والشعر والرؤى التجريدية ولا يقتصر عمله على الجمع بين النص والصورة
أعمال الفنان تمزج بين الخط العربي والشعر والرؤى التجريدية ولا يقتصر عمله على الجمع بين النص والصورة

ويؤكد المعرض على القيمة الدائمة للدفاتر الفنية كوسيلة تعبير إبداعية، ويدعو الزوار إلى التفاعل مع أعمال الناصري كتجربة بصرية وأدبية متكاملة، تعكس كيف يمكن للفن أن يحفظ القصص الثقافية، ويخلق روابط تتجاوز حدود الزمان والمكان.

والفنان رافع الناصري من مواليد مدينة تكريت بالعراق عام 1940، بنى خبراته الفنية حول العالم فدرس في معهد الفنون الجميلة في بغداد، وفي الأكاديمية المركزية في الصين، وتعلم الحفر على النحاس في لشبونة بالبرتغال، كما أنشأ مُحترفاً خاصاً بالغرافيك في بغداد.

وكانت له خبرة أكاديمية كبيرة، حيث أسس فرع الغرافيك ودرّس في معهد الفنون الجميلة. عُيّن في جامعة اليرموك في الأردن، لينتقل بعدها إلى التدريس في جامعة البحرين من 1997 حتى 2003، عاد بعد ذلك إلى عمان ليقيم فيها حتى وفاته في العام 2013، وأقام الناصري عدداً كبيراً من المعارض الشخصية وشارك في العديد من المعارض العربية والعالمية، وله مؤلفات حول الفن المعاصر وتحظى أعماله بمكانة مرموقة بالمتاحف حول العالم.

ينتمي الناصري إلى قلة من الفنانين عبر العالم تؤمن بامتزاج الفنون وتأثيراتها المتبادلة وحاجة الفنان إلى ثقافة تتجاوز أدواته المباشرة وممارسته العملية، فكان نموذجا فريدا من نوعه للفنان ــ المثقف الذي لا تثنيه معاصرته، وهو الدؤوب على متابعة ما يجري من تحولات فنية في العالم، عن القيام بين حين وآخر بنزهة بين صفحات التراث الأدبي العربي، مستلهما من الشعر طاقة تصويرية تصل بالكلمات إلى ذروة نغمها، حتى وصل برسومه إلى مرحلة الموسيقى، كان يقرأ بشغف عين مولعة بالتقاط الصمت بين جملتين.

الرسام الذي درس الرسم بشكل أساسي في الصين (بعد أن أجرى دراساته الأولية في معهد الفنون الجميلة ببغداد) كان قد اهتدى بتأثير من التربية الفنية الصينية إلى الطبيعة، باعتبارها مختبرا لإلهامه الجمالي. والطبيعة هنا لا تنحصر في ما يُرى منها بالعين المباشرة، بل يتخطى ذلك إلى تجلياتها التي غالبا ما تتخذ طابعا إشراقيا، كما لو أن المرء يرى من خلال عينين حالمتين. هو شيء أشبه بالشعر.

Thumbnail

لقد وجد الناصري في سنوات دراسته الصينية ما بين عامي 1959 و1963، الطريق أمامه سالكة لتعلم التقنيات التي تقوم الطبيعة عن طريقها بإظهار جمالها، مجموعة من الحيل التقنية التي تقبض الأشكال الطبيعية من خلالها على نضارتها. وهكذا فقد تعلم أن ينظر بعينين شرقيتين إلى عالم، سيكون في ما بعد الوسادة التي يضع رأسه عليها كلما رغب في أن يمتلئ رأسه بأحلام جديدة.

كانت علاقة الناصري الإلهامية بالطبيعة هي ما دفع به إلى اعتماد طريقة تجريدية في النظر إلى العالم. وهو ما جعله ينتقل بيسر إلى تفحص جماليات الحرف العربي انطلاقا من ليونة شكلية، ستكون بمثابة المعبر الذي يصل ما بين الطابع الموسيقي الحركي الذي يتأنق من خلاله الحرف وبين الدلالات النفسية التي تنطوي عليها قوة المعاني في جمل قد لا تكتمل.

ويأتي هذا المعرض الجديد لرافع الناصري ضمن مهرجان ربيع الثقافة التاسع عشر بالبحرين، ويقام بالتعاون مع آرت كونسيبت غاليري، ويستمر في استقبال زواره حتى 16 مايو القادم بشكل يومي ما عدا أيام الثلاثاء.

13