الدعوة لمؤتمر وطني فلسطيني تحتاج إلى أكثر من إعلانات نوايا من أبومازن

مبادرة جديدة تمنح مصر وضعا سياسيا منظما بين فتح وحماس.
الاثنين 2025/04/07
ورقة سياسية يناور بها خصومه

القاهرة– أطلقت حركة فتح مبادرة جديدة من القاهرة تهدف إلى جمع الشمل الفلسطيني، لكن مراقبين يخشون أن تتحول إلى ورقة سياسية يناور بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) خصومه في حركتي فتح وحماس، مستغلا أجواء إقليمية قاتمة تجعل مصير القضية الفلسطينية غامضا.

وقالت مصادر عربية في القاهرة إن الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني فلسطيني جيدة، لكنها فارغة من المضمون السياسي العملي، وقد تكون مثل سابقتها التي أعلن عنها أبومازن أمام القمة العربية الطارئة التي عقدت بالقاهرة في الرابع من مارس الماضي بشأن قطاع غزة، حيث أصدر آنذاك عفوا عن المفصولين من حركة فتح، وقرر تعيين نائب له، وهو ما لم يجد طريقه إلى النور حتى الآن، فلا حدث عفو وعاد المفصولون إلى فتح وحصلوا على حقوقهم المادية والمعنوية، ولا تم تعيين نائب لرئيس السلطة.

وكشفت المصادر ذاتها لـ”العرب” أن هناك اتصالات جرت من بعض المفصولين مع قيادات كبيرة حالية في حركة فتح لتحويل قرار أبومازن إلى واقع، ولم يتم الحصول على إجابات مقنعة بهذا الشأن، وكانت النتيجة الواضحة للعيان أن هذا الملف في يد رئيس السلطة الوطنية وحده، ولم يتخذ إجراءات لتحويله إلى واقع.

أيمن الرقب: المصالحة الفتحاوية تحتاج إلى إجراءات حقيقية
أيمن الرقب: المصالحة الفتحاوية تحتاج إلى إجراءات حقيقية

وقال عضو تيار الإصلاح في حركة فتح أيمن الرقب لـ”العرب” إن المصالحة الفتحاوية التي أشار إليها أبومازن أمام القمة العربية لم تتخذ خطوات جدية، وتحتاج إلى إجراءات حقيقية، من خلال عقد مؤتمر خاص بالحركة يوقف الانقسام داخلها، ويمنح الكفاءات فرصة لتجديد دماء فتح، وهذا أمر لا يرتبط بأشخاص، وبحاجة إلى مراسيم عاجلة، تضفي مصداقية على قرارات أبومازن وتمنح ثقة بمبادرة المؤتمر الوطني.

ولذلك يمكن أن تلقى المبادرة التي جاءت على لسان أمين سر اللجنة المركزية للحركة جبريل الرجوب خلال زيارته إلى القاهرة، والخاصة بالمصالحة، مصير مبادرة أبومازن أمام القمة العربية مؤخرا، إذا لم تصطحب معها خطوات محددة من فتح، وكذلك حماس، وبقية الفصائل الفلسطينية.

وطالب الرجوب بضرورة أن تكون هناك مقاربة بين حماس وفتح لترتيب البيت الفلسطيني، ودعا مصر إلى استضافة مؤتمر وطني شامل من أجل ذلك، معتبرا أن وحدة الصف الفلسطيني هي الخط الأول لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والوصول إلى وحدة وطنية وشراكة من خلال صندوق الاقتراع لا من خلال السلاح.

وقام وفد من حركة فتح بزيارة إلى القاهرة، وترأس الوفد جبريل الرجوب، مع كل من روحي فتوح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، ومحمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، وقدّم أفكارا لبناء شراكة وطنية، ودعا جميع الفصائل إلى إجراء مراجعة لإنقاذ الشعب الفلسطيني، بعيدا عن أي تجاذبات أو أجندات.

وناقش الوفد الفتحاوي مع وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، السبت، التطورات الراهنة على الساحة الفلسطينية، ومراحل خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

ويشير مراقبون إلى أن دعوة حركة فتح إلى عقد مؤتمر وطني شامل تحظى بمباركة مصرية، وقد تعيد إلى القاهرة دورها الحيوي المنفرد والمنظم في القضية الفلسطينية التي تشتتت الجهود حولها عقب اندلاع الحرب في قطاع غزة وتبنّي إسرائيل خططا ممنهجة لتقويض المقاومة الفلسطينية ونزع سلاح حماس وإبعادها عن التحكم في إدارة القطاع، وما لم تظهر السلطة الوطنية رغبة في المصالحة وقدرة على تحقيقها فسوف تتمكن إسرائيل من استكمال سيناريو عزلها ونزع كل أوراقها.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن مصر تجد في ملف المصالحة الفلسطينية مساحة مرنة للتحرك بمفردها، بعد مزاحمة قطر لها في ملف الوساطة بين إسرائيل وحماس، خاصة أن القاهرة تملك باعا طويلا في المصالحة، وحققت تقدما كان سيخفق بسبب عدم وجود نية جادة لدى حركتي فتح وحماس لتطبيق ما جرى التوصل إليه من تفاهمات.

الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني فلسطيني جيدة، لكنها فارغة من المضمون السياسي العملي، وقد تكون مثل سابقتها

وتجيد مصر التعامل مع مثل هذه الأمور، ويمكن أن يوفر لها المؤتمر الوطني الفلسطيني قاعدة سياسية جيدة، إذا تحولت مبادرة فتح إلى عمل يتم البناء عليه، وإنهاء الفوضى واللغط على الساحة الفلسطينية، ما منح إسرائيل فرصة لتدشين ترتيبات تقلص دور السلطة الوطنية، وتفقد القاهرة ورقة في غالبية مبادراتها التي تستند فيها إلى وجود سلطة فلسطينية قوية وقادرة على التعامل مع التحديات الراهنة.

ويرى الرقب، وهو أحد المفصولين من حركة فتح، أنه من الضروري تجديد الشرعيات وليس المواقع، بما يتواءم مع المستجدات الإقليمية والتحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية بعد حرب إسرائيل على قطاع غزة، وتوظيفها في إعادة هندسة الأوضاع بما يتماشى مع أهدافها التي تتجاوز حماس وفتح وكل الفصائل، وما لم يتم جمع الشمل سريعا وعلى أساس وطني فسوف تنعدم السبل الرامية إلى المصالحة.

وأشار جبريل الرجوب في مبادرته إلى أن المقاربة الجديدة مع حماس تقوم على ثلاثة ملفات أساسية، أولها السياسي ويقضي بوجود إقرار مشترك بمرجعية قرارات الأمم المتحدة والمبادرة العربية للسلام التي تؤكد على إقامة دولة مستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وثاني الملفات يتعلق بـ”خيار المقاومة”، والجميع يعتبر الصدام عنصرا ثابتا مع الاحتلال، وفتح ترى أن المقاومة الشعبية الشاملة يجب أن تكون خيارا إستراتيجيا، وهي “أكثر جدوى في هذا العالم وفي هذه المرحلة.”

ويركز الملف الثالث على أهمية الإقرار بمبدأ وحدانية السلطة الفلسطينية، والسلاح الواحد والقانون الواحد، وأن تقر حماس بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية، وتقوم الحركة بإجراء مراجعة لسياستها، وحال التوصل إلى ذلك يمكن الذهاب إلى عقد مجلس وطني موحد، والتوصل إلى وحدة وطنية يشارك فيها الجميع.

1