الدعوات لزيادة الأجور تضاعف الضغوط على الحكومة الأردنية

حجم الأجور لا يتناسب مع مستويات المعيشة ونسب التضخم.
الأربعاء 2024/05/15
التضخم يلتهم سلة الأردنيين

في وقت تعاني فيه الحكومة الأردنية من أزمة مالية معقدة، تتعالى الدعوات للزيادة في الحد الأدنى للأجور والذي يعود آخر تعديل عليه لسنة 2021. وتقول الحكومة الأردنية إن الظروف غير مواتية الآن ما يزيد الاحتقان الاجتماعي.

عمّان - تزيد دعوات الزيادة في الحد الأدنى للأجور في الأردن الضغوط على الحكومة الأردنية المأزومة ماليا وتعيد المطالب باستقالتها إلى الواجهة.

وتقول منظمات أردنية إن على الحكومة إعادة النظر في قرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل بالإبقاء على الحد الأدنى للأجور عند 260 دينارا لعامي 2023 و2024.

وأضافت المنظمات أن الحد الدنى للأجور منخفض جدا، في الوقت الذي وصل فيه مستوى خط الفقر للأسرة المعيارية إلى ما يزيد عن 480 دينارا شهريا، ومستوى دخل الأسرة المعالة ما يقارب 400 دينار شهريا، فيما بلغت نسبة التضخم 2.08 في المئة سنة 2023.

وكانت اللجنة الثلاثية لشؤون العمل أبقت على الحد الأدنى للأجور عند 260 دينارا لعامي 2023 و2024، على أن تتم إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة بداية عام 2025 لإعادة احتسابه بحيث تتم زيادة الحد الأدنى للأجور والبالغ حالياً 260 دينارا، بإضافة نسب التضخم تراكميا للسنوات 2022 – 2024.

وأكدت الحكومة الأردنية عبر تصريحات متوالية أن الظروف غير مواتية لزيادة الحد الأدنى للأجور، موضحة أن اللجنة التي تضم ممثلين عن أصحاب العمل والعمال والجهات المختصة الرسمية لم تتوصل بعد إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن.

موسى الصبيحي: الزيادة في الحد الأدنى للأجور تعزز الحماية الاجتماعية
موسى الصبيحي: الزيادة في الحد الأدنى للأجور تعزز الحماية الاجتماعية

وأوضح المرصد العمالي في الأردن أن الحد الأدنى للأجور يعد أداة من الأدوات التي تستخدمها الحكومات لتنظيم سياسات الأجور لضمان مستويات أجور تكفل الحياة الكريمة للعاملين وأسرهم ومحاربة الفقر. إلى جانب أنه أداة لتدخل الحكومة لتحفيز الطلب المحلي على الاستهلاك باعتباره أحد محركات النمو الاقتصادي.

ويرى المرصد أن حصول العاملين والعاملات على أجور عادلة تكفي لتغطية الحد الأدنى من نفقاتهم ونفقات أسرهم من شأنه أن يكافح الفقر الذي يتسع يوما بعد آخر ووصل إلى 24 في المئة.

وأشار إلى أن عدم زيادة الحد الأدنى للأجور من شأنها أن تؤدي إلى استمرار أجور العاملين والعاملات في قطاعات واسعة في الأردن أقل من مستويات الفقر، وأن استمرار العمل بهذا النهج من شأنه أن يزيد الصعوبات على العاملين والعاملات في الأردن.

وقال المرصد إن السياسات الاقتصادية التي طبقتها وما تزال تطبقها الحكومة فاقمت التحديات التي يواجهها العمال في الأردن، وأضعفت من مشاركتهم الاقتصادية ما أثر سلبا على الاقتصاد الوطني.

وبيّن المرصد أن سوق العمل الأردني ما يزال يعاني اختلالات عديدة أدت إلى تراجع شروط العمل ومن ثم حرمان قطاعات واسعة من العمال من التمتع بحقوقهم والتغول عليها، سواء أكان من حيث الأجور المتدنية أم الحمايات الاجتماعية الضعيفة أم حتى عدم توفر فرص عمل.

ويوضح خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي أن الزيادة في الحد الأدنى للأجور تعزز الحماية الاجتماعية التي يوفرها الضمان الاجتماعي للطبقة العاملة من خلال تمكينها من الاشتراك في أجور متنامية عبر السنوات، وبالتالي الحصول مستقبلا على رواتب تقاعدية أفضل، مشيرا إلى أن نسبة لا يُستهان بها من العمال والموظفين الأردنيين يتقاضون الحد الأدنى للأجور وما دون الحد الأدنى منذ سنوات، ودون أيّ زيادة، ومن ضمنهم ما لا يقل عن 150 ألف عامل وموظف أردني.

الحد الدنى للأجور 260 دينارا، في حين وصل مستوى خط الفقر للأسرة المعيارية إلى ما يزيد عن 480 دينارا شهريا

ويرى مراقبون أن مشاكل الأردنيين ليست محصورة فقط في الزيادة في الأجور وإنما في أزمة اقتصادية مستفحلة ضربت جميع مرافق الحياة في ظل فشل الحكومات المتعاقبة في تخفيف أعباء الأزمة على المواطنين.

ويشير هؤلاء إلى أن مشاكل الأردن الاقتصادية والاجتماعية مشاكل هيكلية في ظل غياب رؤية تنموية شاملة.

وتعاني حكومة بشر الخصاونة من أزمة اقتصادية مركبة قوامها الفقر والبطالة وانخفاض في معدلات النمو ومعدلات التصدير وارتفاع الدين العام والعجز التجاري.

وتبدو خيارات الإصلاح الاقتصادي ضيقة أمام المملكة الهاشمية، ما دفعها إلى التوجه لصندوق النقد الدولي الذي وضع شروطا لا اجتماعية لمرافقة عمان في مساعيها الإصلاحية.

واشترط صندوق النقد الدولي 38 شرطًا ليساعد الأردن، من أبرزها رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات الأساسية وإعادة النظر في الضرائب والرسوم، حيث ركزت الشروط على زيادة إيرادات خزينة الدولة من الضرائب من خلال إعادة النظر في قانون ضريبة الدخل وتخفيض الشرائح المشمولة بالإعفاءات الضريبية والتقدم باتجاه فرض الضريبة التصاعدية، ورفع الأعباء التي تتحملها الحكومة في دعم أسعار السلع والخدمات الرئيسية كالمياه والكهرباء، حيث اشترط الصندوق رفع الدعم عنها بالكامل.

وأشرف برنامج صندوق النقد الدولي على برنامج في الأردن لتحفيز النمو خلال السنوات الثلاث الماضية ومع ذلك لم يتجاوز النمو حاجز 2.5 في المئة.

ويشير محللون إلى أن توصيات صندوق النقد الدولي الذي التزم بها الأردن مقابل حصوله على قرض لها تأثير سلبي على الاستقرار الاجتماعي في المملكة.

وتضع هذه التوصيات الحكومة الأردنية أمام خيارات صعبة فالاستجابة تزيد من تأزيم الوضع الاجتماعي المتشنج والرفض يعمق الأزمة الأكثر.

وواجه الاقتصاد الأردني ظروفا صعبة خلال العام الحالي بصورة أشد من التي عانى منها خلال العامين الماضيين لعدة أسباب، أهمها ارتفاع قيمة الفاتورة النفطية وأسعار الأغذية ومدخلات الإنتاج، وما نتج عن ذلك من زيادة للأعباء المعيشية وتفاقم التضخم والفقر.

ويؤكد اقتصاديون أن الوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي يتطلب خططا قصيرة وطويلة المدى تتجاوز الحكومات لمعالجة الأزمات واستعادة نسق النمو، وذلك يمرّ أساسا عبر تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية وتغيير التشريعات والقوانين لتسهيل التعافي.

2