الدعم السريع لا تزال تسيطر على المواقع الاستراتيجية في الخرطوم

تجدد الاشتباكات في العاصمة السودانية رغم دخول الهدنة السادسة حيز التنفيذ وسط تحذير أممي من بلوغ الوضع الانساني "نقطة اللاعودة".
الاثنين 2023/05/01
حميدتي يدير بنفسه المعركة السياسة والعسكرية من الميدان

الخرطوم - أعلنت قوات الدعم السريع أن قائدها الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي يدير المعركة السياسية والعسكرية من الميدان، مشيرة إلى أنها لا تزال تسيطر على أغلب المواقع الاستراتيجية الحساسة في الخرطوم، فيما تجدد إطلاق النار في مناطق من العاصمة السودانية في الساعات الأولى من دخول الهدنة السادسة حيز التنفيذ، وسط تحذيرات أممية من تردّي الأوضاع الإنسانية في البلاد جراء المعارك.

 وقال القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبدالرحيم حمدان دقلو في تصريحات إعلامية "مازلنا نسيطر على مواقعنا في القصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون ومطار الخرطوم".

وأضاف أن الجنرال حميدتي "يدير المعركة السياسية والعسكرية من الميدان"، وأن القوات تتلقى منه التعليمات.

وأكد أن قوات الدعم السريع تواصل التصدي لتعزيزات الجيش القادمة من الولايات، وأنها طلبت من نائب مدير قوات الشرطة عدم إدخالها طرفا في القتال لكنه لم يستجب، لذلك فإن الدعم السريع باتت تصنف الآن قوات الاحتياطي المركزي كقوة مقاتلة ومعادية.

واتهم القائد الثاني لقوات الدعم السريع عناصر النظام المعزول بالمسؤولية عن عمليات النهب التي تعرضت لها البنوك في الخرطوم.

وفاقت الخرطوم مجددا الإثنين على هدير الطيران الحربي والانفجارات رغم موافقة طرفي النزاع على تمديد إضافي للهدنة، في وقت حذّرت الأمم المتحدة من بلوغ الوضع الإنساني "نقطة اللاعودة" وأعلنت إرسال مبعوث الى المنطقة لمحاولة الوقوف على ظروف ملايين الأشخاص العالقين وسط القتال.

وأفاد شهود عيان في الخرطوم أن سكانها استيقظوا الإثنين على هدير "الطائرات المقاتلة"، في حين تحدث آخرون عن سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في مناطق مختلفة من العاصمة التي يناهز تعدادها خمسة ملايين نسمة.

وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل الأحد الإثنين (22:00 ليل الأحد ت غ).

الا أن الهدنة الأخيرة بقيت هشّة كغيرها من محاولات التهدئة التي تمّ التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 أبريل، والذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة.

ويرى الخبراء أن اتفاقات وقف النار تهدف خصوصا إلى ضمان أمن طرق إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية التي تقودها أطراف خارجية في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر.

جميع هدن وقف إطلاق النار تصطدم بخرقها من الجيش السوداني
جميع هدن وقف إطلاق النار تصطدم بخرقها من الجيش السوداني

ودقت الأمم المتحدة جرس الانذار من تحوّل الوضع إلى مأساة انسانية.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن "الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين"، مبديا "قلقه الكبير".

وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل "فورا الى المنطقة" رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث "في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان".

وأكد غريفيث أنه في طريقه الى المنطقة "لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية"، معتبرا أن "الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة" في بلاد كانت تعدّ من الأكثر فقرا في العالم حتى قبل تفجر النزاع الأخير.

وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الانسانية ومستودعاتها "استنزف غالبية مخزوناتنا".

وأدت المعارك الى مقتل ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.

ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، وذلك الى مدينة بورتسودان الواقعة على مسافة 850 كلم الى الشرق من الخرطوم.

وأوضحت اللجنة أن الشحنة "ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال"، الا أنها لن تكفي سوى لمعالجة "1500 جريح".

وأدت المعارك الى نزوح داخلي وخارجي. فبحسب تقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص الى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية إفريقيا الوسطى وغيرهم الى إثيوبيا وجنوب السودان. وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أبدت خشيتها من أن تدفع المعارك لفرار ما يصل الى 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان.

وتطال الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.

ويضطر سكان العاصمة غير القادرين على مغادرتها الى الاحتماء من إطلاق النار والقصف لكنهم يواجهون ظروفا تزداد صعوبة في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ المواد التموينية والمياه والوقود.

ومنحت السلطات المحلية في الخرطوم موظفي القطاع العام "إجازة حتى إشعار آخر"، بينما تؤكد الشرطة أن عناصرها ينتشرون للحؤول دون أعمال النهب.

وباتت غالبية المستشفيات خارج الخدمة، في حين تواجه تلك التي لا تزال تعمل وضعا "لا يمكن تحمّله" بسبب نقص التجهيزات، وفق ما قال مجذوب سعد إبراهيم، وهو طبيب في مدينة الدامر شمال الخرطوم.

وعلى مدى الأيام الماضية، أجلت العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازيا مع جهود دبلوماسية سعيا للحل.

ومن المقرر أن تعقد الجامعة العربية الإثنين اجتماعا على مستوى السفراء بناء على طلب مصر، للبحث في الأوضاع.

كما أعلنت منظمة التعاون الإسلامي عقد اجتماع "طارئ" للجنتها التنفيذية الأربعاء في جدة بطلب من السعودية.

وكان الأحد شهد اجتماع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بين فرحان مع موفد للبرهان، بينما تواصل الأخير هاتفيا مع نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.

ووفق مركز كارنيغي الشرق الأوسط للأبحاث "كلما تمكن دقلو من الحفاظ على مواقعه في الخرطوم، كلما أصبح تأثيره أكبر على طاولة المفاوضات".

وبحسب الأمم المتحدة، قتل زهاء 100 شخص منذ الإثنين الماضي في غرب دارفور حيث الوضع "خطير" وفق المنظمة الدولية.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن "القبائل تسعى للتسلح" في المنطقة.

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت الى "وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور" بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.