الدعم السريع تضيع على الجيش السوداني فرصة قصف مملكة كوش

قوات الدعم السريع تكشف عن مغادرة عناصرها المواقع الأثرية بمدينة مروي بعد التقاطهم صور تذكارية، وذلك تحسبا من استهدافها بالطيران الحربي.
الاثنين 2024/01/22
الدعم السريع تحمي المواقع االأثرية والتاريخية

الخرطوم – أكدت قوات الدعم السريع أن وجود قواتها في المواقع الأثرية المُدرجة ضمن التراث العالمي بشمال البلاد كان بغاية التقاط الصور التذكارية وأنها سحبت عناصرها من المكان تحسبا من قصفها من قبل الجيش السوداني، مشددة على أنها لن تسمح بالمساس بها.

وتأكيد قوات الدعم السريع يحمل إشارة إلى أنها ضيعت على الجيش السوداني فرصة قصف المواقع الأثرية بمدينة مروي المدرجة على قائمة التراث العالمي، والتي سبق أن حذرت منظمة حقوقية محليّة، من خطر تضرّر آثار مملكة كوش التي يزيد عمرها على 2300 سنة.

وطالما استهدف الجيش السوداني بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان مناطق سكنية ومواقع إستراتيجية بذريعة وجود قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق الأول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لكن الطرف الأخير استبق الطيران الحربي وسحب عناصره. 

وذكرت قوات الدعم السريع، في بيان أن منصات التواصل الاجتماعي تناولت صورا لأفراد من قوات الدعم السريع تم التقاطها في بعض المواقع الأثرية في شمال السودان، مشيرة إلى أنها تلقت رسائل من عدد من السودانيين المهتمين بالآثار، يحثونه فيها على سحب الأفراد من تلك المواقع، "حتى لا تقع فيها معارك، أو تقوم ميليشيا (قائد الجيش عبدالفتاح) البرهان وأعوانها من الفلول بقصفها بالطيران أو المدفعية".

وأوضح البيان أن "دخول أفراد من قوات الدعم السريع في الموقع الأثري، كما تبين لنا من تحقيق أجريناه، كان لالتقاط صور لتأكيد وصولهم إلى ولاية نهر النيل، وليس البقاء أو المكوث به أو بالقرب منه، وتأكيدا لذلك، فقد خرج الأفراد الذين التقطوا صورا بتلك المواقع منها فورا وغادروها إلى مناطق أخرى".

وأكدت قوات الدعم السريع، اهتمامها بالمواقع الأثرية والتاريخية في السودان لمعرفتها بأهميتها للسودانيين والأفارقة والعالم بأسره، مشددة على أنها لن تسمح لأي شخص المساس أو الإضرار بها.

وتابع البيان" فقد سبق أن تداول بعضُ الناسِ في منصات التواصل الاجتماعي إشاعات بقيام قوات الدعم السريع بتخريب متحف السودان القومي، وتبين لاحقاً أن الحقيقة كانت هي أن قوات الدعم السريع لم تَقمْ بذلك، وإنما وفرت الحماية للمتحف القومي".

وفي 2011، أدرجت اليونسكو جزيرة مروي على قائمتها للتراث العالمي.

وبحسب اليونسكو، فإن المواقع الأثرية في جزيرة مروي هي "عبارة عن مناطق شبه صحراوية بين نهر النيل ونهر عطبرة، معقل مملكة كوش التي كانت قوة عظمى بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد، وتتألف من الحاضرة الملكية للملوك الكوشيين في مروي، بالقرب من نهر النيل، وبالقرب من المواقع الدينية في النقعة والمصورات الصفراء".

ورغم انسحاب قوات الدعم السريع من تلك المواقع الأثرية، إلا أن جبهات أخرى اندلع فيها القتال مع الجيش السوداني، أبرزها ولاية الجزيرة وسط السودان.

وتسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة منذ 18 ديسمبر الماضي، بعد انسحاب مفاجئ للجيش السوداني من دفاعاته بمدينة ود مدني، ومنذ ذلك الوقت ظل الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة يقصف مواقع عديدة في المنطقة عن طريق البراميل المتفجرة ما أوقع عدداً كبيراً من الضحايا في صفوف المدنيين.

 وقالت لجان مقاومة مدني في بيان إن "إستمرار شن الهجمات الجوية على المناطق الحيوية بمدني يؤكد أن حياة المواطن لا تعني شيئا للجيش وأنه لا يتردد في قصف المناطق الحيوية والسكنية بحجة انها تحتوي على إرتكازات لقوات الدعم السريع في حين أنه لا توجد أي مظاهر عسكرية تتبع الدعم السريع في تلك المناطق".

وأوضح البيان بأن القصف الجوي طال عدد من الأحياء بمدينة ود مدني من بينها حي "القلعة".

وأجبر انتقال الصراع إلى ولاية الجزيرة وسيطرة قوات الدعم السريع عليها آلاف المدنيين على الفرار بمن فيهم سكان ولاية الخرطوم الذين كانت تستضيفهم قرى ومدن الجزيرة منذ الأيام الأولى للحرب.

وتشهد مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، أيضا قتالا عنيفا، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. وأفاد شهود عيان بأن مدفعية الجيش الثقيلة، قصفت مواقع لقوات الدعم السريع، شملت المدينة الرياضية جنوب الخرطوم، بالإضافة إلى مواقع في شرق النيل والخرطوم بحري.

وقصفت الطائرات المسيرة أهدافا عديدة بمنطقة الجيلي شمال الخرطوم، وبث ناشطون مقاطع فيديو تشير إلى تصاعد كبير لأعمدة الدخان جراء استهداف مصفاة الجيلي لتكرير النفط، ما أدى إلى تخريب وحدات المصفاة الداخلية لأول مرة ما ينذر بأزمة طاحنة في المحروقات.

وتعرضت المصفاة الرئيسية في السودان، لاستهداف متكرر ما أدى إلى تدمير أجزاء واسعة من مستودعات النفط، فيما يتبادل طرفا النزاع الاتهامات باستمرار استهداف المنشآت النفطية.

وقال متطوعون من شمبات بمدينة بحري الخاضعة كليا لسيطرة قوات الدعم السريع، إن المنطقة تعرضت لقصف مدفعي عنيف ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل إثر سقوط قذيفة في موقع يقدم وجبات للمتأثرين من النزاع العسكري في المنطقة.

وأعلنت السلطات المحلية في ولاية نهر النيل شمال البلاد، أنّ معارك اندلعت إثر محاولات تسلل عبر منطقة النقعة والمصوّرات، لكنها عادت للهدوء مجددا.

وقال مسؤول طبي لم يشأ كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية الأحد "قتل عشرة من المدنيين على أثر انفجار لغم ومنذ منتصف أبريل الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلَّفت أكثر من 13 آلاف قتيل، ونحو 26 ألف مصاب، وفق بيان للأمم المتحدة.

وما زالت الحرب مستمرة بين الطرفين السودانيين، دون أن تفلح جهود سعودية أمريكية وأخرى أفريقية بقيادة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" في وضع حد للنزاع الذي خلف أوضاعا إنسانية صعبة بعد امتداده إلى 9 ولايات من أصل 18.