الدعم السريع تشكك في التزام جناح الإخوان في الجيش باتفاق جدة

المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يؤكد أن جناح الإخوان يجرّ الجيش السوداني إلى حرب طويلة ويعملون حاليا على التعبئة لذلك.
الاثنين 2023/05/22
قوات حميدتي تريد استئناف المفاوضات السياسية والعودة إلى الديمقراطية

الخرطوم – اعتبر يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن اتفاق وقف إطلاق النار مع الجيش الذي تم التوصل اليه في مدينة جدة السعودية مساء السبت بأنه خطوة جيدة وايجابية واختراق مهم للمفاوضات، لكنه شكك في التزام جناح الإخوان داخل القوات المسلحة به مشيرا إلى أن تلك الأطراف هي من تجر إلى حرب طويلة الأمد.

وقال عزت في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية الأحد "نتوجه بالشكر إلى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة على الجهد المبذول والإسهام الفعال لإنجاح المفاوضات والوصول لهذه الخطوة المتقدمة".

غير أنه أضاف بأن التوقيع سهل لكن المهم الالتزام بالهدنة ووقف إطلاق النار لأنه هو التحدي "حيث شهدنا إعلان عدد من الهدنات ولم تؤد إلى إيقاف الحرب".

وتابع "هنالك أطراف محركة للجيش تعلن في كل مرة أنها ترفض وقف إطلاق النار وتسعى إلى الحسم العسكري".

وأوضح "هؤلاء نعرف انتماءهم السياسي ومعروفة طرقهم لبلوغ السلطة عبر العنف، ويرون مصلحتهم في جرّ الجيش إلى حرب طويلة، ويعملون حاليا على التعبئة لحرب طويلة. وما نتوقعه هو أن عناصرهم داخل الجيش ستعمل على خرق هذه الهدنة التي تم التوصل اليها في جدة ".

ويشير عزت بذلك إلى ضباط كبار من الإخوان في الجيش ما انفكوا يضغطون على قائده الفريق الأول عبدالفتاح البرهان لإشعال هذه الحرب، وقد سبق أن أكدت ذلك قوات الدعم السريع وسياسيون سودانيون من بينهم القيادي البارز في قوى الحرية والتغيير طه عثمان الذي أفاد بأن هؤلاء قاموا بانقلاب بعد ست ساعات من اجتماع البرهان وحميدتي والرباعية واتفاقهما على خفض التوتر في الخامس عشر من أبريل الماضي.

وكانت قوات الدعم السريع قد اتهمت أكثر من مرة الجناح الإخواني في الجيش بتأجيج القتال مؤكدة أن لا نية لأولئك لإنهائه لأنهم يريدون حرق الوطن من أجل السلطة والعودة للحكم.

واعتبر مستشار حميدتي السياسي أن "الأمر الجديد في المفاوضات هذه المرة هو الدعوة إلى ضرورة تشكيل لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار، وقد تم إقرار تشكيل اللجنة في الاتفاق الأخير في جدة، وبالتالي تستطيع اللجنة تحديد الطرف الذي يقوم بخرق وقف إطلاق النار".

وكشف عزت عن أن الدوحة أرادت منذ بداية الاشتباكات في الخامس عشر من أبريل الماضي أن تلعب دور الوسيط بين قوات الدعم السريع والجيش.

وقال إن "دولة قطر قد أجرت معه اتصالا مبكرا ومنذ اندلاع الحرب في السودان للقيام بدور للوساطة لإنهاء الحرب منذ اليوم الأول.. نحن نقدر لقطر اهتمامها بالسودان وقضاياه".

وحول حادث الاعتداء على السفارة القطرية في الخرطوم، قال عزت "نستنكر بشدة ما تعرضت له سفارة دولة قطر من هجوم من قوة مسلحة. وهذا أمر تكرر للأسف وطال عددا من السفارات وقد أعلنا ومنذ اليوم الثاني للحرب استعدادنا لكل البعثات الدبلوماسية على توفير الحماية لها بموافقتها ورغبتها. وأكرر أسفنا لما حدث لسفارة قطر ".

وأشار عزت إلى أن قوات الدعم السريع ليست لديها أي مصلحة في الهجوم على أي سفارة " لكن هناك جهات تعمل للإساءة إلى علاقات الدعم السريع مع البعثات الدبلوماسية وترمي لقطع علاقاتنا مع الأسرة الدولية لكننا نجد التفهم من البعثات والدول".

وأكد أن قيادة الدعم السريع سوف تبحث عن الجهة التي وقفت وراء هذا الاعتداء "وإذا ثبت أن هناك قوة من الدعم السريع وراء هذا الاعتداء سوف نعلن عن ذلك وسوف نخضعها للمحاسبة" .

وقال عزت "إننا نقدر الدور الكبير والمهم الذي ظلت تقوم به دولة قطر لمساعدة الشعب السوداني وما قدمته من اسهام سابق ومقدر في دارفور ومساعدات للشعب السوداني ودعمها لجهود السلام في دارفور".

وأشاد عزت بالبيان الصادر عن حكومة دولة قطر ووصفه بالبيان "العقلاني" وعدم توجيهه الاتهام لطرف معين ذلك أن الخرطوم قد شهدت الكثير من حالات الاعتداء على البعثات الدبلوماسية.

وحول زيارته المعلنة إلى جنوب السودان وأوغندا قال إنها جاءت ضمن جولة خارجية قام بها وشملت عددا من الدول حمل خلالها رسائل من قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى رؤساء تلك الدول.

وأشار عزت إلى أن الجولة غير المعلنة قد بدأت مباشرة عقب اندلاع الحرب وبدأت بجدة ثم إلى مصر ثم إلى المغرب وعدة دول من غرب أفريقيا على رأسها توجو .

وكانت دولة جنوب السودان ثم أوغندا المحطة الأخيرة في هذه الجولة .

وأوضح "شرحنا للقادة في تلك الدول توجهنا الثابت بضرورة صناعة سلام عادل ومستدام في السودان يفتح الطريق أمام الشعب السوداني ويضمن مستقبل ديمقراطي يقوم على التعايش السلمي ويعالج كل الجذور المفضية إلى التوتر والحرب ".

وحول وقف الحرب الحالية في السودان، قال عزت إن الدعم السريع لم يكن الطرف المبادر بالحرب " لقد تعرض الدعم لهجوم مسلح غادر وخاطف على مقراته ومعسكراته وقياداته ومنازل قياداته بالطائرات وعلى الأرض في وقت متزامن . وجاء تصرفنا كردة فعل ودفاع عن النفس من الهجوم.

وأكد عزت أن قوات الدعم السريع "قد سيطرت على جزء كبير من قيادة الجيش، والقصر الجمهوري، والإذاعة والتلفزيون، والجسور المؤدية إلى المدن الثلاث في العاصمة السودانية، ومن ثم توسعت المواجهة بين الجيش والدعم السريع. وتشكل واقع جديد وجد الدم نفسه فيه مسيطرا على الخرطوم."

وشدد خلال المقابلة على قوات الدعم السريع متمسكة "بضرورة التوصل إلى سلام ينهي الحرب، والتأسيس لوضع حد للحروب في كل أنحاء السودان التي خلفت الدمار الكبير الذي تعيشه الخرطوم الآن".

وأضاف هدف قائد الدعم السريع المعلن هو وقف الحرب والعودة للمسار السياسي الديمقراطي المدني وقيام دولة القانون وأن يكون في ذلك حل نهائي لأزمة الحكم في السودان وبناء دولة جديدة تقوم على مبادئ العدالة والسلام واجتثاث مسببات الحروب ونحن مع ذلك".

وبعد ساعات على تعهّد الطرفين المتنازعين على السلطة في السودان وقف إطلاق النار لمدة أسبوع اعتبارا من مساء اليوم الاثنين، أكد أحد سكان العاصمة الخرطوم الأحد أنه سمع "غارات جوية" عنيفة في شكل متزايد، موضحا أنها "هزت جدران المنازل".

وفي جنوب الخرطوم، تحدث شاهد عيان عن "تجدد الاشتباكات في منطقة الصحافة".

وكانت الولايات المتحدة والسعوديّة قد أعلنتا مساء السبت في بيان مشترك أنّ ممثّلي الجيش السوداني وقوّات الدعم السريع وافقوا على وقف لإطلاق النار مدّته أسبوع يبدأ الاثنين. وأنه "يُمكن تمديده بموافقة الطرفَين".

وهذا الاتّفاق ليس الأوّل منذ بدء الحرب، إذ اتّفق الطرفان على ما يقرب من 12 هدنة خَرَقاها كلّها بعد دقائق على دخولها حيّز التنفيذ.

وكان البيان الأميركي السعودي المشترك أكّد أنّه "خلافا لوقف إطلاق النار السابق، تمّ التوقيع من قِبَل الطرفين على الاتّفاقيّة التي تمّ التوصّل إليها في جدّة، وستدعمُها آليّة لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة دوليًّا" من المملكة السعودية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

وخلّفت الحرب الدائرة خسائر فادحة في البنية التحتيّة، إذ خرج معظم المستشفيات عن الخدمة، سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور غربيّ البلاد حيث يشتدّ القتال أيضا.

كما أجبِر الذين لم يتمكّنوا من الفرار من سكّان العاصمة البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة تقريبا على ملازمة منازلهم بلا ماء أو كهرباء.

وتطالب الطواقم الإنسانية منذ أسابيع بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية والوقود والمواد الغذائية في محاولة لتوفير بعض الخدمات التي تشهد تدهورا منذ عقود.

وبعد صلاة التبشير الملائكي الأحد في الفاتيكان، قال البابا فرنسيس "من المحزن أنه بعد شهر على اندلاع العنف في السودان، لا يزال الوضع خطيرا".

وأضاف مخاطبا طرفَي النزاع "دعونا من فضلكم لا نعتد على الصراعات والعنف والحرب".

وتحذّر الأمم المتحدة من وضع إنساني سريع التدهور في ثالث أكبر بلد أفريقي مساحةً، علما بأن ثلث السكان كانوا يعتمدون على المساعدات حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة.

ورفعت الأمم المتحدة قيمة الأموال التي تحتاج إليها لمساعدة السودان، مؤكدة أنها تسعى إلى جمع 2.6 مليار يورو.

ويُتوقّع أن يلقي المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتيس كلمة أمام مجلس الأمن الدولي الاثنين.

وكان مارتن غريفيث أعلن الجمعة تخصيص 22 مليون دولار من صندوق طوارئ تابع للأمم المتحدة لمساعدة السودانيين الذي فروا إلى البلدان التي لها حدود مع السودان.

وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة مساعدة قيمتها 103 ملايين دولار للسودان ودول الجوار لمواجهة الأزمة الإنسانيّة.