الدعم السريع تسيطر على مقر الاحتياطي المركزي مع احتدام القتال

الضربات الجوية والقصف المدفعي يهزان الخرطوم وبحري وأم درمان فيما تناشد تشاد المجتمع الدولي مساعدتها أمام تدفق اللاجئين.
الأحد 2023/06/25
قتال مستعر وسط انسداد أفق الحل

الخرطوم – يدخل الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اليوم الأحد يوما جديدا من التصعيد والاقتتال وسط تحذيرات عالمية بأن تشهد البلاد أزمات إنسانية كبيرة، فيما تتواصل معاناة ملايين المدنيين في الخرطوم وإقليم دارفور من جرّاء الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث فشلت الجهود الدبلوماسية في إيجاد مخرج حتى الآن.

وفي آخر التطورات الميدانية، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الاحتياطي المركزي بالعاصمة الخرطوم، وفق مقطع فيديو نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك وتويتر.

وأظهر مقطع الفيديو مشاهد لقوات الدعم السريع داخل رئاسة قوات الاحتياطي المركزي في الخرطوم، حاملين بنادق آلية، ويتجولون بجوار عربات نقل عسكرية، وسط دويّ متقطع لأصوات الرصاص.

وأفادت تقارير صحافية سودانية بأن قوات الدّعم السريع تسعى منذ أكثر من شهر للسيطرة على مقر قيادة قوات الاحتياطي المركزي جنوب الخرطوم وشنت عليه هجمات عديدة.

وقال شهود إن العاصمة السودانية الخرطوم شهدت اليوم الأحد تصاعدا في مع دخول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الحادي عشر، وهو ما تسبب في نزوح 2.5 مليون شخص وإحداث أزمة إنسانية.

وأشار الشهود أيضا إلى زيادة حادة في أعمال العنف في الأيام الأخيرة في نيالا، أكبر مدن إقليم دارفور غرب البلاد. ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر السبت فيما يتعلق بالاستهداف العرقي وقتل أفراد من جماعة المساليت في الجنينة بولاية غرب دارفور.

والعاصمة السودانية ومدينة الجنينة الأكثر تضررا من الصراع الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع، غير أن التوتر والاشتباكات تصاعدا الأسبوع الماضي في أجزاء أخرى من دارفور وفي كردفان جنوب البلاد.

وزادت الأعمال القتالية منذ أن انتهك طرفا الصراع سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار التي جرى الاتفاق عليها في جدة بعد محادثات قادتها الولايات المتحدة والسعودية. وتأجلت المحادثات الأسبوع الماضي.

وقال سكان في الخرطوم وبحري وأم درمان، وهي المدن الثلاث التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، إن قتالا عنيفا اندلع الليلة الماضية واستمر حتى صباح اليوم الأحد.

ويستخدم الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان الضربات الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة لطرد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، من أحياء الخرطوم.

وقال محمد السماني (47 عاما) لرويترز عبر الهاتف "نعاني من ضربات جوية وقصف مدفعي وإطلاق نيران مضادة للطائرات من جانب قوات الدعم السريع منذ الصباح الباكر في شمال أم درمان... أين محادثات جدة، لماذا تركنا العالم نموت وحدنا في الحرب الدائرة بين البرهان وحميدتي؟."

وأفاد شهود بتدهور ملحوظ في الوضع الأمني في مدينة نيالا خلال الأيام القليلة الماضية، مع اندلاع اشتباكات عنيفة في بعض الأحياء السكنية.

كما اندلع قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الأسبوع الماضي في محيط مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تقول الأمم المتحدة إنه يتعذر على العاملين في مجال الإغاثة الوصول إليها.

وفي مدينة الجنينة التي شهدت انقطاعا كاملا تقريبا في شبكات الاتصالات وإمدادات المساعدات في الأسابيع الأخيرة، أدت هجمات ميليشيات عربية وقوات الدعم السريع إلى فرار عشرات الآلاف عبر الحدود إلى تشاد.

ودعت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني السبت لإنشاء ممر آمن للفارين من الجنينة ومساعدة عمال الإغاثة في الوصول إليها بعد ورود تقارير عن عمليات إعدام لأشخاص دون محاكمتهم محاكمة نزيهة بين المدينة والمناطق الحدودية و"استمرار انتشار خطاب الكراهية"، بما في ذلك دعوات لقتل المساليت أو طردهم.

وعلقت واشنطن، هذا الأسبوع، جهود الوساطة التي كانت تقوم بها مع الرياض، وكانت ترمي لتوفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية.

وأكدت مجموعة الأزمات الدولية أن "طرفي النزاع يريدان الاستفادة من هذه المحادثات لتحقيق أهداف تكتيكية، فالجيش يطالب بمغادرة قوات الدعم السريع للمناطق الآهلة بالسكان وقوات الدعم السريع تطالب بوقف القصف الجوي من قبل الجيش".

ولا يبدو أن أياً من الطرفين على استعداد لتقديم أي تنازل على رغم إدراكهما أن الحرب ستطول ويمكن أن تمتد خارج حدود السودان.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو مليوني شخص من بين أولئك الذين شردهم الصراع في السودان نزحوا داخليا، وفر ما يقرب من 600 ألف إلى البلدان المجاورة.

وطلبت تشاد التي تشهد تدفق عشرات آلاف اللاجئين الفارين من الحرب في السودان، السبت، "مساعدات ضخمة" من المجتمع الدولي، متهمة إياه بـ"تركها شبه وحيدة" في مواجهة أزمة إنسانية "غير مسبوقة".

وقال رئيس الوزراء صالح كيبزابو أمام دبلوماسيين وممثلي منظمات دولية إن "تعبئة المجتمع الدولي... لا تصل إلى مستوى التعبئة الملحوظة في أماكن أخرى، مما يترك تشاد شبه وحيدة في مواجهة استقبال اللاجئين، مع استنفاد مواردها الخاصة إلى أقصى حد".

وفي أوائل يونيو، أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أن أكثر من 100 ألف سوداني، معظمهم من النساء والأطفال من دارفور، عبروا الحدود إلى شرق تشاد في شهر ونصف الشهر من الصراع.

وأتى هؤلاء ليضافوا إلى أكثر من 680 ألف لاجئ موجودين في هذا البلد شبه الصحراوي في وسط أفريقيا، 60 في المئة منهم سودانيون. وأعربت الوكالة الأممية بعد ذلك عن أسفها لأن احتياجاتها لتمويل مساعداتها لم يغطها المجتمع الدولي إلا بنسبة 16 في المئة.

وقال كيبزابو في خطاب إن "تشاد تسعى إلى الحصول على دعم ومساعدة تقنية ومالية ضخمة من الدول والمنظمات، وعلى مؤتمر دولي لحشد الأموال" لمساعدتها على التعامل مع "أزمة هجرة غير مسبوقة".

وإضافة إلى عشرات الآلاف من اللاجئين من الكاميرون في الغرب، ومن جمهورية أفريقيا الوسطى في الجنوب، وأكثر من 409 آلاف سوداني موجودين في الشرق منذ النزاع العسكري في عام 2000 وفي عام 2010 في دارفور، يتدفق لاجئون جدد منذ بداية الحرب في 15 أبريل بين القائدين العسكريين اللذين يتنافسان على السلطة في الخرطوم.

ويبلغ طول الحدود بين تشاد والسودان أكثر من 1300 كيلومتر.

وقال رئيس الحكومة إن اللاجئين "استفادوا من تضامن السكان المضيفين الذين استقبلوهم وتقاسموا معهم مواردهم الضئيلة، لكن تشاد تتعرض بشكل متزايد لأزمات داخلية مرتبطة بندرة مواردها" في بلد يعاني "اقتصاداً هشاً بالفعل". وأضاف أمام ممثلي المجتمع الدولي "من دون اهتمامكم وتضامنكم وحماسكم الصادق، لن تتمكن تشاد من تحمل عبء هذه الأزمة وحدها".