الدعم السريع تسقط طائرة للجيش في دارفور وتعتزم نقل المعارك للشمال

دارفور (السودان) - أعلنت قوات الدعم السريع اليوم الخميس عن إسقاط طائرة تابعة للجيش السوداني من طراز "أنتونوف" ومقتل جميع أفراد طاقمها في شمال دارفور.
ويأتي هذا الإعلان بعد تصريحات نائب قائد قوات الدعم السريع، عبدالرحيم دقلو، التي أكد فيها أن المعركة القادمة ستكون في شمال البلاد، مما يشير إلى توسع محتمل لنطاق الصراع.
وخلال فترة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع والممتدة منذ منتصف أبريل 2023، استهدف الطيران الحربي الكثير من مواقع سيطرة الدعم السريع وهو ما أعطى الجيش ميزة في المعارك، بينما ردت الدعم السريع بإسقاط العديد من طائرات الجيش.
وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في بيان اليوم الخميس، إن الدفاع الجوي بالدعم السريع تمكن صباح اليوم الخميس من تنفيذ "عملية نوعية" أسفرت عن إسقاط طائرة (أنتونوف) "تتبع لجيش الحركة الإسلامية الإرهابي" كانت تقوم بإلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين العزل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور ومدن أخرى في البلاد.
وأضاف "إن إسقاط طائرة جيش الحركة الإسلامية ومقتل وتفحم جميع أفراد طاقمها يعكس قوة وصلابة أشاوس قواتنا الأبطال وقدرتهم على حماية وتأمين المدنيين من بطش وعدوان دواعش الحركة الإسلامية ويؤكد عزم قواتنا على المضي قدماً لحسم هذه المعركة لمصلحة شعبنا العظيم".
وأشار البيان إلى أن الطيران ظل يشن هجمات جوية انتقائية عنصرية باستخدام البراميل المتفجرة والكيميائية على القرى والأحياء السكنية والمدنيين العزل حيث راح ضحية هجماته المتكررة آلاف المدنيين الأبرياء في عدد من المدن آخرها مجزرة (شنقل طوباي) التي قتل فيها أكثر من 400 مدني وقبلها مجزرة (طرة) وعدد من المجازر في الكومة وكبكابية ومليط وكردفان، والجزيرة، وأم درمان، والخرطوم.
وأكد الناطق باسم الدعم السريع أن الدفاع الجوي بقوات الدعم السريع في أتم اليقظة والجاهزية للتعامل مع أي عدوان جوي يهدد حياة المدنيين.
وقال إن قواتهم في جميع الجبهات مصممون على مواصلة القتال "لاقتلاع عصابة الحركة الإسلامية من جذورها وبناء السودان على أسس جديدة عادلة ترفع الظلم والتهميش عن جميع الشعوب السودانية"، حسب البيان.
ونشرت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا يظهر حطام الطائرة. ولم يتسن الحصول على تعليق بعد من مسؤولين في الجيش السوداني.
وأكدت وسائل إعلام محلية من بينها "تاق برس" أن عملية إسقاط الطائرة التابعة للجيش أسفر عن مقتل طاقمها المتكون من العقيد طيار معتز والنقيب محمد كمال والنقيب ملاح سيف.
وأعلنت قوات الدعم السريع في السابق إسقاط طائرات يستخدمها الجيش، بما في ذلك طائرة نقل سقطت في شمال دارفور في أكتوبر.
وقال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الأحد إن حربه ضد الجيش لم تنته وإن قواته ستعود إلى الخرطوم على الرغم من طردها إلى حد كبير من العاصمة.
وطُردت القوات شبه العسكرية، ومعقلها في دارفور، من معظم أنحاء الخرطوم الشهر الماضي، بعد أن احتلتها في بداية حربها مع الجيش قبل نحو عامين.
وبينما توشك الحرب في السودان على دخول عامها الثالث، قال عبدالرحيم دقلو، (شقيق حميدتي) خلال مخاطبته حفل تخريج 50 ألف جندي في إحدى المناطق بإقليم دارفور إن المعركة المقبلة ستكون في شمال البلاد.
وظهر دقلو، الأربعاء، في مقطع فيديو قصير، وهو يخاطب مناصريه، قائلا "إن قرابة 2000 عربة قتالية خرجت من الصحراء في طريقها حالياً للسيطرة على الولاية الشمالية".
وأفادت تقارير إعلامية بأن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، نفذ الثلاثاء الماضي غارات جوية استهدفت تجمعات لقوات الدعم السريع في منطقة الراهب، الواقعة غرب محلية الدبة بالولاية الشمالية.
ويأتي إعلان نائب قائد الدعم السريع، نقل المعارك إلى شمال البلاد، رداً على التصعيد الأخير في التصريحات التي درج قادة الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، على إطلاقها بمواصلة الحرب "حتى النهاية".
وذكر عبدالرحيم دقلو "أن لدى قوات الدعم السريع مخزون من مليون جندي على استعداد للقتال حتى النهاية"، مضيفا "كنا على خطأ ولم نكن نعرف أين مسرح المعركة، لكن الآن عرفنا ذلك".
تابع قائلا "المعركة في الولاية الشمالية ونهر النيل"، وهما ولايتان في شمال البلاد، يسيطر عليهما الجيش السوداني، وظلتا خارج نطاق القتال.
ووصل عبدالرحيم دقلو، في الأيام الماضية إلى إقليم دارفور غرب البلاد، بعد أسابيع قضاها في العاصمة الكينية نيروبي للتشاور مع القوى المسلحة والسياسية التي وقعت على "الميثاق التأسيسي" لتشكيل حكومة موازية في البلاد، في مقابل "سلطة الأمر الواقع" في مدينة بورتسودان، برئاسة، قائد الجيش، الجنرال عبدالفتاح البرهان.
ووصلت خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية إلى الولاية الشمالية، لتأمين المنطقة من هجمات قد تشنها قوات الدعم السريع التي كانت قد هددت في وقت سابق بنقل الحرب إلى جميع أنحاء البلاد.
ونفت السلطات المحلية في شمال البلاد، ما يتداول من أنباء عن تحركات لقوات الدعم السريع في الصحراء الشمالية، مؤكدة أن القوات المسلحة والقوات المساندة في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي تهديد".
وكان آخر ظهور لعبدالرحيم دقلو، وهو يدير المعارك ضد القوات المشتركة للفصائل الدارفورية الداعمة للجيش في محور الصحراء شمال إقليم دارفور.
والأسبوع الماضي سيطرت قوات الدعم السريع على محلية المالحة، وهي منطقة حدودية مهمة تهدد ولايات شمال البلاد، كما تمثل نقطة إمدادات رئيسية بالجنود والعتاد العسكري للقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المتحالفة مع الجيش السوداني، التي تحاول فك الحصار عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الخميس إنه "روّع" بالتقارير عن عمليات إعدام نفّذت خارج نطاق القضاء بحق مدنيين في الخرطوم بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على العاصمة في نهاية مارس ما يكشف صحة التقارير التي تشير لعمليات انتقام واسعة النقاط من قبل قوات البرهان.
وأورد تورك في بيان "لقد روّعت بالتقارير الموثوقة عن عمليات إعدام نفّذت خارج نطاق القضاء بحق مدنيين في أحياء في الخرطوم للاشتباه في تعاونهم مع قوات الدعم السريع".
وأعلن الجيش الأسبوع الماضي استعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم بعد أسابيع من القتال، فيما قال دقلو إن قواته "أعادت تموضعها" فقط.
وقالت لجان المقاومة السودانية، المكونة من نشطاء، الأربعاء مقتل 85 شخصا على الأقل في أسبوع واحد خلال القتال.
ودعا فولكر تورك "قادة الجيش السوداني إلى اتخاذ تدابير فورية لوضع حد للحرمان التعسفي من الحياة".
وقال إن مفوضية حقوق الإنسان راجعت "مقاطع فيديو مروعة" على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 26 مارس تظهر على ما يبدو رجالا مسلحين "يعدمون مدنيين بدم بارد" في جنوب الخرطوم وشرقها.
وأضاف في البيان "في بعض مقاطع الفيديو، يقول الجناة إنهم يعاقبون أنصار قوات الدعم السريع".
واندلعت الحرب بسبب صراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل انتقال مخطط له إلى الحكم المدني.
وتسبب القتال في تدمير مناطق كثيرة من الخرطوم وتشريد أكثر من 12 مليون سوداني من ديارهم، وترك حوالي نصف السكان وعددهم نحو 50 مليون نسمة يعانون من جوع حاد.
ومن الصعب تقدير إجمالي الوفيات، لكن دراسة نُشرت العام الماضي ذكرت أن عدد القتلى ربما وصل إلى 61 ألفا في ولاية الخرطوم وحدها في الأشهر الأربعة عشر الأولى من الصراع.