"الدروس الخصوصية" مساند الطلبة والأولياء في المغرب

تنقسم الأسر المغربية بين رافض لدروس الدعم والتقوية وبين مؤيد لها، ورغم ذلك يتزايد إقبال الأسر عليها نظرا إلى ضعف مستوى الطلاب في المواد العلمية من جهة وضيق الحيز الزمني المخصص لتدريس بعض المناهج والمقررات من جهة أخرى. ويعد اختلاف طريقة الشرح والتلقين بين أستاذ حصص الدعم وأستاذ حصص الفصل الرئيسي من أبرز الإشكاليات التي تطرحها هذه الدروس، والتي قد تُسبب للتلميذ الحيرة والارتباك.
الرباط - يتجدد النقاش حول ظاهرة “دروس الدعم والتقوية” أو ما يطلق عليه اسم “الدروس الخصوصية” التي يتزايد إقبال الأسر المغربية عليها لمواكبة المسار التعليمي لأبنائها، مع عودة التلاميذ إلى صفوف الدراسة خلال موسم 2023 – 2024.
غير أن المواقف تتباين إزاء هذه الظاهرة، المعروفة عند عموم المغاربة بـ“حصص المراجعة”، بين مؤيد ومعارض، بالنظر إلى تعدد مزاياها وإيجابياتها من وجهة نظر الآباء وأولياء الأمور، وما تطرحه في المقابل من إشكاليات.
وفي علاقة بالكلفة المالية لدروس الدعم والتقوية أكدت السيدة مونية التي يستفيد أبناؤها من هذا الصنف من الحصص، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدروس “تثقل كاهل الأسر المغربية بما لا يدع مجالا للشك، لأنها تلزم أرباب الأسر بمصاريف إضافية (..)، لكنها أضحت جزءا لا يتجزأ من معيشنا اليومي، لأنها تجعلنا نطمئن أكثر وبالملموس على المستقبل الدراسي لفلذات أكبادنا".
من جانبها اعتبرت أسماء (تلميذة في السلك الثانوي التأهيلي) خلال تصريح مماثل أن حصص الدعم تشكل "العمود الفقري لنجاح عملية تحصيل بعض المواد الدراسية، وخاصة منها العلمية كالرياضيات، باعتبارها عالما شاسعا يضج بالمعادلات والأنظمة والتحديات التي لن تكفي الحصص الدراسية الرئيسية لاحتوائها وحسن الإلمام بها".
وبعد أن أكدت أن دروس التقوية تمنح للمتمدرسين الثقة في النفس وتجعلهم فخورين بذواتهم، شددت التلميذة في قسم "جذع مشترك علمي، خيار فرنسي” بثانوية محمد السادس التأهيلية في مدينة سلا الجديدة، على أن هذه الحصص لا تخلو من سلبيات وخاصة منها “التشويش الذي قد يصاب به التلميذ بين الفصل الرئيسي وفصل الدعم، كما أن الكثير من الأساتذة يفرضون على تلاميذهم الاستفادة من حصص إضافية تحت إشرافهم وهذا قد يضر كثيرا بنفسية التلميذ طيلة العام الدراسي".
وعن أسباب إقبال الأسر المغربية على الدروس الخصوصية قال رئيس جمعية منتدى الطفولة عبدالعالي الرامي إن من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع الآباء إلى وضع أبنائهم في هذه الحصص "الضعف المسجل في مستوى تحصيل بعض المواد الدراسية وخاصة منها العلمية، وكذلك ضيق الحيز الزمني المخصص لتدريس بعض المناهج والمقررات مقارنة مع الحجم الزمني الذي يحتاجه المتمدرسون من أجل فهمها واستيعابها كما ينبغي".
وبعد أن أشار إلى ظاهرة اكتظاظ الأقسام الدراسية وتأثيرها على مردودية الأساتذة في عملية الشرح والتلقين لمجموع التلاميذ شدد السيد الرامي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أن "دروس الدعم هي سيف ذو حدين تسهل على التلميذ عملية التحصيل الدراسي وتمنح للآباء الإحساس بالطمأنينة لأن كثرة مشاغلهم لا تخول لهم التأطير والمتابعة المنتظمين لأبنائهم داخل البيت (…)، لكنها في المقابل قد تعوّد التلاميذ على التواكل وعدم الاجتهاد في الاستقصاء والبحث عن المعلومة وتحصيلها بشكل فردي".
كما دعا الفاعل الجمعوي المؤسسات التعليمية إلى القيام بالأدوار المنوطة بها من خلال تشجيع منتسبيها على المزيد من البذل والعطاء أثناء أداء مهامهم داخل الفصول الدراسية، مع العمل على رفع منسوب الثقة عند التلاميذ وحثهم على الاجتهاد الفردي في تحصيل المعارف والمعلومات.
وفي هذا الإطار أبرز رئيس جمعية منتدى الطفولة أهمية وضع الوزارة الوصية قوانين صارمة من شأنها الحد من انتشار ظاهرة حصص الدعم “بشكل عشوائي”، وذلك من خلال الحرص على إسناد الإشراف على هذه الحصص إلى الأطر التعليمية المؤهلة.
من جانبها قالت الإدريسية الزراري (أستاذة بالسلك الابتدائي) في تصريح مماثل إن حصص الدعم والتقوية "تعد بمثابة تكملة للتلميذ وخاصة في مادة الرياضيات التي يواجه فيها التلاميذ الكثير من الصعوبات في التحصيل والإنجاز"، مبرزة أن هذه الدروس “تمنح للمتمدرسين الثقة بنفوسهم وتجعلهم يتابعون دروسهم داخل الأقسام بارتياح نفسي كبير جدا”.
وبعد أن ذكرت أن أي ظاهرة مجتمعية تنطوي على إيجابيات وسلبيات، أكدت أستاذة مادتي الرياضيات والنشاط العلمي بإحدى المدارس الخاصة في مدينة تيفلت أنه من بين سلبيات حصص الدعم “استباق معظم أساتذة الدعم أساتذة الفصل الرئيسيين على مستوى شرح عناوين ومكونات المناهج أو المقررات الدراسية، ما يجعل هذه الفئة من المتمدرسين تشوش على السير العادي للدروس داخل الأقسام".
◙ الكثير من الأساتذة يفرضون على طلابهم الاستفادة من حصص إضافية تحت إشرافهم وهذا قد يضر بنفسيتهم
وفي سياق متصل أوضحت السيدة الزراري أنه من بين سلبيات هذا النوع من الدروس “اختلاف طريقة الشرح والتلقين بين أستاذ حصص الدعم وأستاذ حصص الفصل الرئيسي، والذي قد يخلق نوعا من الحيرة والارتباك والتشويش عند التلميذ”، مضيفة أن الأمر قد ينعكس في بعض الأحيان على التفاهم والتواصل الجيدين بين التلميذ وأساتذته.
وبعد أن لفتت إلى عدم استغناء الكثير من أولياء الأمور عن هذه الحصص من أجل مواكبة أفضل للعملية التعليمية لأبنائهم، حذرت الأستاذة الإدريسية من فرض العديد من الأساتذة على تلاميذهم الاستفادة من دروس التقوية تحت إشرافهم “وإلا سيتخذون منهم موقفا معاديا على مستوى التقييم والتفاعل والعلاقة داخل الفصل بشكل عام".
جدير بالذكر أن الحكومة المغربية أصدرت مرسوما رقم 2.20.472 في شأن دروس الدعم التربوي، الذي صدر بالجريدة الرسمية (عدد 7019) بتاريخ 06 سبتمبر 2021.
ويحدد هذا المرسوم، الذي يتضمن ثماني مواد، شروط وكيفيات تنظيم دروس الدعم التربوي لفائدة التلميذات والتلاميذ الذين لا يتحكمون في المستلزمات الدراسية الأساسية لمتابعة دراستهم في المستوى الذي هم فيه، ولا يستطيعون مسايرة إيقاع التعلم في بعض أو جل المواد الدراسية المنصوص عليها، وذلك بهدف تعزيز وتحسين معارفهم الأساسية وكفاياتهم اللازمة، بما يضمن مواصلة تمدرسهم إلى غاية نهاية سلك التعليم الإلزامي.