الدبيبة ينفي اعتزامه تشكيل إدارة جديدة لمؤسسة النفط

طرابلس - نفت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة تقارير متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الذي يرأسه حاليا فتحي بن قدارة، وذلك في خضم الخلافات السياسية بين الحكومة والعديد من المؤسسات في البلاد.
وأكدت حكومة الدبيبة في منشور عبر صفحتها على فيسبوك أن القرار المتداول مزور.
وقد نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي قرارا صادرا عن الدبيبة الأربعاء يشير إلى إعادة تشكيل مجلس إدارة مؤسسة النفط برئاسة عثمان الحضيري وعضوية رفعت العبار ومسعود ميجنة وسالم بنور.
وجرى تذييل القرار بتوقيع الدبيبة، لكن ناشري الوثيقة المزورة أخطأوا في التاريخ الهجري الموافق للتاريخ الميلادي، وهو أمر تفطن إليه الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا أن هناك جهات تسعى إلى صب الزيت على النار بعد قرار البرلمان الليبي تجاه السلطة التنفيذية والرئاسية في طرابلس بإنهاء ولاية حكومة الدبيبة وإعطاء صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
ويعتقد البعض أن ترويج الوثيقة المزورة بعد يوم واحد من قرار البرلمان الذي رحب به قائد الجيش الوطني الليبي المشير خلفية حفتر يهدف إلى إشعال فتيل نار الحرب بين شرق البلاد وغربها خصوصا بعد الحشد العسكري في الجنوب الليبي، وإعلان "حالة القوة القاهرة" في حقل الشرارة النفطي (جنوب غرب).
وكان تعيين فتحي بن قدارة في يوليو 2022 خلفا لمصطفى صنع الله، في سياق صفقة بين حفتر والدبيبة تفضي أيضا إلى سداد ديون المؤسسة العسكرية.
ويرى مراقبون أن الدبيبة لا يستطيع الاقدام على هذه الخطوة على الأقل في الوقت الراهن حتى لا تفهم على أنها تصعيدا ضد حفتر، وفي نفس الوقت لا يريد أن يربك صفقة حقل الحمادة التي يقترب قطاع النفط والغاز الليبي من توقيعها.
وكان الدبيبة قد رفض استئناف وزير النفط والغاز محمد عون مهامه على رأس الوزارة رغم رفع الوقف الاحتياطي عنه بعدما برأته هيئة الرقابة من ارتكاب مخالفات قانونية، بسبب معارضة عون لصفقة حقل الحمادة.
هذا إلى جانب أن الخلافات المنتظمة بين الدبيبة وعون بسبب معارضة وزير النفط عددا من الاتفاقيات التي سعت المؤسسة الوطنية للنفط إلى إبرامها بموافقة رئيس حكومة الوحدة.
وكان موقع "أفريكا إنتليجنس" الإستخباراتي الفرنسي قد أكد في وقت سابق أن "استبدال عون من رأس وزارة النفط يخلق مساحة للمناورة للدبيبة، الساعي لتقوية موقفه في الوقت الذي يواجه فيه منافسة على سلطاته. كما أن خروج عون يفيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، الذي كان في خلاف دائم معه".
ولطالما كان النفطي الليبي في قلب صراع سياسي وعسكري بين مختلف الأطراف المتنازعة بالدولة الأفريقية الممزقة منذ الربيع العربي لعام 2011.
وكانت ورقة النفط دائما حاضرة في جميع المساومات التي تمارسها بعض الجهات السياسية والعسكرية داخل ليبيا، من خلال إغلاق حقول النفط ومنع التصدير، حيث |أن لجوء بعض الأطراف القبلية والجهوية أيضا، مدعية أنها تمثل حركات معينة مثل حراك فزان أو حراك برقة، إلى استخدام ورقة النفط لابتزاز الحكومة أو فرض مطالبهم.
ويحكم ليبيا التي تشهد أعمال عنف وانقسامات، حكومتان متنافستان، إحداها في طرابلس (غرب) برئاسة، الدبيبة، ومقرها طرابلس، وأخرى في بنغازي شرقا ويرأسها، أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من القائد العسكري القوي خليفة حفتر.
ومنذ سنوات كان تقاسم إيرادات النفط في ليبيا على رأس الخلافات السياسية والعسكرية بين الحكومتين، حيث كانت تهدد الحكومة المكلفة من البرلمان في الشرق بوقف تصدير النفط من المناطق الخاضعة لسيطرتها وتضم معظم حقول النفط.
وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في دخلها الأساسي بنسبة تزيد عن 95 في المئة، يذهب أكثرها إلى رواتب الموظفين ودعم المحروقات والسلع والخدمات الأساسية.
وشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة كان أبرزها إغلاق العام الماضي الذي بدأ في أبريل واستمر أكثر من شهر كامل عندما قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين آنذاك من البرلمان في فبراير 2022.
وتكبدت ليبيا حينها خسائر قدرت بـ60 مليون دولار يوميا جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو 600 ألف برميل من الإنتاج النفطي يوميا، بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي، في وقت عرفت أسعار النفط انتعاشا غير مسبوق، ولم يخف خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة بخاصة أن الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح إلى رفعها إلى أكثر من 1.20 مليون برميل يوميا (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).