الدبيبة يقر بتسليم المريمي ويبرر: هذا إرهابي

أوساط سياسية ليبية تحمل حكومة الدبيبة المسؤولية في تسليم المواطن الليبي إلى الولايات المتحدة.
السبت 2022/12/17
الدبيبة يختار المواجهة بدل احتواء الأزمة

طرابلس - خرج رئيس الوزراء الليبي المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة عن صمته، معترفا في تصريحات لم تخل من تشنج بتسليم أبوعجيلة مسعود المريمي المشتبه به في قضية لوكربي إلى الولايات المتحدة.

وجاءت إطلالة الدبيبة في كلمة مسجلة بالفيديو بثتها وسائل إعلام ليبية ومنصات حكومية على فيسبوك، ردا على هجوم واسع تعرض له وحكومته خلال الأيام الماضية على خلفية تأكيد الولايات المتحدة الأحد الماضي أن المريمي بات على أراضيها، وأنه جرى عرضه على المحاكمة في محكمة اتحادية بواشنطن.

ولم يذكر المسؤولون الأميركيون كيف وصل المريمي إلى الولايات المتحدة، لكن في أواخر نوفمبر، ذكرت وسائل إعلام ليبية محلية أن مسلحين خطفوه في السادس عشر من نوفمبر من مقر إقامته في العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

علي التكبالي: تسليم مواطن ليبي القشة التي ستقصم حكومة الوحدة
علي التكبالي: تسليم مواطن ليبي القشة التي ستقصم حكومة الوحدة

وحمل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والعديد من المكونات السياسية والمجتمعية حكومة الدبيبة المسؤولية عن تسليم المواطن الليبي، محذرين من أن ذلك سيقود إلى فتح قضية لوكربي التي سعى الليبيون إلى طي صفحتها الأليمة حيث كلفت الدولة الليبية أموالا طائلة تم تسديدها لأهالي الضحايا خلال فترة حكم الراحل معمر القذافي.

وخلال كلمته وصف الدبيبة، المريمي بـ”الإرهابي” والمسؤول الأول عن واقعة لوكربي، في موقف لافت خصوصا وأن المريمي ما يزال طرفا مشتبها به ولم يقل حتى القضاء الأميركي كلمته في شأنه.

وقال الدبيبة إن المتهم بتجهيز القنبلة في قضية لوكربي أبوعجيلة مسعود هو مسؤول عن تجهيز المتفجرات فيما وصفه بالتنظيم الإرهابي خلال حكم القذافي.

وأضاف “كان لزاما علينا التعاون في ملف المتهم أبوعجيلة لأنه مطلوب وفق مذكرة للإنتربول”. وعرض الدبيبة مذكرة ونشرة حمراء دولية للقبض على المريمي صادرة من الإنتربول.

وبرّر الدبيبة قرار حكومته تسليم المريمي بالقول “صار لزاما علينا التعاون من أجل استقرار ليبيا، ومحو اسم الإرهاب عن الشعب الليبي البريء”، مشدّدا على أنّ “التعاون تمّ وفق القواعد القانونية مع المتّهمين في قضايا خارج البلاد خاصة ذات الطابع الإرهابي”.

وأضاف الدبيبة أنّ “ليبيا تأخّرت سنوات طويلة بسبب توريطها في عمليات إرهابية حتى أصبحنا في عيون العالم ننتمي إلى دولة إرهابية، أصبح البعض يدافع عن متّهم إرهابي متّهم بقتل 270 روحا بريئة”.

وهاجم الدبيبة كل من انتقد تسليم المريمي إلى الولايات المتحدة ومن تحدث عن انتهاك السيادة الليبية، قائلا “إن أحدهم عميل يتلقى التمويل من دول أخرى والآخر تاجر مخدرات”.

ويتهم معارضو حكومة الوحدة، الدبيبة بتسليم المواطن الليبي لكسب رضاء الولايات المتحدة ودعمها في سياق مساعيه للحفاظ على السلطة، وذهب مجلس النواب حد وصف عملية التسليم بالخيانة العظمى، وتقدم المجلس بطلب للنائب العام الصديق الصور لفتح تحقيق في الغرض.

وقال الدبيبة في كلمته إنه لن يرضى أن يوضع الليبيون تحت تصنيف الإرهابيين، بسبب وجود متهمين على أرضها.

وتابع “يجب التفرقة في ملف لوكربي من حيث مسؤوليّة الدولة الليبية، ومن المسار الجنائي الفردي للقضية، فمن جهة مسؤولية الدولة قد أقفل تماما ولن أسمح بفتحه مرة ثانية”.

ويرى متابعون أن إقرار الدبيبة بعملية التسليم من شأنه أن يضاعف الضغوط الداخلية عليه، حيث أن خصومه سيسعون لتوظيفها من أجل الإطاحة به.

أبوعجيلة مسعود يقف أمام القضاء الأميركي
أبوعجيلة مسعود يقف أمام القضاء الأميركي

واعتبر عضو مجلس النواب علي التكبالي أن “عملية اختطاف مواطن ليبي وتسليمه إلى الولايات المتحدة القشة التي ستقصم ظهر حكومة الوحدة وستسقطها”.

وأوضح التكبالي في تصريحات صحافية أن إعادة فتح قضية لوكربي خيانة عظمى والبرلمان سيوفر عددا من المحامين في الولايات المتحدة للدفاع عن المريمي، كما أن أكثر من 90 نائبا طلبوا عقد جلسة الأسبوع المقبل قبل جلسة المحاكمة التالية في واشنطن في السابع والعشرين من ديسمبر.

وقال “سبق أن طالبنا النائب العام بفتح تحقيق في الأمر واتخاذ إجراءات محلية ودولية لضمان عودة أبوعجيلة إلى ليبيا، فتسليمه يأتي في إطار صفقة بين واشنطن التي دعمت بقاء الدبيبة على رأس السلطة مقابل الوصول إلى أبوعجيلة”.

ولفت التكبالي إلى تغير في موقف السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، الذي صرح مباشرة بعد تسلمهم للمريمي بأنه لا حاجة لحكومة أخرى وأن حكومة الدبيبة هي التي ستبقى لحين إجراء انتخابات، وهذا يتناقض وتصريحات سابقة تتحدث عن أن الولايات المتحدة لا تنحاز لأي من حكومة الدبيبة أو فتحي باشاغا.

معارضو حكومة الوحدة يتهمون الدبيبة بتسليم المواطن الليبي لكسب رضاء الولايات المتحدة ودعمها في سياق مساعيه للحفاظ على السلطة

وانتقد المحامي جمعة عتيقة، نائب رئيس المؤتمر الوطني السابق، كلمة رئيس حكومة الوحدة بشأن تسليم المواطن الليبي قائلا إن “المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمه عادلة”.

وكان نظام معمر القذافي دفع في 2008 أكثر من ملياري دولار تعويضات لأهالي الضحايا لإقفال ملف قضية لوكربي، لكن مع تسلم الولايات المتحدة للمريمي فإنه من غير المستبعد أن تكون لذلك تبعات جديدة على الدولة الليبية.

وأعيد فتح التحقيق في القضية عام 2016 عندما علم القضاء الأميركي بتوقيف المريمي بعد سقوط نظام القذافي وبأنّه قدّم اعترافا مفترضا لاستخبارات النظام الليبي الجديد عام 2012.

وكشف محققون أميركيون وقت التفجير عن أدلة على أن أحد المتهمين المحتملين كان اسمه أبوعجيلة مسعود، لكنّهم لم يتمكّنوا من تحديد مكانه.

وأدين شخص واحد حتى الآن في تفجير رحلة بان أميركان 103 في الحادي والعشرين من ديسمبر 1988، في اعتداء إرهابي هو الأكثر دموية الذي تشهده الأراضي البريطانية.

والطائرة التي كانت متوجّهة إلى نيويورك انفجرت بعد 38 دقيقة من إقلاعها من لندن، ما أدّى إلى سقوط هيكلها في بلدة لوكربي بينما تناثر الحطام على مساحة شاسعة.

وأسفر التفجير عن مقتل 259 شخصا، بينهم 190 أميركيا، كانوا على متن الرحلة، إضافة إلى 11 شخصا كانوا على الأرض.

وأمضى ضابط المخابرات الليبي السابق عبدالباسط المقرحي سبع سنوات في سجن اسكتلندي بعد إدانته في هذه القضية عام 2001، وتوفي في ليبيا عام 2012. ولطالما دفع المقرحي ببراءته.

4