الدبيبة يغلق عددا من السفارات الليبية لتقليص الإنفاق

طرابلس - اتخذ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة حزمة من الإجراءات، في مسعى لتقليص آثار الإنفاق الموازي وتعزيز الشفافية المالية بالبلاد.
ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه حكومتا ليبيا موجة انتقادات، بعد إعلان المصرف المركزي جملة إنفاقهما خلال عام 2024، والتي بلغت نحو 224 مليار دينار (41.06 مليار دولار).
وأعلن عبدالحميد الدبيبة، إغلاق عدد من السفارات الليبية في الخارج، وتقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين بالخارج بنسبة 20 في المئة.
وأفاد الدبيبة خلال اجتماع بمقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، “بعد يومين، سنقرر غلق عدد كبير من السفارات، وهو قرار مهم للمواطنين، وهو ما يساعد في خلق فائض من استهلاك العملة الصعبة، خاصة أن تلك السفارات تستهلك مبالغ كبيرة.”
وأوضح أن “بعض السفارات لا يوجد فيها مكتب ليجلس فيها موظف واحد، لكنها تستهلك أموالا بالدولار، وبعضهم يقول إنه يقدم خدمات استشارية وتضم موظفين محسوبين على السلك الدبلوماسي لكنهم يعملون في الوقت ذاته بالدولة التي يوجدون فيها،” مؤكدا ضرورة إنهاء هذا الوضع.
مصروفات حكومة عبدالحميد الدبيبة، بلغت 22.5 مليار دولار، فيما أنفقت الحكومة الموازية 10.82 مليار دولار
ولفت الدبيبة إلى أن خفض عدد الموظفين في السفارات بالخارج بنسبة 20 في المئة يشمل أيضا السفارات المستمرة في عملها؛ وذلك في وقت تعالت فيه الأصوات المنادية بتخفيض الإنفاق الحكومي، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وتتزايد الدعوات الداخلية في ليبيا لمراقبة الإنفاق العام وضبط إدارة الموارد النفطية، التي تمثل المصدر الأساسي للدخل في البلاد.
وتمتلك ليبيا اليوم أكثر من 140 بعثة دبلوماسية بين سفارات وقنصليات ومندوبيات، وحسب إحصاءات مصرف ليبيا المركزي، بلغ الإنفاق على السفارات في عام 2024 وحده أكثر من 3.3 مليار دينار (0.60 مليار دولار)، بينها 2 مليار (0.37 مليار دولار)، صرفت فقط على الرواتب.
وأنفقت السفارة الليبية في أنقرة وحدها 318.8 مليون دينار، في حين كلفت القنصلية في إسطنبول 29 مليونا إضافيا، ولا تتناسب هذه الأرقام مع واقع دولة لا تزال تواجه انهيارا في الخدمات، وانقسامات سياسية، وغيابا للبنية التحتية.
وأوضح الدبيبة أن بعض السفارات لا يوجد فيها مكتب ليجلس فيها موظف واحد، “لكنها تستهلك أموالا بالدولار، وبعضهم يقول إنه يقدم خدمات استشارية وتضم موظفين محسوبين على السلك الدبلوماسي لكنهم يعملون في الوقت ذاته بالدولة التي يوجدون فيها،” مشددا على ضرورة إنهاء هذا الوضع.
وصدمت تصريحات البنك المركزي عن الوضع المالي، الليبيين حيث أكد أن مصروفات حكومة الدبيبة، بلغت 123 مليار دينار (22.5 مليار دولار)، فيما أنفقت منافستها المكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد والتي تدير المنطقة الشرقية، 59 مليار دينار (10.82 مليار دولار)، إلى جانب 42 مليار دينار ( 7.70 مليار دولار)، خصصت لمبادلة النفط بالوقود.”
ورغم تبرير الحكومتين لموقفهما من هذا الإنفاق فإن ذلك لم يكن كافيا لوقف الانتقادات والمقارنات بين مستوى إنفاقهما، وإنجازاتهما في مناطق سيطرتهما.
وفي وقت سابق، أعلن مصرف ليبيا المركزي تخفيض قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، ثمّ أطلقت البعثة الأممية للدعم في ليبيا نداء عاجلاً للأطراف السياسية في ليبيا لحل الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في البلاد، معربة عن قلقها العميق إزاء تدهور الوضع الاقتصادي وتصاعد تبادل الاتهامات السياسية بين الأطراف المختلفة.
وحثت البعثة الأممية في بيان جميع الفرقاء الليبيين على “تغليب المصلحة الوطنية، وتنحية اللوم جانبًا،” والاتفاق بشكل عاجل على تدابير لمعالجة الأزمة الاقتصادية ومنع تفاقمها، مؤكدة أن اتخاذ إجراءات سريعة ضروري للحد من الآثار السلبية المتزايدة على الشعب الليبي.
ولفتت إلى أن اتساع عجز النقد الأجنبي، والضخ المفرط للسيولة النقدية، والإنفاق المزدوج، واستمرار انخفاض قيمة الدينار الليبي، تمثل “علامات تحذير واضحة” على تفاقم عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي، مشدّدة على أن هذه الأوضاع تؤدي إلى تداعيات سلبية مباشرة على المواطنين، تشمل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، فضلاً عن تآكل ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة وقياداتها.
ليبيا تمتلك أكثر من 140 بعثة دبلوماسية وحسب إحصاءات مصرف ليبيا المركزي بلغ الإنفاق على السفارات في عام 2024 أكثر من 0.60 مليار دولار
وأشارت البعثة أيضاً إلى أن الضغوط الداخلية في ليبيا تتفاقم بفعل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي والمخاوف من انخفاض أسعار النفط، لكن المجلس الرئاسي، قال إن الخلل المالي الناجم عن غياب الموازنة العامة للدولة وتعدد جهات الإنفاق العام “لا يمكن إصلاحه بتخفيض قيمة العملة الوطنية.”
وأكد المجلس، أن هذا التخفيض لن ينعكس في انخفاض الطلب على العملة الصعبة كما يأمل المصرف المركزي “بل على العكس، سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على العملات الصعبة، نظرا لانعكاس هذا الإجراء وبشكل مباشر في زيادة الإنفاق الحكومي خلال السنة المالية اللاحقة.”
وفي فبراير الماضي، تم الكشف عن تصدير شركة ليبية لها ارتباط مباشر بخليفة حفتر تحمل اسم “أركنور”، نفطاً خاماً بقيمة 600 مليون دولار منذ مايو من العام 2024.
وقال خبراء في الأمم المتحدة وسجلات شحن، إن تصدير الحمولة يمثل نهاية احتكار المؤسسة الوطنية للنفط لصادرات الخام، مشيرة إلى أن إيرادات تصدير النفط عن طريق شركة “أركنور” تُحول بعيداً عن مصرف ليبيا المركزي.
وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة قد كشف عن إبرام الشركة التي يسيطر عليها بشكل غير مباشر صدام حفتر، اتفاقات مع مؤسسة النفط صدّر عبرها 6 ملايين برميل من النفط الخام بإجمالي يقدر بـ436 مليون دولار أميركي.
وقُدّر حجم الصادرات وفقاً للتقرير بنحو 1.125 مليون طن من الديزل منذ مارس 2022، آخرها تصدير 450 ألف طن خلال 185 عملية غير مشروعة.