الدبيبة يراهن على زيارة ميلوني إلى طرابلس لإضفاء شرعية على حكومته

حكومة باشاغا تحذر من صفقة غامضة بين روما وحكومة الوحدة.
الخميس 2023/01/26
الهجرة غير النظامية صداع مزمن لرئيسة الحكومة الإيطالية

تثير الزيارة المرتقبة لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى العاصمة طرابلس جدلا في ليبيا وسط تحذيرات من صفقة غامضة قد يجري الاتفاق عليها خلال هذه الزيارة، وتقضي بزيادة حصة شركة إيني الإيطالية (للنفط والغاز) على حساب حصة الشريك الوطني.

طرابلس - تحمل الزيارة المرتقبة لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى العاصمة الليبية طرابلس، دلالات سياسية عميقة بالنسبة إلى حكومة الوحدة الوطنية التي تبحث عن شرعية دولية بعد انتهاء ولايتها منذ يونيو الماضي.

ويرى مراقبون أن زيارة ميلوني إلى طرابلس تدشن لعودة قوية لإيطاليا إلى الساحة السياسية في ليبيا، وقد هيأ وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني لهذه الزيارة المرجح أن تجري خلال الأيام القليلة المقبلة، بقيامه بجولة إقليمية شملت تركيا ومصر وتونس، والتي كان هدفها استطلاع مواقف تلك الدول حول سبل إنهاء الأزمة في ليبيا.

وكان وزير الخارجية الإيطالي عبّر خلال زيارته إلى القاهرة، عن قناعة بلاده بأن تحقيق الاستقرار في ليبيا يعد أمرا حاسما لإبطاء الهجرة غير النظامية التي تعانيها بلاده ومواجهة التهديد الإرهابي الذي ينطلق من منطقة الساحل الأفريقي باتجاه حوض المتوسط.

وقال تاياني إن “دولا مثل الجزائر وتركيا ومصر لها تأثير على بعض رجالات الحياة السياسية والعسكرية في ليبيا لذا نحتاج إلى التحدث معها، للحد من النزاعات وخلق أجندة إيجابية وتفضيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تضفي شرعية على القادة السياسيين الجدد في ليبيا”.

حكومة باشاغا تعبر عن استغرابها من اعتزام رئيسة الحكومة الإيطالية زيارة الحكومة المنتهية ولايتها في طرابلس

وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الثلاثاء عن عقد لقاء بين وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش مع السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بوتشيني لبحث الاستعدادات لزيارة ميلوني رفقة وزيري الخارجية والداخلية الإيطالية وعدد من مسؤولي الحكومة.

ولم يذكر البيان تاريخا لزيارة ميلوني التي تجري حاليا زيارة غير معلنة المدة للجزائر جارة ليبيا، لكنّ مراقبين يتوقعون أن تتم نهاية الشهر الجاري.

وكان موقع “ديكود 39” الإخباري الإيطالي، قد ذكر في الثالث عشر من يناير الجاري أن ميلوني تستعد لزيارة ليبيا لبحث ملفي الهجرة غير النظامية وإمكانية أن تساهم طرابلس في تعويض نقص الطاقة في أوروبا جراء الحرب الروسية – الأوكرانية المستمرة منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي.

ويرى المراقبون أن حكومة الوحدة ستسعى لاستغلال هذه الزيارة لإضفاء شرعية على وجودها في ظل مواقف عربية ودولية متباينة بشأنها. وكانت مقاطعة عدد من الدول العربية لاجتماع تشاوري لمجلس الوزراء العرب، في طرابلس قد تسببت في إحراج كبير لحكومة الدبيبة.ومع إعلان حكومة الوحدة عن استعدادات لاستقبال ميلوني، تداعت بعض القوى الليبية، معربة عن خشيتها من هذه الزيارة على غرار الحكومة الموازية التي يرأسها فتحي باشاغا.

وأعربت حكومة باشاغا في بيان الثلاثاء عن “استغرابها من اعتزام ميلوني زيارة الحكومة المنتهية ولايتها في طرابلس (حكومة الوحدة) وحضور توقيع اتفاق نفطي جديد”.

وحذرت الحكومة المدعومة من مجلس النواب مما قالت إنها “صفقة غامضة يُعد لها بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة إيني الإيطالية (للنفط والغاز) وتقضي بزيادة حصة الشريك الأجنبي وتقليص حصة الشريك الوطني (الليبي)”.

وفي الحادي والعشرين من ديسمبر الماضي، أعلنت مؤسسة النفط “استئناف (تنفيذ) عقد موقع عام 2008 مع شركة إيني ينقذ البلاد من نقص إنتاج الغاز المتوقع عام 2025”، وفق بيان.

وردّا على الجدل المثار حول هذا العقد، أوضحت المؤسسة آنذاك أن “النسبة التي يتحدث عنها البعض ليست نسبة المقاسمة في العائد، وإنما هي النسبة المسموح بها لاسترجاع التكاليف الرأسمالية في المشروع”.

وقالت حكومة باشاغا عن ذلك إن “الدولة الليبية لن تلتزم بأي اتفاقيات مشبوهة الغرض والمآلات”، وإنها “في منأى عن كل الآثار القانونية والمادية”، وتوعدت بأنها “ستلجأ للقضاء”.

ومنذ مارس الماضي تتصارع حكومتان في ليبيا، هي حكومة فتحي باشاغا التي يدعمها مجلس النواب في طبرق، وحكومة الدبيبة الذي يربط تسليم السلطة التنفيذية بإجراء الانتخابات العامة.

وإلى جانب الهواجس من طبيعة الاتفاقيات الطاقية التي قد يجري إبرامها بين الحكومة الإيطالية وحكومة الوحدة، خلال زيارة ميلوني، هناك تخوفات عبرت عنها منظمات حقوقية بشأن اتفاقيات أمنية جديدة لمواجهة الهجرة غير النظامية.

وكانت رئيس الوزراء الإيطالية قد سوقت خلال حملتها الانتخابية لمقترحين يقضيان بفرض حصار بحري و”إنشاء نقاط ساخنة”، للتعامل مع ملفات الهجرة على الأراضي الأفريقية.

ميلوني وعدت في أكثر من مناسبة بمعالجة مسألة الهجرة خلال ولايتها

وتعتبر ميلوني مسألة الهجرة غير النظامية، خصوصا تلك القادمة من ليبيا وتونس، من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الإيطالية في الوقت الراهن، ووعدت في أكثر من مناسبة بمعالجة هذه المسألة خلال ولايتها.

وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الليبية الأربعاء أن ثمانية أشخاص على الأقل لقوا حتفهم بعد غرق قارب يحمل العشرات من المهاجرين الأفارقة قبالة الساحل الليبي، مضيفة أنه جرى إنقاذ نحو 100 آخرين.

وانجرفت الجثث إلى الشاطئ بالقرب من بلدة القربوللي الليبية على بعد 40 كيلومترا شرق طرابلس بعد غرق القارب الثلاثاء.

وتقول منظمات الإغاثة إن عدد المهاجرين واللاجئين الذين يسعون للعبور إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل أو أكثر أمانا زاد منذ جائحة كوفيد – 19 لكن العدد لا يزال أقل من المستويات المسجلة في 2014-2015.

ووفقا للهلال الأحمر الليبي، الذي يتولى عمليات البحث والإنقاذ، فإن شهودا قالوا إن ما يقرب من 150 شخصا تكدسوا على متن القارب آملين في الوصول إلى إيطاليا.

وتعد ليبيا نقطة انطلاق رئيسية لمن يسعون للوصول إلى أوروبا بسبب قربها من إيطاليا وحدودها التي يسهل اختراقها.

4