الدبيبة يتهم مجلسي النواب والأعلى للدولة بتشكيل حكومة ثالثة

طرابلس - اتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الأربعاء مجلسي النواب والأعلى للدولة بتشكيل حكومة جديدة، لإبعاد الأنظار عن الانتخابات البرلمانية التي اقترح إجراءها في نهاية العام الحالي.
وتأتي تصريحات الدبيبة وسط تجدد الدعوات الأميركية والأممية للحفاظ على الهدوء والاستقرار في ليبيا، وأيضا بعد ظهور نزاع علني بينه وبين محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، الذي عبّر الأربعاء عن رفضه إقالة نائب رئيس جهاز الاستخبارات الليبية للشؤون الأمنية مصطفى قدور من منصبه.
وقال المنفي لدى اجتماعه مع قدور بالعاصمة طرابلس إن قرار الإعفاء "من اختصاصات المجلس الرئاسي"، وأضاف أن "نشر قرارات صادرة عن الجهاز عبر وسائل الإعلام مخالف للوائح والقوانين المعمول بها".
وكان رئيس الجهاز فريق أول حسين محمد العائب قد أقال قدور من منصبه، بسبب تسهيله محاولة دخول رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا إلى العاصمة طرابلس في السابع عشر من الشهر الجاري، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عسكرية بين القوات الموالية للحكومتين المتنازعتين على السلطة.
وقال الدبيبة خلال مشاركته في فعاليات الأسبوع التشاوري لداعمي الانتخابات الذي يقام تحت شعار "الليبيون جميعهم معنيون" الأربعاء، إن "هناك أجساما منتهية منذ ثماني سنوات ولا تزال باقية، ولا نريد أن نصبح مرهونين لأشخاص لا يريدون إجراء الانتخابات". وذلك في إشارة على ما يبدو إلى مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وأضاف الدبيبة في كلمته أنه "مستعد للانسحاب من المشهد بالكامل كي نصل إلى انتخابات حقيقية، لكن لعبة تشكيل حكومة أخرى لن يقبلها الشعب الليبي".
وتابع "تغيير المجلس الرئاسي أو الحكومة سيتم بعد انتخابات حقيقية، وسنسلم السلطة في أول جلسة للبرلمان الجديد".
ويرفض الدبيبة تسليم السلطة للحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، التي منحها مجلس النواب بطبرق (شرق) الثقة مطلع مارس الماضي.
ويشترط أن يسلم السلطة لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب، تنفيذا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي عام 2021.
ومع وجود حكومتين متنافستين في ليبيا منذ أكثر من شهرين، تتصاعد مخاوف من انزلاق البلاد مجددا إلى حرب أهلية.
ورأى الدبيبة أن الحل في ليبيا يبدأ بإجراء "الانتخابات البرلمانية نهاية العام الجاري، وأن نعلن عنها ونبدأ التسجيل خلال الشهر المقبل"، باعتبارها الحل الأنسب في ظل الظروف الحالية التي تشهدها البلاد، متوقعا أن "تكون هناك حرب شعواء ضدنا بعد أن نعلن تواريخ خطة العملية الانتخابية".
وطالب الدبيبة في كلمته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بضرورة "الوقوف مع الشعب" وتمكينه من اختيار ممثليه في السلطة التشريعية، لافتا إلى أنه في حال رفضت المفوضية "الوقوف مع الشعب، فلابد أن نبحث عن بديل عنها".
وقال الدبيبة إنه أوضح "للأمم المتحدة أن اقتراح قيام لجنة الانتخابات البلدية بالانتخابات البرلمانية هو للضغط على المفوضية" من أجل إجراء الانتخابات البرلمانية، مشيرا إلى أن "هناك دولا بعينها (لم يسمها) تقف ضد الانتخابات، خاصة البرلمانية منها".
ولفت الدبيبة إلى أن "هناك دولا حذرتنا من خطوة قيام المجلس الرئاسي بحل مجلسي النواب والأعلى للدولة"، وهو مطلب طالما تردد خلال الأيام الأخيرة إثر استمرار مماطلة المجلسين في التوصل إلى توافق بشأن القاعدة الدستورية التي تعذر الاتفاق بشأنها، ما أدى إلى عرقلة العملية الانتخابية التي دشنتها المفوضية مطلع نوفمبر 2021.
وأشار إلى أنه سيطرح مبادرة شعبية لجدول زمني مقترح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأوضح أن التوجه للانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي كان خطأ، مشيرا إلى أنه "حتى الرابع من ديسمبر، لم نكن نعرف ما هو الدور المنوط بالحكومة بصورة حقيقية وواقعية". وقال الدبيبة "كنا مستعدين لتأمين الانتخابات بنحو 30 ألف شرطي".
وسخر الدبيبة من الإعلان عن الاتفاق في اجتماعات القاهرة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة على 70 في المئة من مواد القاعدة الدستورية، قائلا إن "ذلك أمر مضحك". واعتبر أن "المشكلة القانونية هي في القاعدة الدستورية، وهي العائق الرئيس أمامنا".
وتساءل الدبيبة عن أسباب تعطيل الاستفتاء على مشروع الدستور، مؤكدا أنه يمكن أن يكون أساسا لإجراء الانتخابات، كما شدد على دور الأحزاب في مجلس النواب، واصفا إياه بالمهم والمفقود في آن واحد.
وكان الدبيبة قد أعرب خلال اتصال مرئي مع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند مساء الثلاثاء عن رغبة حكومته في تنفيذ الانتخابات وتقديم كافة الدعم اللازم لها، وعدم السماح لأي طرف بعرقلة وتمديد هذه المهمة، قائلا إن "أي تغيير لا بد أن يتم عبر طرق سلمية وقانونية، وليس من خلال استخدام قوة السلاح، وفرض أمر واقع".
وأكد نورلاند دعم بلاده لكافة الجهود المبذولة من أجل الوصول إلى قاعدة دستورية، مشيدا بـ"أهمية برامج الحكومة ومصرف ليبيا المركزي المتعلقة بالإفصاح عن المصروفات الحكومية، لما لها من أهمية سياسية واقتصادية".
كما أوضح نورلاند أنه بحث مع الدبيبة الحفاظ على الاستقرار والهدوء في ليبيا، والعمل بشكل بناء مع جميع أصحاب المصلحة الليبيين لإجراء الانتخابات، ودعم الجهود المبذولة لحماية عائدات النفط، وتوخّي الشفافية في إنفاقها لصالح الشعب الليبي.
وجراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية، لاسيما بشأن قانوني الانتخاب، تعذر إجراء انتخابات رئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 ضمن خطة ترعاها الأمم المتحدة.
وتبذل الأمم المتحدة جهودا عبر لجنة ليبية مشتركة لتحقيق توافق ليبي على قاعدة دستورية تمهد لإجراء الانتخابات في "أقرب وقت ممكن".