الدبيبة يبرر قرار تسليم أبوعجيلة للولايات المتحدة

طرابلس - اعترف رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة بشكل غير مباشر الخميس بأن حكومته شاركت في نقل مشتبه به في تفجير لوكربي إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، مبررا ذلك بأنه سعي لتصحيح صورة ليبيا لدى الغرب، والتي ارتبطت بالإرهاب في خضم انتقادات داخلية يتعرض لها من قبل معارضيه وصلت إلى حد اتهامه بالخيانة.
ولم يعلق الدبيبة وحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها في البداية على اعتقال أبوعجيلة محمد مسعود خير المريمي أو نقله إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار غضبا في ليبيا.
وقال الدبيبة في كلمة بثها التلفزيون "أُصدر بحقه مذكرة قبض من الإنتربول الدولي، هذه مذكرة قبض وصار لزاما علينا التعاون في هذا الملف من أجل مصلحة ليبيا واستقرارها".
ويُشتبه في أن مسعود قام بتصنيع القنبلة التي فجرت الرحلة رقم 103 التابعة لخطوط بان أميركان الجوية فوق بلدة لوكربي في إسكتلندا عام 1988، مما أسفر عن مقتل 259 شخصا كانوا على متنها و11 على الأرض.
ولم توجه الولايات المتحدة أي اتهام رسمي لمسعود حتى عام 2020، حين كشفت أدلة جديدة تفيد بأنه اعترف فيما يبدو بجرائمه أمام مسؤول ليبي عن إنفاذ قانون.
وقالت أسرته إن وحدة مسلحة ذات صلة بالدبيبة ألقت القبض عليه من منزله الشهر الماضي. وكان مسعود مسجونا في طرابلس بعد انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي.
وقالت الولايات المتحدة الأحد إنه محتجز في أميركا.
وليس لليبيا، حيث يوجد نزاع بشأن السيطرة على الحكومة، معاهدة لتسليم المجرمين مع الولايات المتحدة. وفتح المدعي العام تحقيقا في ظروف اعتقال مسعود ونقله.
ويتهم بعض الخصوم السياسيين الدبيبة باعتقال مسعود وتسليمه للولايات المتحدة بصورة غير قانونية، لكسب دعمها له في مواجهته المستمرة مع فصائل منافسة للسيطرة على الحكومة.
وقال الدبيبة إن الحكومة ستوفر محاميا لمسعود "بغض النظر عن تورطه في الإرهاب".
وشهد تسليم مسعود احتجاجات وانقساما شعبيا وسياسيا في ليبيا، لاسيما وأنّ ملف قضية لوكربي أغلق قبل نحو عشرين عاما، فيما أظهرت وثيقة صادرة عن مجلس النواب الليبي في شرق البلاد، مطالبة بتحريك دعوى جنائية ضد المتورطين بـ"خطف" المواطن أبوعجيلة.
وأشارت الرسالة بوضوح إلى أن البرلمان الليبي وهو السلطة التشريعية الوحيدة الناظمة للعمل النيابي والتشريعي منذ العام 2014، يتوجس من جولة جديدة من الضغوط مع وجود دفع لإحياء قضية لوكربي.
وبرّر الدبيبة قرار حكومته تسليم مسعود بتصحيح صورة البلاد التي ارتبطت بالارهاب، قائلا "صار لزاما علينا التعاون من أجل استقرار ليبيا، ومحو اسم الإرهاب عن الشعب الليبي البريء"، مشدّدا على أنّ "التعاون تمّ وفق القواعد القانونية مع المتّهمين في قضايا خارج البلاد خاصة ذات الطابع الإرهابي".
وعن الأصوات الرافضة لتسليم المتّهم إلى واشنطن، قال الدبيبة إنّ "ليبيا تأخّرت سنوات طويلة بسبب توريطها في عمليات إرهابية حتى أصبحنا في عيون العالم ننتمي إلى دولة إرهابية، أصبح البعض يدافع عن متّهم إرهابي بقتل 270 روحا بريئة".
كما شدّد رئيس حكومة طرابلس على رفضه إعادة فتح ملف قضية لوكربي بعدما أغلق قبل عقدين من الزمن بتسوية دفعت بموجبها طرابلس مئات الملايين من الدولارات تعويضات لذوي الضحايا.
لكنّ الدبيبة لفت إلى أنّ هناك مسارا جنائيا لا بدّ من استمرار التعاون فيه مع الولايات المتّحدة في ما يخصّ المتّهمين في هذه القضية.
وكان نظام معمر القذافي دفع في 2008 أكثر من ملياري دولار تعويضات لأهالي الضحايا لإقفال ملف القضية.
وأعيد فتح التحقيق في القضية عام 2016 عندما علم القضاء الأميركي بتوقيف أبوعجيلة بعد سقوط نظام القذافي، وبأنه قدّم اعترافا مفترضا لاستخبارات النظام الليبي الجديد عام 2012.
وكشف محققون أميركيون وقت التفجير عن أدلة على أن أحد المتهمين المحتملين كان اسمه أبوعجيلة مسعود، لكنّهم لم يتمكّنوا من تحديد مكانه.
وأدين شخص واحد حتى الآن في تفجير رحلة بان أميركان 103 في في الاعتداء الإرهابي الأكثر دموية الذي شهدته الأراضي البريطانية.
والطائرة التي كانت متوجّهة إلى نيويورك انفجرت بعد 38 دقيقة من إقلاعها من لندن، ما أدّى إلى سقوط هيكلها في بلدة لوكربي بينما تناثر الحطام على مساحة شاسعة.
وأمضى ضابط المخابرات الليبي السابق عبدالباسط المقرحي سبع سنوات في سجن إسكتلندي بعد إدانته في هذه القضية عام 2001، وتوفي في ليبيا عام 2012. ولطالما دفع المقرحي ببراءته.