الخيال العلمي والرعب وصفة نتفليكس لجذب الجماهير

"سترينجر ثينجس" يرافق "لعبة الحبار" للتربع على عرش المنصة.
الخميس 2022/07/07
عمل تخطى 1.15 مليار ساعة مشاهدة

يمكننا أن نلاحظ أن جل الأعمال الدرامية الناجحة التي تحقق مشاهدات بأرقام خيالية عبر منصة البث التدفقي الأكبر في العالم نتفليكس تنتمي إلى الخيال العلمي والرعب، وكأنها وصفة لجذب الجماهير إلى الأعمال الجديدة؛ وفعلا يتحقق ذلك بأرقام كبيرة تبين مدى تقبل الجمهور بمختلف شرائحه لهذا النمط، وآخر هذه الأعمال مسلسل “سترينجر ثينجس”.

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - قالت شركة نتفليكس للبث الثلاثاء إن الموسم الأخير من مسلسل “سترينجر ثينجس” أو “أمور غريبة” الذي تعرضه الشبكة على منصتها شهد ارتفاعا في مجموع مشاهداته التي تجاوزت 1.15 مليار ساعة مشاهدة.

وأصبح مسلسل الخيال العلمي -من بطولة وينونا رايدر وميلي بوبي براون- أكثر المسلسلات باللغة الإنجليزية شعبية على الشبكة. ولم يتجاوز مسلسل آخر على نتفليكس حاجز المليار ساعة مشاهدة سوى مسلسل الدراما الكورية الجنوبية “سكويد جيم” أو “لعبة الحبار”.

حرب ضد الوحوش

قصة المسلسل تدور حول عالم معاكس مليء بالوحوش التي يحاول بعض الأصدقاء قتلها وإغلاق البوابة بين العالمين

قالت الشركة إن “سترينجر ثينجس” تربع أيضا على رأس قائمة أفضل عشرة أعمال لنتفليكس في 91 دولة، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها مسلسل تلفزيوني باللغة الإنجليزية هذا الإنجاز.

وانتهت أحداث الموسم الرابع من المسلسل بإطلاق آخر حلقتين منه الأسبوع الماضي، ليهرع إلى مشاهدتهما متابعو المسلسل، مما أدى إلى تعطل التطبيق الخاص بالشبكة لفترة وجيزة.

وتدور قصة المسلسل حول عالم معاكس مليء بالوحوش، بينما يحاول بعض الأصدقاء قتل هذه الوحوش وإغلاق البوابة التي تصل بين العالمين بمساعدة العنصر إيلفن.

ويتناول الموسم الجديد تبعات معركة ستاركورت التي فقدت فيها إيلفن قواها الخارقة، ووضعت المجموعة في موقف صعب أثناء حربهم ضد الوحوش، حيث يواجه الأصدقاء هذه المرة نوعا من الشرور مختلفا وأقوى من كل ما عاصروه سابقًا.

وبدأ إطلاق السلسلة عام 2016، ليتوقف إثر بروز جائحة كورونا. ثم عاد لاحقا ويستكمل هذا العام موسمه الرابع والأخير، والذي قدم على مرحلتين، مع حلقات أطول وجرعة من “الرعب” أكبر مما عرفته الحلقات السابقة.

وبعد تأجيلها بسبب الجائحة عُرضت سبع حلقات على نتفليكس في مايو الماضي بمدد تتراوح بين سبعين دقيقة ومئة دقيقة، قبل طرح دفعة ثانية وأخيرة في الأول من يوليو الجاري تتضمن حلقتين من خمس وثمانين دقيقة ومئة وخمسين دقيقة.

وتعرض الحلقات الجديدة مجموعة من الأصدقاء في مدينة هوكينز الخيالية عام 1986، بعد ستة أشهر من معركة ستاركورت مول، حيث يواجهون تهديدات جديدة من عالم غير عالمنا الذي نعرفه.

إنتاج الأعمال الخيالية والمرعبة سينعكس على الأعمال الأدبية وسيشجع الكثير من الكتاب على اقتحام هذا النمط الأدبي

وقال الممثل الشاب نواه شناب البالغ من العمر 17 عاما إن الحلقات الجديدة “أقوى (من الحلقات السابقة) ومرعبة أكثر”، وقد زار باريس  مع بريا فيرغسون (15 عاما) للمشاركة في عرض أول للمسلسل بحضور 500 شخص.

وشدد في تصريحات له على أن “الجمهور يجب أن يكون مستعدا لمشاهدة عمل مخيف ودام إلى درجة أنه سيُضطر أحيانا إلى إشاحة نظره”.

ويأتي هذا العمل -بما حققه من رقم قياسي في المشاهدات- في وقت يواجه فيه عملاق البث التدفقي نتفليكس انخفاضا غير مسبوق في عدد المشتركين، بينما تبذل الشركة قصارى جهدها لترويج أحد أكثر أعمالها شهرة، بما في ذلك تنظيمها مهرجانا مخصصا للمسلسل في باريس.

وقد أعلنت نتفليكس أنها ستسدل الستار على هذه السلسلة مع جزأين تحاول من خلالهما الهروب من فخ تكرار ما سبق وتجديد مسارات العمل المنتج بدقة وعناية تراعي أذواق المشاهدين وتحملهم إلى مناخات مصنوعة بدقة لتحقيق أكبر قدر من التأثير.

الخيال والرعب

مخيف ودام إلى درجة أنك ستضطر أحيانا إلى إشاحة نظرك
مخيف ودام إلى درجة أنك ستضطر أحيانا إلى إشاحة نظرك

في السنوات القليلة الماضية لم تعد نتفليكس تكتفي بشراء الأفلام والأعمال الدرامية بغرض البث لمشتركيها، بل قررت اقتحام مجال الإنتاج. وقد بدأت بعملين ينتميان إلى عالم الخيال، ولكن مثل هذه الأعمال لا تنتج بسهولة نظرا إلى ما تتطلبه من إمكانيات كبيرة.

ويبدو التركيز على الخيال العلمي توجها اختارته المنصة في الأعمال التي تنتجها، وهو توجه ناجح نظرا إلى الإقبال المكثّف على جل أعمالها التي تتجاوز الواقعية والرومانسية القديمة وتقدّم أحداثا مثيرة بشكل غير مسبوق.

ولا شك أن نجاح أعمال تنتمي إلى الخيال والخيال العلمي جماهيريا يخفي توجها كاملا لدى المشاهدين على اختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم وشرائحهم العمرية، إذ على عكس ما يعتقده الكثيرون فإن الأعمال الخيالية أكثر رواجا من الأعمال الواقعية، وهو ما يضمر أسبابا نفسية واجتماعية واقتصادية وحتى سياسية، بعد بروز حالات الاختناق الاقتصادي التي تشهدها الكثير من الأقطار وإثر تعدد الأزمات والصراعات وسوداوية الواقع، ما جعل الخيال ملاذا للكثيرين وجعل المشاهد المرعبة تتحول إلى نوع من التطهير.

وهو ما تؤكده الدكتورة كارول بيرسون (مؤلفة أميركية ورئيسة معهد باسفيكا للدراسات العليا المتخصص في علم النفس ومديرة أكاديمية جيمس ماكجريجور للقيادة)؛ إذ ترى أنّ تغير المناخ والتهديد الإرهابي الذي يشهده العالم والتهديد النووي عوامل دفعت الناس إلى البحث عن منافذ لتفريغ شحنات خوفهم وغضبهم على هذا الواقع الغريب، فلم يجدوا غير أفلام الرعب، خاصة تلك التي تتحدث عن سيناريوهات نهاية العالم.

وسينعكس هذا بالضرورة على الأعمال الأدبية التي استغل البعض منها نتفليكس في إنتاج أعمال درامية خيالية مرعبة، ما سيشجع الكثير من الكتاب على اقتحام هذا النمط الأدبي.

13