الخلافات وتعطيل الجلسات يدفعان نحو احتمال حل البرلمان العراقي

النائب المستقل حسين السعبري يؤكد وجود توجه لجمع تواقيع لحل البرلمان والذهاب إلى الانتخابات المبكرة إذا بقى وضع المجلس معطلا.
الاثنين 2025/03/10
تعطيل مقصود يفقد البرلمان دوره الرقابي والتشريعي

بغداد - بات خيار حل البرلمان الأكثر تداولا في الأروقة السياسية، وهو ما أجمع عليه بعض السياسيين على الرغم من تعدد الآراء إزاء تطبيقه، وذلك في ظل الخلافات السياسية والتعطيل المستمر لجلسات المجلس وعدم التوصل لحل بشأن تمرير بعض القوانين المهمة رغم إدراجها مرارا على جدول الأعمال.

فقد كشف النائب المستقل حسين السعبري، الأحد، عن وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.

ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.

وقال السعبري في تصريح لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية إن "عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد جلسات مجلس النواب، تسبب لنا بمشكلة وحرج إضافة إلى أن هذا الأمر يعطل الدور الرقابي والتشريعي للمجلس".

وأضاف "طالبنا رئيس مجلس النواب بالذهاب إلى انتخابات مبكرة بدلا من التعطيل المستمر لعمل البرلمان"، مبينا أنه "إذا بقى وضع المجلس معطل هكذا، سنتجه لجمع تواقيع من النواب لحل البرلمان والذهاب إلى الانتخابات المبكرة".

وتأتي تصريحات السعبري قبل ساعات من إعلان مجلس النواب اليوم الاثنين استئناف جلساته الاعتيادية غدا الثلاثاء، للتصويت على ومناقشة عدد من مشاريع القوانين، بعد أن تأجلت الجلسة التي كان من المقرر عقدها السبت الفائت، لعدم اكتمال النصاب القانوني.

وبحسب جدول أعمال الجلسة الذي نشرته الدائرة الإعلامية بمجلس النواب فإنه يتضمن "التصويت على مشروع قانون التعديل الرابع لقانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم (20) لسنة 1998. والتصويت على قرار بالتوصية لوزارة التربية لإعادة العمل بنظام المحاولات، ومناقشة تقرير اللجنة النيابية المؤقتة لمتابعة الحفاظ على املاك الدولة".

كما ستجري خلال الجلسة "القراءة الاولى لمشروع قانون الغاء قانون تصديق اتفاقية اعفاء حملة جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة من سمة الدخول بين حكومة جمهورية العراق وحكومة جمهورية قبرص رقم (26) لسنة 2023. والقراءة الاولى لمقترح قانون التعديل الثاني لقانون المختارين رقم (13) لسنة 2011، وتقرير ومناقشة (القراءة الثانية) لمقترح قانون التعديل الرابع لقانون تدرج ذوي المهن الطبية والصحية رقم (6) لسنة 2000".

ويشهد مجلس النواب، تعطيلا مستمرا لجلساته، عبر عدم تحقق النصاب القانوني لعقدها، رغم إعلان جدول الأعمال وتحديد موعد الجلسة، فمنذ 16 فبراير الماضي لم يتمكن البرلمان من عقد جلسة له بسبب الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض القوانين، فيما جاء شهر رمضان ليزيد من التعطيل رغم تحويل الجلسات إلى المساء.

وفشل مجلس النواب، السبت، في عقد جلسته له بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني بسبب مقاطعة كتلتي صادقون النيابية وائتلاف دولة القانون لعدم إدراج فقرة قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي ضمن جدول اعمال الجلسة.

وكانت الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي قد بدأت في التاسع من يناير 2022، ومن المقرر أن تستمر لمدة أربع سنوات، مما يعني أنها ستنتهي في الثامن من يناير 2026.

ويواجه تعطيل جلسات البرلمان جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج الى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها وأبرزها قانون الحشد والموازنة وقانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب وقانون النقابات وقرار نظام المحاولات.

وفقًا للقانون الانتخابي رقم 12 لسنة 2018 المعدل، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوما من انتهاء الدورة البرلمانية.

وبناء على ذلك، من المتوقع أن تُجرى الانتخابات المقبلة في أواخر نوفمبر 2025.

وخلال الفترة الماضية، شهدت جلسات البرلمان الكثير من التلكؤ، وخاصة بعد تمرير القوانين الجدلية في سلة واحدة، وحتى قبلها كانت الجلسات تشهد كسر النصاب احتجاجا على تمرير القوانين.

ووفقا للنظام الداخلي، فإن السنة التشريعية للبرلمان من المفترض ان تعقد فيها 64 جلسة، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، إلا أن البرلمان لم يحققها.

وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بـ"الضحلة"، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.

وما يزال قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، يثير الجدل، وموضع مباحثات بين الكتل السياسية، ولا سيما سن التقاعد القانوني، حيث سرت أنباء أن إقراره يعني إحالة رئيس الهيئة فالح الفياض للتقاعد، وهو أمر غير متفق عليه سياسيا، كما نفى الإطار التنسيقي وجود نية لتغيير الفياض.

ولم تشهد الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي حتى الآن، سوى عدد محدود من الاستضافات كاستضافة وزيري الداخلية والاتصالات، وهذا يعتبر قليلا مقارنة بالدورات الأربع الماضية للبرلمان، التي شهدت الكثير من الاستضافات للوزراء.

وتأخذ محاولة تمرير أي قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.

ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.

ويواجه البرلمان العراقي، عقبات كثيرة تمنعه من ممارسة دوره الرقابي في إستجواب المسؤولين ممن أُشرت عليهم ملفات إخفاق في العمل والأداء وشبهات فساد وغيرها، إذ أنه لم يجر إلا استجوابات بنطاق محدود جدا، على الرغم من التصريحات المتكررة من قبل نواب عن تقصير وفساد في مفاصل الحكومة.