الخلافات مع عون تدفع الحريري إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة اللبنانية

اعتذار الحريري يثير انتقادات دولية واستنكارا لحالة الجمود السياسي المزمنة في لبنان.
الخميس 2021/07/15
اعتذار يقود لبنان نحو المجهول

بيروت  – أعربت الأمم المتحدة الخميس عن أسفها إزاء عدم تمكن القادة اللبنانيين من تشكيل حكومة جديدة.

وقالت إيري كانيكو، نائبة المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، "نعرف أن رئيس الوزراء ( المكلف سعد الحريري) استقال من مهامه، ونأسف لأن قادة لبنان لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة".

وجددت كانيكو دعوتها القيادة السياسية في لبنان إلى الاتفاق بسرعة على تشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة التحديات العديدة التي تواجه البلاد.

وفي وقت سابق الخميس، اعتذر الزعيم السني اللبناني سعد الحريري عن مهمة تشكيل حكومة جديدة.

واستنكرت فرنسا التي تقود الجهود الدولية في لبنان قرار الحريري، حيث اعتبره وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان "فصلا مأسويا إضافيا في عجز المسؤولين اللبنانيين عن إيجاد حل للأزمة، في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي" في البلاد.

وقال لودريان "إن هذا التدمير الذاتي المستمر شهد للتو فصلا جديدا ولكن لا يزال الوقت متاحا للنهوض مجددا. هذا الأمر يضع المسؤولين السياسيين اللبنانيين أمام مسؤولياتهم"، مبديا أسفه لاتخاذ الحريري قراره قبل أيام من الذكرى الأولى للانفجار المروع في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.

وكلف الحريري في أكتوبر الماضي بتشكيل حكومة جديدة عقب استقالة حكومة حسان دياب إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي، لكن جهوده باءت بالفشل في ظل إصرار فريق رئيس الجمهورية على فرض رؤيته للتشكيل.

وقال الحريري للصحافيين الخميس بعد اجتماع جمعه بالرئيس ميشال عون لمدة 20 دقيقة، "واضح ما رح نقدر نتفق مع الرئيس، ولذلك قدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة والله يعين البلد".

وتابع "التقيت مع الرئيس وأجرينا مشاورات في موضوع الحكومة، وخلال الكلام كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، واعتبرتها جوهرية في التشكيلة التي قدمتها".

وأضاف "وتناقشنا أيضا في الأمور التي لها علاقة بالثقة، والواضح أن لا شيء تغير، ويبدو أننا لا نتفق مع الرئيس، واقترحت المزيد من الوقت".

وكان الحريري تقدم الأربعاء للرئيس اللبناني بتشكيلة حكومية جديدة من 24 وزيرا من الاختصاصيين، بحسب المبادرة الفرنسية وبحسب مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وإثر اعتذار الحريري، ذكر بيان للرئاسة اللبنانية أن الحريري اقترح على الرئيس ميشال عون يوما واحدا إضافيا لقبول التشكيلة المقترحة، لكن الرئيس قال "ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلا".

واعتبر عون أن رفض الحريري لمبدأ الاتفاق على إجراء أي تغيير في الأسماء والحقائب، يدلّ على اتخاذه قرارا مسبقا بالاعتذار عن مهمة تشكيل الحكومة.

وأضاف البيان أن الرئيس سيحدد موعدا لجلسة بالبرلمان في أقرب وقت ممكن، بعدما اعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة.

ويأتي اعتذار الحريري بعد تسعة أشهر على تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة وأكثر من عشرين لقاء جمعه بالرئيس عون دون تحقيق اختراق، وهو ما من شأنه أن يعمق معاناة البلاد الغارقة في أسوأ أزماتها الاقتصادية.

ويتهم الحريري عون بمحاولته الحصول لفريقه (التيار الوطني الحر) على "الثلث المعطل" في الحكومة، وهو ما ينفيه الرئيس.

و"الثلث المعطل" يعني حصول فصيل سياسي على ثلث عدد الحقائب الوزارية، ما يسمح له بالتحكم في قرارات الحكومة وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

ويثير هذا الانسداد السياسي مخاوف اللبنانين، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يتخبط فيها لبنان، والتي يصنفها البنك الدولي على أنها إحدى أسوأ الأزمات الدولية خلال مئة وخمسين عاما.

وبعد إعلان اعتذار الحريري، خرج اللبنانيون في مسيرات احتجاجية كبرى تعبيرا عن رفضهم لحالة الجمود السياسي وخلافات الفرقاء السياسيين الذين لا يبالون بالأوضاع الاقتصادية الكارثية للبلاد، ولا ينصتون لمطالب المجتمع الدولي بضرورة تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة.

وانهارت العملة المحلية في لبنان مع نفاد الدولار في البلاد، وعدم وجود أي خطة إنقاذ للدولة. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400 في المئة. وأصبح الشجار في محلات السوبر ماركت شائعا الآن، وكذلك صور الأشخاص الذين ينبشون في القمامة بحثا عن الطعام.

ويشترط المانحون تشكيل حكومة تتوافر لها مقومات البقاء من التكنوقراط أو المتخصصين، قبل تقديم الأموال اللازمة بشدة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.