الخلافات لا تمنع ميلوني وماكرون من الاتفاق على دعم تونس

الخلافات والجدل سيستمران بين اليمين الإيطالي وحزب ماكرون حتى الانتخابات الأوروبية في يونيو 2024 إذ ثمة اختلافات عميقة بينهما حول مستقبل أوروبا.
الثلاثاء 2023/06/20
ماكرون وميلوني يختلفان في كثير من القضايا الأوروبية ويلتقيان في ضرورة دعم تونس

باريس - قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء إنه يشارك إيطاليا وجهة نظرها بشأن الحاجة الماسة لتقديم مساعدة اقتصادية لتونس في ضوء مشاكل الديون التي تواجهها البلاد.

وجاءت تصريحاته أثناء لقائه مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في باريس التي وصلتها في وقت سابق بعد خلافات كادت تتحول إلى أزمة دبلوماسية على اثر اتهام وزير الداخلية الفرنسي لميلوني بالعجز عن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتتنفيذ وعودها في هذا الشأن.

وفي وقت سابق من يونيو/حزيران، خفضت وكالة التصنيف الائتماني فيتش تصنيف تونس الائتماني إلى من سي سي سي+ إلى سي سي سي- وعزت ذلك إلى حالة عدم التيقن بشأن قدرة البلاد على جمع الأموال الكافية لتلبية احتياجاتها التمويلية.

وقالت جورجيا ميلوني الثلاثاء إن باريس وروما اتفقتا على ضرورة أن يعمل الاتحاد الأوروبي "بشكل عملي وجاد" على مساعدة تونس، البلد الذي شهد في الأشهر الماضية نزوحا جماعيا للمهاجرين إلى أوروبا.

وتقود ميلوني جهودا لدفع الاتحاد الأوروبي لدعم تونس في مواجهة أزمة مالية بينما تخشى من أن اي انهيار مالي قد تصل شظاياها إلى جدود الاتحاد الأوروبي في إشارة إلى أن ذلك قد يؤثر سلبا على جهود الحكومة التونسية في مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أعلن أمس الاثنين خلال استقباله وزيرة الداخلية الألمانية ونظيرها الفرنسي، رفضه القاطع لتوطين المهاجرين في بلاده بينما تتردد هذه الفكرة في الكواليس الأوروبية. كما رفض شروطا يطرحها صندوق النقد الدولي لمنح تونس قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.

وتسعى روما لحلحة هذه الأزمة وإعادة إحياء المفاوضات بين الحكومة التونسية والنقد الدولي، مشددة على الحاجة لدعم تونس في مواجهة أزمتها المالية.

وفي ما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، قالت ميلوني إن إيطاليا وفرنسا ستواصلان دعم جهود كييف في مواجهة الغزو الروسي.

واستقبل الرئيس الفرنسي في وقت سابق  رئيسة الوزراء الايطالية التي تزور باريس للمرة الأولى منذ توليها مهامها، في محاولة لتكريس عودة العلاقات إلى طبيعتها بين فرنسا وإيطاليا بعد سلسلة من الأزمات بشأن ملف الهجرة الحساس.

وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفيه فيران عبر محطة سي نيوز "إيطاليا هي ثاني أكبر شريك اقتصادي لنا هي شقيقتنا الأوروبية، هم جيراننا"، مشددا على الإرادة المشتركة لانجاز مشروع خط السكك الحديد المثير للجدل بين ليون وتورينو كدليل على "أن علاقاتنا قوية كما في السابق".

ومبدئيا ما من نقاط مشتركة بين ماكرون الذي يعتبر نفسه تقدميا مؤديا شرسا للوحدة الأوروبية وبين ميلوني التي ترأس ائتلافا محافظا متشددا وتنتمي إلى حزب فاشي النزعة وكان لها في السابق مواقف واضحة مناهضة للبناء الأوروبي.

وقد ظهرت التوترات إلى العلن سريعا. وبعد لقاء قصير غير رسمي في روما في أكتوبر بعيد تعيين ميلوني الفائزة بالانتخابات التشريعية، غذى ملف الهجرة هذه التوترات.

وقد رفضت إيطاليا في نوفمبر الماضي استقبال السفينة الإنسانية "أوشن فايكينغ" و230 مهاجرا على متنها ما دفع فرنسا إلى السماح لها بالرسو في موانئها منددة بالوقت نفسه بتصرف روما "غير المقبول".

وأثار وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في مايو الماضي سخط إيطاليا عندما رأى أن ميلوني "عاجزة عن تسوية مشاكل الهجرة التي انتخبت على أساسها"، لكن بموازاة ذلك، عملت الأوساط الدبلوماسية في البلدين على إعادة نسج العلاقات باسم المصالحة التي غالبا ما تتقاطع.

والتقى ماكرون وميلوني في قمم دولية عدة مع لقاء ثنائي استمر 45 دقيقة في هيروشيما خلال قمة مجموعة العشرين في مايو الماضي في اليابان. وأجرى وزيرا خارجية البلدين لقاء "حارا" نهاية الشهر ذاته في روما بعد ارتفاع منسوب التوتر مجددا.

ومطلع يونيو استقبل ماكرون نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا لتسليط الضوء على "العلاقات المميزة التي تربط" البلدين بمعزل عن من يحكمهما.

ويقول المؤرخ مارك لازار الأستاذ في كلية العلوم السياسية (سيانس بو) في باريس "رغم الاختلافات السياسية والإيديولوجية بين الحكومتين ثمة إدراك لدى ميلوني وماكرون بضرورة أن تتحرك فرنسا وإيطاليا بشكل مشترك. هذا يصب في مصلحة البلدين".

ويرى أن "ثمة وحدة موقف فعلية" بشأن الحرب في أوكرانيا وإعادة التفاوض بشأن الميثاق الأوروبي لاستقرار الميزانيات.

ومنذ توليها رئاسة الحكومة الإيطالية حرصت ميلوني على إظهار دعمها الكبير لكييف فيما أبدت موقفا فاترا حيال بروكسل.

وسيعاد التأكيد الثلاثاء على "الدعم المشترك لأوكرانيا" غداة إعلان الرئيس الفرنسي أن منظومة الصواريخ أرض-جو الفرنسية -الإيطالية "سامب-تي باتت منشورة على الأرض في هذا البلد.

وسيحضّر ماكرون وميلوني كذلك لقمة المجلس الأوروبي في 29 و30 يونيو وقمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس في 11 و12 يوليو.

ويقول جان-بيار دارنيس الأستاذ في جامعة لويس في روما "نلاحظ أن العلاقة بين فرنسا وألمانيا في الوقت الراهن ليست في أحسن حالاتها" مضيفا أن "من مصلحة" الثنائي ميلوني-ماكرون تعزيز "التلاقي" على صعيد الاقتصاد الأوروبي.

واعتبر أن هذا اللقاء "ضروري" إلا أنه يُعقد "بشكل متكتم تقريبا" على غرار ما حصل في أكتوبر في روما، فرئيسة الوزراء الإيطالية تتوجه إلى باريس في الأساس للدفاع عن ترشح العاصمة الإيطالية لاستضافة المعرض الدولي في 2030 في حين أن باريس تتقدم بطلب منافس.

وحذر مارك لازار أن "الخلافات والجدل ستستمر بين اليمين الإيطالي وحزب ماكرون" حتى الانتخابات الأوروبية في يونيو 2024 إذ ثمة اختلافات عميقة بينهما حول مستقبل أوروبا ما قد يؤثر على عودة العلاقات إلى طبيعتها".